تثير حادثة انتحار الأردني عبد الرحمن البريزات قائد خلية اختطاف وقتل المتضامن الايطالي فيكتور اريغوني، بعد أن ألقى قنبلة يدوية على زميليه فقتل أحدهم وأصاب الآخر، تساؤلات عديدة حول الدوافع التي دفعت الشيخ عبد الرحمن للانتحار، وأعتقد أن كل مراكز الأبحاث والمحللين الأمنيين والأطباء النفسيين، يتقاطعون بأن عبد الرحمن البريزات انتحر بدافع دفن سر خطير يقف خلفه، ففضل الموت وهو ينتمي للسلفية الجهادية، أفضل له بأن يموت وهو ينتمي لجهاز استخباراتي ما أو لدافع آخر، وبذلك قتل نفسه وقتل من معه، وأسدل الستار عن سر كان يتمنى الشعب الفلسطيني بكل مكوناته معرفة الدوافع والأهداف الرئيسية والجهات التي تقف خلف الجريمة النكراء التي استهدفت اريغوني، والتي لا تخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي عبر سعيه الدائم لوقف حملات التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني المحاصر.
بصراحة حزنت كثيراً وأنا أسمع صراخ أم بلال العمري – رحم الله بلال- وهي تصرخ على ولدها، ولسان حالي يقول من لهؤلاء المضللين، وأنا أعلم علم اليقين بأن الجميع مارس معالجات فكرية لمعظمهم، وهناك الكثير من شباب تلك الجماعات تراجع واستقام، ولكن لربما بقي البعض يسير في هذا الفلك المظلم، والذي لا يمت للسلفية الجهادية بصلة، لأن الشعب الفلسطيني المسلم هو سلفي بفكره وممارسته، وهو شعب مجاهد بصبره وصموده وكفاحه الذي امتد لقرون طويلة، فلسنا بحاجة لأفكار هدامة تضلل شبابنا، ولا أحد يستطيع الجزم من يقف وراء تلك المواقع الالكترونية التي يستقي منها هؤلاء الشباب أفكارهم، فنحن أمام أجهزة استخبارات تمتلك من التقنية والمال والخبرة الكثير، وهنا أسرد قصة أحد أساتذة الشريعة في الجامعة الإسلامية والذي اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي، وحقق معه خبراء من جهاز الشاباك، ولكن دون جدوى، فكان البديل للشاباك أن يستعين بعالم دين مرتبط مع جهاز الشاباك، وأدخل الدكتور الفاضل إلى زنزانة يتواجد بها هذا العالم، وبدأ الدكتور بتبادل أطراف الحديث حتى وصلت الثقة بينهما إلى تقديم الدكتور لهذا العالم العميل ليخطب الجمعة ويؤم المعتقلين الموجودين في السجن، وفعلاً استطاع العالم أن يأخذ اعترافات هذا الدكتور ويوصلها للشاباك، وحكم حينها بالسجن على الدكتور.
خلاصة هذه القصة الحقيقية بأن أجهزة الاستخبارات العالمية تمتلك نخبة مثقفة في شتى مجالات المعرفة البشرية، ويقومون بالتنظير لأفكار تخلق مبررات التدخل العسكري، أو استنزاف الدول العربية والإسلامية، وحالنا في قطاع غزة أكثر خصوصية من غيرنا من المجتمعات الأخرى، لأننا نرضخ تحت الاحتلال، وبذلك يرغب الاحتلال إلى شق الصفوف واستنزاف القوى الوطنية والإسلامية، وترهيب قوى الشعب لحثهم على الهجرة من الوطن، وهذه أهداف يعمل منذ سنوات الاحتلال على تنفيذها، مستعيناً بمواقع الكترونية وفضائيات، وعلماء دين وسياسة، وخبراء نفسيين واجتماعيين للتأثير على الفريسة وتطويعها لتلقّي أوامرهم وتنفيذها في الوقت والزمان المناسب، وهذا ما حصل في قضية المتضامن الايطالي حسب ما رشح من تسريبات إعلامية من مصادر خاصة...
وهنا تجدر الإشارة بأن هناك خلايا تنسب نفسها للسلفية الجهادية، وكل همها هو ضرب العدو الإسرائيلي، وتعمل ضمن إطار التوافق الوطني الفلسطيني، وسلاحها موجه لصدر الاحتلال، وهذا مرحب به وطنياً وشعبياً وفصائلياً.
التعليقات (0)