لمــاذا لا يتجــه الإدّخار إلى سبائـك الذهــب؟
مصعب المشرّف
1 أبريل 2019م
أعلن البنك المركزي عن جاهزية كافة المصارف لإستقبال التدفقات النقدية من المواطنين . وذلك بزيادة ساعات العمل.
هذا الإعلان أدهش الجميع الفقراء منهم والأغنياء . فكيف يتوقع البنك المركزي أن يسارع الناس ويزدحمون على أبواب البنوك ليودعوا أموالهم النقدية . في الوقت الذي لم تعيد إليهم هذه البنوك أموالهم التي أودعوها من قبل؟
وفيما يتعلق بالعملة فئة الخمسين جنيها هناك ضبابية في الأمر ..... فقد سبق هذا الإعلان المشار إليه أعلاه من البنك المركزي ... سبقته إشاعات بصدور قرار وشيك لتبديل العملة فئة 50 جنيه ؛ وإعتبارها غير مبرئة للذمة بعد مرور فترة 45 يوم من صدور هذا القرار.
في هذه الحالة سيكون كل حامل أو مدخر للعملة فئة الخمسين جنيها مضطراً للخضوع والإذعان لقرار البنك المركزي . وسيذهب مقهورا بظلفه ليودع كل ما ملكت يداه من هذه الفئة المالية في حسابه الشخصي أو التجاري المصرفي ..... وكان الله في عونه.
وبحسب تصريحات تتناثر إلى وسائط المعلوماتية من هنا وهناك . فإنه يقال أن 98% من العملة فئة الخمسين جنيه متواجدة حاليا في أيدي الناس ، ومتداولة بينهم .... وأن صدور العملة فئة الخمسمائة جنيه لن يكون سوى إضافة صفر إلى عملة الخمسين جنيه . وبحيث تصبح القيمة الشرائية لفئة الخمسمائة جنيه هي نفس القيمة الشرائية لفئة الخمسين جنيه ...... بمعنى أن السلع والخدمات التي كان يحصل عليها الشخص بتكلفة خمسين جنيه . سيحصل عليها عما قريب بتكلفة خمسمائة جنيه.
هناك ملاحظة قانونية ومالية هامة تغيب عن أذهان البعض من خلال الحار التفاعلي الدائر في وسائل التواصل والمعلوماتية ....... فالنظام العالمي المصرفي لا يخمل المودعين خسائر البنك .. وإنما الذي يتحمل هذه الخسائر هم الشركاء المساهمون (مالكي البنك) .... وحيث يلزم القانون البنك المركزي في أي دولة أن تضمن للمودعين أموالهم التي يمتلكونها في حساباتهم بأي بنك ....... ولكن يبدو أن المركزي لدينا عامل "طناش" ....... وهو طناش يعتمد فيه على عدم وعي المواطن البسيط بحقوقه ..... حقوقه المالية هذه التي يإمكاه أن يحصل عليها بكافة الطرق القانونية عبر المحاكم داخل وخارج السودان.
على أية حال فقد كشفت أزمة السيولة التي تسببت بها عوامل عديدة أبرزها رفع سعر الدولار الجمركي عام 2018م ..... وتساهل البنوك (خضوعاً للإملاءات السياسية والحزبية الحاكمة) في منح القروض والتسهيلات الإئتمانية ؛ بدون ضمانات كافية للعديد من تجار الحزب الحاكم وغيرهم من المقربين والساسة وقيادات المصالحة والوفاق والأصهار والنسابة ....... كشفت هذه جميعها عن أن أصحاب المدخرات المالية في البلاد مخطئون تماما في أسلوب الإحتفاظ بمدخراتهم وأموالهم ...... حتى أولئك الذين لجأوا إلى تحويل هذه المدخرات إلى عملة الدولار أو اليورو ؛ وغيرها من عملات عالمية على قناعة واهمة منهم أن أسعارها ثابتة.
ربما يكون سر الدولار في داخل السودان يرتفع في مواجهة الجنيه .... ويظنه البعض ثابتاً ....... ولكن هذا الإرتفاع داخل السودان وهمي لا يعكس القيم الحقيقية للدولار في الأسواق العالمية ...
فالدولار يتعرض خارج السودان وفي الأسواق العالمية إلى حالات كثيرة من تذبذبات الإرتفاع والإنخفاض في مواجهة العملات العالمية من جهة وسبائك معدن الذهب والمعادن النفيسة الاخرى ......... والثابت والمؤكد أن قدرة الدولار الأمريكي الشرائية الحقيقية تظل هي الأخرى الأكثر تعرضا للإنخفاض في الأسواق العالمية للصادر منها والوارد على حدْ سواء ....... وهو ما يعتبر أحد عوامل وأسباب تصاعد الأسعار للسلع والخدمات والمكونات الخارجية التي يتم إستيرادها للسودان . وكذلك إنخفاض قيمة الصادر الحقيقية أحياناً كثيرة ..
عموما .. فإن ما فات قد مات . ولا فائــدة من البكاء على اللبن المسكوب.
ولكن فليكن هناك إعادة نظر لما هو آت .....
ومن ثم .... فمن جميع ما ذكر أعلاه بتبسيط شديد . فإن النصيحة لكل من يمتلك مدخرات نقدية في هذا الزمان بالذات هو أن يتجه إلى شراء وإقتناء السبائك (وليس المشغولات) الذهبية ؛ كأفضل ماعون من مواعين الإدخار والإحتفاظ بالأموال في حرزٍ أمين ؛ بعيداً عن سـطــو القطط السمــأن ، الذين لم يتحولوا إلى قطط سمان بهذه الشراهة وطول الأظافر المخربشـة ؛ لولا أن هناك من يقف خلفهم ويحميهم ويجنبهم المساءلة والمصادرة والسجون ..... بل ويسارع إلى إخراجهم منها قبل دخولهم إليها ...
وكذلك ينبغي الإشارة إلى أن القوانين المالية النقدية التي صاحبت فرض قانون الطواريء . لم تشمل مدخرات المواطن والتاجر من سبائك المعادن النفيسة . وهو ما يجعل من التوجه نحوها الحل الأفضل....... وكـِلتا الحُسنيين.
التعليقات (0)