صحف وطنية- الوسط التونسية:
بمباركة بابوية أطلق الفاتيكان الأسبوع الفارط موقعاً خاصاً به لأفلام الفيديو
القصيرة على موقع يوتيوب العالمي على شبكة الانترنت سيتيح لزواره بأن يطلعوا
مباشرة على أنشطة البابا بنديكتوس السادس عشر الذي صرح بهذه المناسبة أن
"التكنولوجيات الرقمية الحديثة تؤدي الى تغييرات أساسية في العلاقات البشرية
ولا سيما في صفوف الشباب". ولئن حذر البابا في رسالته من بعض المخاطر التي
تتضمنها شبكة الانترنت حين تبعد الإنسان عن "الواقع اليومي" أو حين
تنشر" كلمات وصورا مهينة " فقد أكد أنها "هبة فعلية للبشرية".
هذا الخبر الذي تداولته وكالات الأنباء الدولية حول البابا الألماني المحافظ غير
المعروف بميله للحريات، إلى جانب خبر مماثل عن الساكن الرئاسي الجديد للبيت الأبيض
الأمريكي السيد أوباما الذي افتتح بدوره نافذة جديدة في موقع يوتيوب يطل من خلالها
على مواطنيه وأنصاره في الولايات المتحدة والعالم، حرك فينا كتونسيين وتونسيات
الكثير من "المواجع" القديمة الجديدة وذكرنا بخيبتنا الالكترونية
المستمرة في مجال حرية الإبحار الافتراضي ببلادنا رغم بعض النداءات والنضالات
و"الاستجابات". تلك الخيبة الراجعة إلى حجب العديد من المواقع والمدونات
بما فيها موقع يوتيوب المهم والمفيد جدا، لم يخفف منها قليلا سوى القرار الرئاسي
منذ خمسة أشهر بإعادة فتح موقع فايسبوك بعد أن تم حجبه لمدة أسبوعين في تونس. وقد
أثار حينها ذلك المنع المفاجئ وغير المعقول لأكبر شبكة تواصلية اجتماعية صاعدة في
العالم موجة عارمة من الاحتجاجات التونسية المشروعة وجدت بسرعة آذانا مسؤولة صاغية
وقرارا سريعا لقي الترحيب والارتياح. إثر ذلك لم يعد ثمة مبرر واحد (وجيها كان أو
غير وجيه) لتواصل إغلاق موقع يوتيوب (الثالث عالميا)، بما أنه يتقاطع مع موقع
فايسبوك (الثامن عالميا) في مجال التنزيلات السمعية البصرية، بل إن هذا الأخير
يفوقه، رغم طريقة النفاذ عبر البريد الالكتروني، بخدمات إضافية متنوعة في مستوى
التراسل و التخاطب الفوري وتبادل الصور و المقالات والتسجيلات القصيرة لفائدة
الهواة والمحترفين مثل الفنانين والإعلاميين والرياضيين والسياسيين والمهتمين
بالسياحة والتجارة... مع العلم أن الموقعين يتضمنان حدا أدنى من الرقابة الداخلية
الخاصة بهما ضد التجاوزات وفق معايير المشرفين عليهما.
لذلك، نعتقد أن على الوكالة التونسية للانترنت، إن كانت هي المسؤولة فعلا عن مشكلة
الرقابة الالكترونية المفرطة المسيئة لسمعتها وسمعة تونس بأكملها، أن تكون منطقية
مع نفسها على الأقل، فتتدارك أخطاءها المتراكمة بالمبادرة إلى إعادة فتح موقع يوتيوب
وأخواته (مثل دايلي موشن) ما دامت قد رضيت (ولو على مضض) برفع الحجاب رقم 404 عن
"جنة " فايسبوك الساحرة والمثيرة للجدل أمام الجمهور التونسي المتعطش
للتواصل والمعرفة والصداقة والانفتاح على الآخر.
ومهما يكن من أمر، سنبقى متفائلين، لأننا نعتقد أن وكالتنا العتيدة لن ترضى بأن
تصبح أقدم وأكبر مؤسسة دينية محافظة في العالم (الكنيسة الكاثوليكية) أكثر تحررا
وانفتاحا منها على " الجيل الرقمي" الذي نرفع رايته صباحا مساء في
خطابنا الرسمي. ولعل الأيام القادمة ستأتينا ببركات قداسته الالكترونية وتفتح
أمامنا أبوابا أوسع من الأمل في تونس... لنرفع الأكف حتى يرفع الحجاب! واصبر يا
زياد !
نقلا عن صحيفة الوحدة التونسية
الأسبوعية - لسان حزب الوحدة الشعبية- العدد 624 - 31 جانفي 2009
التعليقات (0)