لماذا جئت أركون ولماذا رحلت
أركون .. شيخي وأستاذي .. ماذا يعني أن تموت ؟ ماذا يعني أن ترحل بجسدك وتترك عقلك هنا .. هل فعلا تركت هذا الحياة .. أذن فعلام جئت ولماذا جئت ؟ وكيف جئت ؟ وماذا تساوى أنك جئت ثم رحلت ..؟ أيها الباحث عن الحقيقة .. ماذا تساوي هذه الحقيقة يوم أن نطقت بها ..ثم مالذي تساويه ساعة إذ لا يفهمونها ؟
أنني أعلم يا اركون أن انتصار المفكر هو انتصار للحياة عندما يتحول فكرة الى لغة فاضحة الى لغة باطشة الى لغة لاعنة الى لغة جارحة الى لغة صادمة .... الى لغة غير متسامحة .. لأن التاسمح هو أكبر هزيمة للفكر وأكبر مأساة تطال الفكر ..كما أن هزيمة المفكر هي هزيمة للحياة ذاتها
أنت يا أركون قلت الحقيقة فماذا عليك لو سمعوها وأبصروها أو لو لم يسمعوها أو يبصروها .. لقد كانت هزيمتهم أنهم لم يفهموك فراحوا يرجموك أليس الأنسان عدوا للشيء الذي لا يفهمه، وهو لا يفهمه لأنه لا يملك أن يفهمه لذلك يعاديه وبعادي من يفهمه ؟
لقد كنت هزيمتهم يا أركون كنت جرحهم الغائر كنت ألمهم وحزنهم كنت كل جنونهم وآثامهم وأخطاءهم وخطاياهم ..
جئت لتخاطب فيهم أرادتهم وأرادة الحياة بهم .. جئت لتنهاهم.. جئت لتقتل فيهم منطق الغرور، وقسوة التاريخ عليهم، وعذاب تاريخهم وجنون نصوصهم ..
هل جئت لذلك.. أذن لماذا جئت ؟
هل جئت معلنا نهاية التاريخ أم بدايته .. موت العقل أم حياته ؟
هل جئت تحرث أرضهم التي لم تحرث من قبل .. وتبذر بها بذور لعناتك ؟
لماذا تحدثت بلغة لا يفهمونها ومنطق اللافهم واللاعقل هو هزيمتك يا أركون هو هزيمتنا جميعا نحن الذي لبسنا عباءة التراث وتقمطنا بأرديت التاريخ ورقصنا على جراحنا وجراح تاريخنا الدامي ..
لماذا جئت يا أركون .. هل جئت فضيحة لنا وعارا لنا ؟
هل جئت تحدق بعينيك الى كل تفاهاتنا؟
هل جئت لتوقضنا من سباتنا .. وسباتنا جميل ..؟
أذن لماذا جئت ؟
إن وجودنا خطيئة وخطأ يا أركون، وجودنا عار وهزيمة .. إن المسافة الممتدة بين أطرافنا بين نقائضنا بين تشوهاتنا كبيرة وكثيرة .. فكيف لك أن تقرب بين هذه المسافات لتجعل منا كائنات مسافاتها عقولها وعقولها مسافاتها .. ؟
لقد مت يا أركون .. مت عارا لنا .. مت غاضبا رافضا محتجا .. صارخا
مت قديسا في محراب الحقيقة مت حوارا في قلب الحقيقة ومت سؤالا هزمته الحقيقة
مت خيالا شاردا وروحا هائما، وقلبا مفجوعا، وعينين مفتوحتين على المجهول .. مت يا أركون.. فلماذا جئت ؟
هل جئت لعنة لعقولنا .. أم تحديا لها؟
لقد جئت يا أركون عقلا بلا حدود، ابدع بلا حدود، وارتقى الى حيث لا حدود، ورفض بغير حدود ..
