هناك كلمة في تعريف السياسة للكاتب والشاعر الفرنسي الشهير بول فاليري: (السياسة هي فن منع الناس من التدخل في الشؤون التي هي شؤونهم) أعتقد ان الحكم المستبد استطاع فهم هذه الفكرة،حين منع الناس-بقناعتهم- من التدخل في إدارة حقوقهم وعلاقاتهم !! لذا يمارس الحاكم الاستبداد والطغيان بدون عوائق تذكر، والسبب هو عدم وجود أي اداة يمارس فيها الشعب الضغط على السلطة ويحول دون هذا الاستبداد والتلاعب!، السلطة وحش مفترس لابد من ترويضه..والترويض يكون بتكافىء القوة بين الحاكمين والمحكومين، وقد وعى العالم المتقدم والمتحرر هذه الحقائق بعد قرون من الاستبداد والظلم.. وقد اكتشف العالم ان اكثر وسائل كبح جماح الاستبداد هو في تقصير مدته، يقول منتسكيو(في كل هيئة قضائية لابد أن نوازن عظمة القوة باختصار مدتها)..ومهما حاول الانسان الادعاء بانه عدل بدون كوابح وقوة تمنعه فهو في النهاية سيجد نفسه معتديا ومستبدا (ان حكم الانسان للانسان مهما تنكر وراء اسماء مختلفة لايعدو ان يكون قمعا) كما يقوله برودون،
ان الشعب هو مصدر الشرعية..سواء سميناه (شعبا) وفقا للتسميات الغربية الما بعد الثورة الفرنسية ،او سميناه (الاجماع) وفقا للادبيات الاسلامية..المهم ان المجتمع هو مصدر القبول وشرعية البقاء للسلطة ، نحن لانتحدث عن مصدر التقنين والاحكام فهذا شأن اخر،انما نتحدث عن مصدر شرعية السلطة وتواجدها لحكم المجتمع وادارة مواردها البشرية والمعنوية والمادية..!! انا اعي ان كون الشعب(الاجماع) هو مصدر السلطة ليس معناه ان يكون الحكم صوريا..كلا،فالتفويض هو اعطاء صلاحيات..لكنه ليس قطعا لاصل المصدر.. ويلخص هذه الفكرة المركزية مقوله تنسب للفرنسي ريفارول(هناك حقيقتان: 1- ان السلطة تكمن في الشعب 2- انه لابجب على الشعب ان يمارسها ابدا)... اذن لااحد يطالب ان يكون الشعب حاكم نفسه مباشرة (خارج النظريات الفوضوية السياسية)..ولكن هذا لايعني ان تنزع مصدريته للشرعية..لان هذا الانتزاع سيحرق كل ما يملكه الشعب لضمان اعتدال السلطة ومحافظتها على اهدافها الاساسية..
ان الحاكم ليس غبيا..ولنتذكر عبارة فاليري الافتتاحية..فمقدرة الحاكم على منع الناس من التدخل في مصالحهم هي ممارسة واعية من السلطة،وبالتالي فهي منع كل البرامج التي تؤدي الى نموقوة شعبية تمنحه التدخل رغما على السلطة..! وعندما ننظر حولنا نستغرب وجود فقر دم حاد للقوى الاجتماعية..!! لاافهم كيف يكون بلد كبلدنا في حضوره الاقتصاديي والدينيي والتاريخيي والسياسيي ومع ذلك لاتوجد رموز اجتماعية وطنية..!!السبب عدم وجود مؤسسات مدنية او اجتماعية تساهم في اكتشاف القيادات الوطنية المدنية وتنميتها وتقويتها ومنحها قوى شعبية تقوم بموازنة القوة السياسية الحاكمة..!! حين تكون السلطة فردية حتى في تشريعاتها فهي سلطة مطلقة غشوم..لاكابح لها البتة! وعندما تكون لها مصادر تشريعة لكن لاتوجود ضمانات لالتزام الحكومة بهذه التشريعات فهي حكومة مستبدة لانها مستقلة عن القوانين التي تمارس بمقتضاها،
في كلا الحالين لاضمان الا بوجود اداوات ضغط مدنية واجتماعية تجعل السلطة تعترف بحقوق مصدر شرعيتها الاساس..وهو الاجماع(او الشعب) |
التعليقات (0)