لازلنا نقول بأنه حينما شرَّع الإسلام القوانين والأحكام انطلق من أن المؤمن سيطبقها مستحضرا ضميره وخوفه من الله عز وجل .
لماذا نعتبر المرأة ناشــزا ً
لو كان أمر الزوج الموجب للطاعة مخالفا للشرع (مجرد هوى) ..؟؟
هذا ولقد بهتنا تعليق لأحد السادة الأفاضل من أهل العلم والخبرة يعلق فيه بكل أدب وإحترام مستخدما أفضل أساليب آداب الحوار ولباقة اللغة واللسان على ما جاء مسبقا ً في الجزء الأول من المقال
(( هل من حق الزوج إكراه زوجته على المعاشرة الجنسية دون رضاها )
ويحمد له هذا ونشكره
ولا إنكركم القول بإنني حقا ً بغت بالرد وكنت أتمنى أن أضيفه للمقال حتى يستفيد منه أكبر عدد ممكن ولكننا هنا نستدرجه للإجابة على بعض الأسئلة علنا جميعا ً نستفيد ونفيد
والسؤال الأم هنا :
كيف يكون الزوج قاضيا ً وجلادا ً في نفس الوقت ؟؟
قاضيا ً يحكم بنشوز زوجته وجلاد ينفذ الحكم بالضرب والإمتناع عن النفقة والكسوة !!!
الواقع أنه يجب التمييز بين الطاعة العمياء التي تفرضها الأعراف والتقاليد على الزوجة ، وبين إحترامها لإلتزامات الحياة الزوجية وإلتزامها بها .
ونتساءل :
لماذا نعتبرها ناشزا بإعتبار أمر الزوج الموجب للطاعة فرضا ً ، حتى ولو كان مخالفا للشرع (مجرد هوى) ، و لا نعتبرها ناشزا عندما تمتنع عن فضل .. كإعطاءه مالها لو كان عندها مال ، ونقول إن أعطته ففضل منها ؟؟
(( شرح زاد المستقنع .. باب عِشرة النساء .. النشوز وأحكامه .))
وحسب هوى الزوج وتحت ضغط فكره وثقافته وبيئته
وتبعا لطاعة المرأة ورفضها
فجأة تجد المرأة نفسها في بيت طاعة
مفروش حسب الشرع
بموجب حكم واجب النفاذ
ومن هنا سندخل إلى
الآية التي يتخذها البعض دليلا على النشوز والقوامة ويكيفونها قانونيا ً وعرفيا ًَ لتبرير إستخدام العنف و ضرب النساء :
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَالَّلاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا
( سورة النساء ، آية 34 و35 )
هذه الآية، وكما هو متوقعا ، ثار الكثير من الجدل والنقاش حولها ولايزال بل وسيستمر ، ولا غرابة في هذا ، لأن الناس دأبت على أن تتعامل مع النص الشرعي بانتقائية وتجزيئيه " إنتقاء ما نريد بتجزيئ الآية " ، بحيث نخفي منها ما نشاء و نبرز الذي يلبِّـي رغباتنا أو ما في نفوسنا من حاجات ، وقد إستخدم أهل السلف حسب فكرهم " وهذا لا يعيبهم .. فــلكل زمان ومكان .. خصائصه " إستخدموا " آية النشوز أو القوامة " من أجل تبرير كل أشكال العنف الممارس على المرأة ، وذلك بحجة اتقاء الفرقة أوالطلاق ، وقلدهم أهل الخلف عبر قرون طويلة متناسين أن ما كان يتناسب زمان ومكان أهل السلف لا يناسب والظروف الحالية من زمان ومكان
ولكننا لازلنا نقول بأنه حينما شرَّع الإسلام القوانين والأحكام انطلق من أن المؤمن سيطبقها مستحضرا ضميره وخوفه من الله عز وجل .
ونجد هنا أن الآية تشير إلى الزوجة الناشز فقط ، ولم تعم كل الزوجات .
ولنتعرف أولا ً على النشوز :
فالنشوز هو ما نفق وارتفع عن سطح الأرض .
والمراد من المعنى في الآية الكريمة بالزوجة التي نشزت :
أي تلك الزوجة التي إستعلت أو إستعصيت على زوجها أن يطولها وتعالت على حقوقه ولم تؤدِّها على أكمل وجه ولم تلتزم بما تعهدت به بمجرد قبولها الزواج منه .
فالنشوز بهذا المعنى ليس عصيان هوى الزوج إنما عصيان ورفض القيام بالواجبات الزوجية بأنواعها المتعددة بإصرار وعناد وبدون مبرر .
وهذا ما تبينه فتوى المفتي الأتي ذكرها والتي يمكن أن يتخذها البعض عكس المراد منها
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا ثبت ما ذكرت عن زوجتك من امتناعها من فراشك وخروجها من بيتك بغير رضاك فهي ناشز ولا سكنى لها ولا نفقة حتى ترجع إلى طاعتك في المعروف ، ولا يجوز لها أن تطلب الطلاق لغير ضرر واقع عليها من البقاء معك ، وإذا طلبته في هذه الحالة فلك الامتناع من طلاقها حتى ترجع إلى طاعتك أو تفتدي منك بمال ، ولا يلزمك الوفاء بما وعدتها به من عدم الزواج عليها لاسيما أنها لم تف بالشرط وهو عدم التقصير، وإذا كنت أقسمت على ذلك بالله فلا تلزمك فيه كفارة وذلك لتقصيرها ، ولتفاصيل أكثر في هذه المواضيع تراجع الفتاوى التالية أرقامها: 15612، 39936، 12963، 26747.