كنت ثورة عاصفة إنبعثت في أرجاء الكون فهابك التاريخ، وهابتك التعاليم، وارتعدت فرائص الآلهة خوفا وهلعا ، ارتجفت النجوم في أقاصي الكون ، واصيبت بالرعب الشموس والكواكب المتناثرة في الفضاء ، لأنك حلقت فوقها . لذلك رقص الكون كله وغنت الأقمار وتمايلت الأنهار وفرحت البحار يوم مت .. اذن فلماذا جئت ؟
هل جئت لتكتب لنا سفر خروجنا الأخير من تخلفنا وهواننا وهزائمنا الفكرية والأخلاقية والتاريخية ؟
هل جئت طاردا لنا من عجزنا وخوفنا ومن تاريخنا ؟
هل أنت ظالم للأقدار أو الأخلاق عندما طردتنا من أقدارنا وأخلاقنا ؟
ألم تكن إرادتك أن تخرجنا عن صمتنا وتبعثنا من جديد .. ؟
ألم تكن إرادتك أن تهبنا سفرا مهيبا مليئا مسكونا بكل احتمالات التفوق والذكاء والكرامة .. ؟
لكننا يا أركون نرفض أو نهاب أستبدال القصور الحديثة بالأكواخ الحقيرة الكئيبة .. إننا نألف كما ألفنا الحياة في المكان المألوف السهل مع التاريخ لأننا لا نستطيع أن نصطدم مع التاريخ .. نحن الذين إعتدنا أن نساكن التيه في كهوف ذاكرتنا .. واعتدنا الصمت في تلك الكهوف.. فكيف تريد أن تخرجنا ولماذا تريد أن تخرجنا؟ .. أننا نخاف الحركة ونرتجف من هول الحركة .. فلماذا تريد لنا أن نتحرك ونحن بلا أقدام وبلا أرجل وبلا عقول ..
أننا استمرأنا العيش في مستويات ذليلة مهينة .. لقد منحتنا الحياة السلام الذليل فلماذا تعتدي علينا بعقلك كي تخرجنا مما نحن فيه من مذلة وهوان ؟
إن شفاهنا تصلبت على حافات الكؤوس الفارغة نرتشف منها الهوان والمرارة لو فقدنا كؤسنا تلك لقتلنا الضماء .. فلماذا تريد تحطيم كؤسنا تلك يا أركون ؟
أننا أبناء الصحراء يا أركون .. أننا خلقنا من رمل الصحراء وملحها وشمسها وهوائها وقمرها ونجومها وكواكبها ومن تيهها .. فلماذا تريد أن تخرجنا من صحرائنا تلك ؟
أننا سعداء بصحرائنا وتيهنا ونسائنا وديننا الصحراوي وتعاليمنا الصحراوية ورياحنا الصحراوية .. أننا لا نحتاج إليك ولدينا الآف الأفواه والمنابر التي تحضنا على البقاء في صحرائنا العزيزة ..
كيف تعلمنا أن نفكر ونحن لا نملك عقولا تفكر إلا بالصحراء.. بشعر الصحراء وأدب الصحرا وتاريخ الصحرا وجنان الصحراء ونساء الصحراء واساطير الصحراء وأبطال الصحراء وتاريخ الصحراء ؟
كيف تعلمنا أن نفكر بما لم يفكر فيه في تاريخنا المجيد .. وتاريخنا هو تاريخ المجيد وهو تاريخ يمتد في عمق الصحراء وفي أعماقنا وكل ما فيه متعال ومقدس .. ..
نحن لسنا زنادقة مثلك يا أركون نجدف ونكفر بالصحراء .. ألا ترى كم هي كريمة وجميلة صحرائتا التي وهبتنا الأنبياء والزعماء الخالدين ووهبتنا كل ذكائهم ..
لا أنسى يوم قلت نحن على مفترق طرق. نحن في مهب العاصفة بل في قلبها .. دخلنا في متاهتها ، أيهاذا الذي حررتنا
من رهبة النصوص المقدسة و إرهابها من عنفها و زيفها وضلالها وظلامها وجنونها ؟ أيهاذا الذي كشف لنا لإول مرة في تاريخ الفكر تلك العلاقة بين الوحي والحقيقة والتاريخ تلك لعلاقة الجدلية القائمة على التداخل حد التماهي .. والتماهي حتى التداخل ...
ايهذا الذي كشف لنا عن العلاقة الكائنة بين الوحي والحقيقة والعنف ولماذا كانت الأديان عنيفة والحقيقة عنيفة .. لماذا كان على الديني أن يمارس تبرير عنفه في اللحظة التي راح يبرر فيها حقيقته .. ثم كيف خلعت المشروعية على هذه الحقيقة .. لماذا تعالى التاريخ وحمل معه النص فأيهما كن حقيقة الآخر....
