لم تعلن السعودية موقفها حتى الآن فيما يتعلق بالمجلس الانتقالي الليبي الذي يخوض منذ أشهر معركة صعبة تهدف إلى الإطاحة بالقذافي، وتحظى بغطاء دولي واسع من قبل حلف النيتو والقوى الغربية الكبرى، إضافة إلى الجامعة العربية، ودول خليجية غنية بالنفط، رغم أن زوال القذافي يعتبر واحداً من أماني الرياض القديمة.
وقالت تقارير صحافية قبل أسبوعين أن الرياض منعت مرور طائرة تقل وفداً رفيع المستوى من أعضاء المجلس الانتقالي الليبي، من المرور عبر أجوائها، خلال جولة خليجية للمجلس الثوري، في موقف أعتبره مراقبون أنه عدم رغبة سعودية بالاعتراف بالمجلس الثوري الجديد، أو التدخل في الأزمة من الأساس.
وقال مسؤول ليبي رفيع تحدثت معه "إيلاف" خلال زيارة له إلى دبي الأسبوع الماضي أن السعودية تعاملت مع الأمر وفق "القانون الدولي بأن الثوار لا علاقة لهم بهذه الطائرة التي تعتبر ملكا للحكومة الليبية ولا تزال الرياض تعترف بها" على حد تعبيره.
وكان مسؤول الشؤون الخارجية في المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا علي العيساوي قد ألغى زيارة كانت مقررة إلى قطر بعد تعثر جهود حصوله على تأشيرة لعبور الأجواء السعودية، إذ قالت مصادر إعلامية أن العيساوي برفقة ثلاثة من مسؤولي المجلس انتظروا نحو عشرين ساعة في مطار القاهرة قبل أن يعودوا مجددا إلى شرق ليبيا.
وأكد المسؤول الإعلامي في المجلس محمود شمام، وهو لسان الثورة المتحرك في كل القارات، في لقاء مع "راديو سوا" أن "القرار السعودي فني إداري وليس سياسيا ويتعلق بقرار إداري يخص الطائرات التي تحاول العبور من ليبيا".
ومن الرياض قال مصدر مطلع في وزارة الخارجية السعودية أنه "لا توجد هنالك طائرة منعت من المرور فوق الأجواء السعودية من الأساس وأن هذا لا يعدو كونه مجرد فبركات صحافية لا أساس لها من الصحة" على حد تعبيره.
ويبدو أن الرياض تؤيد ضمنياً زوال القذافي، لكنها لا تريد التدخل في الأزمة من قريب أو بعيد، نظراً لأن طبيعتها المحافظة سياسياً تجعلها أكثر حذراً في تأييد الثورات العربية، على الرغم من التعاطف الشعبي معها، خصوصاً وأن لها تاريخاً مريراً مع الجمهوريات الثورية العربية، التي غالباً ما يكون تصدير الثورة أولى أهدافها.
ورغم ذلك فإن حالة البرود بين السعودية والثوار الليبيين، ومجلسهم السياسي، لا تخفى على أحد، لدرجة أن المجلس الانتقالي طلب تدخل الشيخ صباح الصباح، أمير الكويت، للتوسط لدى السعوديين، إلا أن الكويت، المشهورة بسياستها الخارجية السوريالية مؤخراً، فضلت "التريث حتى تقرأ كتاب الرياض من جديد" على حد تعبير مصدر مطلع.
ولم يزر وفد المجلس الانتقالي الليبي السعودية، وهي الدولة الكبرى الوحيدة على الخارطة العربية، بعد دخول مصر غيبوبة الثورة التي لن تستيقظ منها قريباً، وتأرجح سورياً تحت التظاهرات العنيفة، نظراً لأن الوفد لم يتلق دعوة من الرياض للزيارة، بينما تقول مصادر الرياض، والمقربين من صناع السياسة فيها، أنه لم تتلق طلباً للزيارة أيضاً.
وهذا يعني أن كلاً منهما لا يزال متردداً في القيام بالخطوة الأولى.
ولدى المملكة السعودية قائمة لا حد لها من الأسباب التي تجعلها تهلل فرحاً لرؤية القذافي في قفص العدالة الدولية، أو بعيداً عن الحكم في ليبيا، إذ لا توجد في القاموس السياسي كله كلمة سيئة تصف طبيعة العلاقة بين الرياض المحافظة، والعقيد الثوري، تمام الوصف حتى الآن.
وحاول القذافي اغتيال العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز حين كان ولياً للعهد، وكذلك وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل.
ويقول مراقبون خليجيون أن السعودية ترى أن أمن الخليج هو أكثر ما يهمها في هذه اللحظة، و"ليبيا بعيدة جداً عن المحيط الأمني الوطني للمملكة التي ترى في الثورات العربية والبرنامج النووي الإيراني اكبر تهديدين لها" على حد تعبيرهم.
التعليقات (0)