وأخيرا ننصح السائل بعدم الاستعجال في أمر الطلاق واستعمال الحكمة في اتخاذ أي قرار في هذا الشأن فإن مفاسد الطلاق عظيمة وآثاره سيئة ، ولاسيما على الأولاد ، وهذا أمر معلوم .
والله أعلم.
المفتـــي : مركز الفتوى
وهنا نجد أنفسنا أمام ما يعرف بالعنف المشروع
ودور المؤسسة الدينية وفتاوى بعض شيوخ الدين كلا ً حسب فهمه ومفهومه في استمرار العنف ضد المرأة
وما بالنا ومشايخ الزوايا والمساجد المنزوية
واللذين لم يألوا جهدا ً في تبرير ذلك العنف
وبحثا ً في تراثنا وجدنا أن عدد من الفقهاء حمل هذا المفهوم على أنه امتناع الزوجة من فراش زوجها كبداية لرواياته .
وهكذا أجمع الخلف على أنه ليس للمرأة حق أن تمنع نفسها من زوجها حتى ولو كانت على ظهر بعير ، بل يجب عليها أن تلبي طلبه كلما دعاها ، فإن امتنعت من غير عذر كانت عاصية ناشزا ، وبالتالى ذهب الفقه مباشرة إلى أقسى العقوبات من دون ضرورة البدء بما أمرت به آية النشوز، آلا وهو الوعظ والإرشاد . بحيث قال البعض أن مثل هذه الزوجة تسقط نفقتها وكسوتها .
وها هو كما يسمونه شيخ الإسلام ابن تيمية يجيب سائل عما يجب على الزوج إذا منعته زوجته من نفسها إذا طلبها ويقول :
(( لا يحل لها النشوز عنه ، ولا تمنع نفسها منه ، بل إذا امتنعت منه وأصرت على ذلك فله أن يضربها ضربا غير مبرح ، ولا تستحق نفقة ولا قسما )) .
وسئل عن رجل له زوجة وهي ناشز تمنعه نفسها فهل تسقط نفقتها وكسوتها وما يجب عليها ؟
فأجاب:
" تسقط نفقتها وكسوتها إذا لم تمكنه من نفسها ، وله أن يضربها إذا أصرت على النشوز. ولا يحل لها أن تمتنع من ذلك إذا طالبها به، بل هي عاصية لله ورسوله، وفي الصحيح: " إذا طلب الرجل المرأة إلى فراشه فأبت عليه كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى تصبح " رواه مسلم ...
ومع أنه لا يوجد شيء بظاهر المعنى يصف المرأة التي تمتنع من فراش زوجها بأنها ناشز، ولعل الفقهاء والمفسرون يربطون بين آية النشوز والحديث ( ثلاثة لايقبل الله لهم صلاة : إمام قوم وهم له كارهون ، وإمرأة باتت وزوجها عليها غضبان ، وأخوان متصارمان ) والحديث الذي رواه البخاري ( إذا دعا رجل إمرأته إلى فراشة ، فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ) فقد انتشر لدى الفقهاء هذا المعنى ، ولعله خلطٌ فيما بين آية النشوز والأحاديث ورغم أن عقوبة النشوز جاءت مرتبة ترتيبا تصاعديا ، من الوعظ والإرشاد مرورا ً بالأشد ، ولكننا نرى كيف أن الفقهاء تجاوزوا وسمحوا بالأشد وبقطع النفقة والكسوة والضرب ، وتدارسوه ودرسوه وتقولوا به في خطبهم وتعاليمهم ..
وبذلك .. أصبح الحكم بيد الجلاد !!
ولكن السؤال الأم هنا :
كيف يكون الزوج قاضيا ً وجلادا ً في نفس الوقت ؟؟
قاضيا ً يحكم بالنشوز وجلاد ينفذ الحكم بالضرب والإمتناع عن النفقة والكسوة !!!
والحقيقة التي تغافل عنها الجميع أن كلا الزوجين قد يقع في النشوز فإذا قصر أحدهما في أداء حقوق هذه الزيجة ، وقع في ما يسمى بالنشوز.
وعلى ذلك فالنشوز يكون من الزوج أيضا ً لزوجته، إعتمادا ً على الآية الكريمة
( َإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضاًً ) النساء 128 .
وهنا تساؤل موجه للسادة السدنة من أهل العلم والخبرة القضائية :
هل يمكن تعريف الزوج بأن يكون " ناشزا " كما هو سائد في تعريف الزوجة " الناشز " .. ؟
وكيف يمكن للزوجة ان تعامل زوجها الناشز الذي يصدها ولا يهتم بعواطفها ولا يشبع حاجتها كما اوصى الشرع ؟
كما ويجب علينا أن نستوضح منهم :
الشرع سمح بهجر الزوج فراش زوجته في حالة نشوزها، فهل يسمح للزوجة بهذا الحق في حالة نشوز زوجها ؟
هل في مثل الحالة السابقة يحق للزوجة إقامة دعوى طاعة ضد الزوج ؟؟
ولماذا لا نجد هذا البند " نشوز الزوج " فى التشريع المرتكن للشريعة ؟؟
هذا هو السؤال الثاني
الذي نتوجه به للسادة مشايخنا الكرام والسادة القانونين لعلنا نجد ما يمكن أن نبرر به لماذا نحن فقط كعرب مسلمين نقنن تطبيق العنف الأسري
ولنا لقاء آخر بإذن الله
محمد عابدين
التعليقات (0)