أنت الذي دعوتنا دائما لنبذ الانظمة اللاهوتية و كشفت لنا أن آلياتها في الإقصاء والاستبعاد تبقى واحدة على الرغم من اختلاف مضامينها وعقائدها وطقوسها وتعاليمها . أنت الذي دعوتنا للخروج من اسر التراث
انت الذي دعوتنا لتوسيع عقولنا ولو قليلا لكي نخرج من طوائفنا ومذاهبنا ونتنفس الهواء هواء الحرية وهواء الكرامة هواء الضلال الوارفة في مدن العقل الجديد المنبثق .
أنت الذي واجه هذا اللاهوت الظلامي الذي تحكم برقابنا وحياتنا منذ ألف واربعماية عام على الأقل واجهته يوم أنتصرت للإنسان انتصرت لإنسانيته.
أنت الذي فتح لنا آفاق الفكر الحديث على مصارعه عندما عرفتنا على أعظم مدرسة تاريخية في هذا العصر: مدرسة الحوليات ..
بيدو مين وكرمازن ولوسيان فيفر ومارك بلوخ وفيرنان بروديل وجورج دوبي وجاك لوغوف وعشرات عشرات غيرهم ..
لا أزال أذكر كيف ألقيت يا أركون محاضرة مرعبة في مؤسسة شومان في عام 1999 حول الإسلاميات التطبيقية ثم هبت تلك العقول النكرة لترجمك وتتهمك وتطالب بقطع رأسك وتعالت الأصوات وتطايرات اللعنات وعمت الفوضى وتحولت القاعة الى ساحت حرب حتى اضطر مدير الندوة أن يوقف هذا العار بإعلانه إنهاء الندوة .. يومها كنت الى جانبك بكل بداوتي وبكل لعناتي التي صببتها على هؤلاء صفوة العار ممن يزعمون أنهم مثقفين ، ويال حزنك الكبير في ذلك المساء يأ أركون ..
ها أنت ترحل بل رحلت فلا خير يرتجى في هذه الأمة ....
أركون .. شيخي وأستاذي .. ماذا يعني أن تموت ؟ ماذا يعني أن ترحل بجسدك وتترك عقلك هنا .. هل فعلا تركت هذا الحياة .. أذن فعلام جئت ولماذا جئت ؟ وكيف جئت ؟ وماذا تساوى أنك جئت ثم رحلت ..؟ أيها الباحث عن الحقيقة .. ماذا تساوي هذه الحقيقة يوم أن نطقت بها ..ثم مالذي تساويه ساعة إذ لا يفهمونها ؟
أنني أعلم يا اركون أن انتصار المفكر هو انتصار للحياة عندما يتحول فكرة الى لغة فاضحة الى لغة باطشة الى لغة لاعنة الى لغة جارحة الى لغة صادمة .... الى لغة غير متسامحة .. لأن التاسمح هو أكبر هزيمة للفكر وأكبر مأساة تطال الفكر ..كما أن هزيمة المفكر هي هزيمة للحياة ذاتها
أنت يا أركون قلت الحقيقة فماذا عليك لو سمعوها وأبصروها أو لو لم يسمعوها أو يبصروها .. لقد كانت هزيمتهم أنهم لم يفهموك فراحوا يرجموك أليس الأنسان عدوا للشيء الذي لا يفهمه، وهو لا يفهمه لأنه لا يملك أن يفهمه لذلك يعاديه وبعادي من يفهمه ؟
لقد كنت هزيمتهم يا أركون كنت جرحهم الغائر كنت ألمهم وحزنهم كنت كل جنونهم وآثامهم وأخطاءهم وخطاياهم ..
جئت لتخاطب فيهم أرادتهم وأرادة الحياة بهم .. جئت لتنهاهم.. جئت لتقتل فيهم منطق الغرور، وقسوة التاريخ عليهم، وعذاب تاريخهم وجنون نصوصهم ..
هل جئت لذلك.. أذن لماذا جئت ؟
هل جئت معلنا نهاية التاريخ أم بدايته .. موت العقل أم حياته ؟
هل جئت تحرث أرضهم التي لم تحرث من قبل .. وتبذر بها بذور لعناتك ؟
لماذا تحدثت بلغة لا يفهمونها ومنطق اللافهم واللاعقل هو هزيمتك يا أركون هو هزيمتنا جميعا نحن الذي لبسنا عباءة التراث وتقمطنا بأرديت التاريخ ورقصنا على جراحنا وجراح تاريخنا الدامي ..
لماذا جئت يا أركون .. هل جئت فضيحة لنا وعارا لنا ؟
هل جئت تحدق بعينيك الى كل تفاهاتنا؟
هل جئت لتوقضنا من سباتنا .. وسباتنا جميل ..؟
أذن لماذا جئت ؟
إن وجودنا خطيئة وخطأ يا أركون، وجودنا عار وهزيمة .. إن المسافة الممتدة بين أطرافنا بين نقائضنا بين تشوهاتنا كبيرة وكثيرة .. فكيف لك أن تقرب بين هذه المسافات لتجعل منا كائنات مسافاتها عقولها وعقولها مسافاتها .. ؟
لقد مت يا أركون .. مت عارا لنا .. مت غاضبا رافضا محتجا .. صارخا
مت قديسا في محراب الحقيقة مت حوارا في قلب الحقيقة ومت سؤالا هزمته الحقيقة
مت خيالا شاردا وروحا هائما، وقلبا مفجوعا، وعينين مفتوحتين على المجهول .. مت يا أركون.. فلماذا جئت ؟
هل جئت لعنة لعقولنا .. أم تحديا لها؟
لقد جئت يا أركون عقلا بلا حدود، ابدع بلا حدود، وارتقى الى حيث لا حدود، ورفض بغير حدود ..
كنت ثورة عاصفة إنبعثت في أرجاء الكون فهابك التاريخ، وهابتك التعاليم، وارتعدت فرائص الآلهة خوفا وهلعا ، ارتجفت النجوم في أقاصي الكون ، واصيبت بالرعب الشموس والكواكب المتناثرة في الفضاء ، لأنك حلقت فوقها . لذلك رقص الكون كله وغنت الأقمار وتمايلت الأنهار وفرحت البحار يوم مت .. اذن فلماذا جئت ؟
هل جئت لتكتب لنا سفر خروجنا الأخير من تخلفنا وهواننا وهزائمنا الفكرية والأخلاقية والتاريخية ؟
هل جئت طاردا لنا من عجزنا وخوفنا ومن تاريخنا ؟
هل أنت ظالم للأقدار أو الأخلاق عندما طردتنا من أقدارنا وأخلاقنا ؟
ألم تكن إرادتك أن تخرجنا عن صمتنا وتبعثنا من جديد .. ؟
ألم تكن إرادتك أن تهبنا سفرا مهيبا مليئا مسكونا بكل احتمالات التفوق والذكاء والكرامة .. ؟
لكننا يا أركون نرفض أو نهاب أستبدال القصور الحديثة بالأكواخ الحقيرة الكئيبة .. إننا نألف كما ألفنا الحياة في المكان المألوف السهل مع التاريخ لأننا لا نستطيع أن نصطدم مع التاريخ .. نحن الذين إعتدنا أن نساكن التيه في كهوف ذاكرتنا .. واعتدنا الصمت في تلك الكهوف.. فكيف تريد أن تخرجنا ولماذا تريد أن تخرجنا؟ .. أننا نخاف الحركة ونرتجف من هول الحركة .. فلماذا تريد لنا أن نتحرك ونحن بلا أقدام وبلا أرجل وبلا عقول ..
أننا استمرأنا العيش في مستويات ذليلة مهينة .. لقد منحتنا الحياة السلام الذليل فلماذا تعتدي علينا بعقلك كي تخرجنا مما نحن فيه من مذلة وهوان ؟
إن شفاهنا تصلبت على حافات الكؤوس الفارغة نرتشف منها الهوان والمرارة لو فقدنا كؤسنا تلك لقتلنا الضماء .. فلماذا تريد تحطيم كؤسنا تلك يا أركون ؟
أننا أبناء الصحراء يا أركون .. أننا خلقنا من رمل الصحراء وملحها وشمسها وهوائها وقمرها ونجومها وكواكبها ومن تيهها .. فلماذا تريد أن تخرجنا من صحرائنا تلك ؟
أننا سعداء بصحرائنا وتيهنا ونسائنا وديننا الصحراوي وتعاليمنا الصحراوية ورياحنا الصحراوية .. أننا لا نحتاج إليك ولدينا الآف الأفواه والمنابر التي تحضنا على البقاء في صحرائنا العزيزة ..
كيف تعلمنا أن نفكر ونحن لا نملك عقولا تفكر إلا بالصحراء.. بشعر الصحراء وأدب الصحرا وتاريخ الصحرا وجنان الصحراء ونساء الصحراء واساطير الصحراء وأبطال الصحراء وتاريخ الصحراء ؟
كيف تعلمنا أن نفكر بما لم يفكر فيه في تاريخنا المجيد .. وتاريخنا هو تاريخ المجيد وهو تاريخ يمتد في عمق الصحراء وفي أعماقنا وكل ما فيه متعال ومقدس .. ..
نحن لسنا زنادقة مثلك يا أركون نجدف ونكفر بالصحراء .. ألا ترى كم هي كريمة وجميلة صحرائتا التي وهبتنا الأنبياء والزعماء الخالدين ووهبتنا كل ذكائهم ..
لا أنسى يوم قلت نحن على مفترق طرق. نحن في مهب العاصفة بل في قلبها .. دخلنا في متاهتها ، أيهاذا الذي حررتنا
من رهبة النصوص المقدسة و إرهابها من عنفها و زيفها وضلالها وظلامها وجنونها ؟ أيهاذا الذي كشف لنا لإول مرة في تاريخ الفكر تلك العلاقة بين الوحي والحقيقة والتاريخ تلك لعلاقة الجدلية القائمة على التداخل حد التماهي .. والتماهي حتى التداخل ...
ايهذا الذي كشف لنا عن العلاقة الكائنة بين الوحي والحقيقة والعنف ولماذا كانت الأديان عنيفة والحقيقة عنيفة .. لماذا كان على الديني أن يمارس تبرير عنفه في اللحظة التي راح يبرر فيها حقيقته .. ثم كيف خلعت المشروعية على هذه الحقيقة .. لماذا تعالى التاريخ وحمل معه النص فأيهما كن حقيقة الآخر....
أنت الذي دعوتنا دائما لنبذ الانظمة اللاهوتية و كشفت لنا أن آلياتها في الإقصاء والاستبعاد تبقى واحدة على الرغم من اختلاف مضامينها وعقائدها وطقوسها وتعاليمها . أنت الذي دعوتنا للخروج من اسر التراث
انت الذي دعوتنا لتوسيع عقولنا ولو قليلا لكي نخرج من طوائفنا ومذاهبنا ونتنفس الهواء هواء الحرية وهواء الكرامة هواء الضلال الوارفة في مدن العقل الجديد المنبثق .
أنت الذي واجه هذا اللاهوت الظلامي الذي تحكم برقابنا وحياتنا منذ ألف واربعماية عام على الأقل واجهته يوم أنتصرت للإنسان انتصرت لإنسانيته.
أنت الذي فتح لنا آفاق الفكر الحديث على مصارعه عندما عرفتنا على أعظم مدرسة تاريخية في هذا العصر: مدرسة الحوليات ..
بيدو مين وكرمازن ولوسيان فيفر ومارك بلوخ وفيرنان بروديل وجورج دوبي وجاك لوغوف وعشرات عشرات غيرهم ..
لا أزال أذكر كيف ألقيت يا أركون محاضرة مرعبة في مؤسسة شومان في عام 1999 حول الإسلاميات التطبيقية ثم هبت تلك العقول النكرة لترجمك وتتهمك وتطالب بقطع رأسك وتعالت الأصوات وتطايرات اللعنات وعمت الفوضى وتحولت القاعة الى ساحت حرب حتى اضطر مدير الندوة أن يوقف هذا العار بإعلانه إنهاء الندوة .. يومها كنت الى جانبك بكل بداوتي وبكل لعناتي التي صببتها على هؤلاء صفوة العار ممن يزعمون أنهم مثقفين ، ويال حزنك الكبير في ذلك المساء يأ أركون ..
ها أنت ترحل بل رحلت فلا خير يرتجى في هذه الأمة ....
التعليقات (0)