استهداف إسرائيل لتنظيم جيش الإسلام له دلالات سياسية، وأبعاد إستراتيجية جديدة في إدارة الصراع مع الفلسطينيين وتحديداً في قطاع غزة، تهدف إلى تصوير القطاع بأنه مرتع للإرهاب الدولي، وأن قوى المقاومة تشكل تهديداً مباشراً للمصالح الإقليمية والدولية في المنطقة، وبذلك تعمل إسرائيل على تدويل الصراع مع الفلسطينيين، ومن أجل تنفيذ هذا المخطط، قامت بسلسلة اغتيالات استهدفت إحدى تنظيمات السلفية الجهادية، وهو تنظيم جيش الإسلام، وكان آخرها اغتيال الناشط في التنظيم الشهيد إسلام ياسين في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، والقيادي في التنظيم محمد جمال النمنم في الثالث من نوفمبر الجاري، حيث بدأت الماكينة الإعلامية الإسرائيلية تبث سمومها باتجاهين هما:
1- أن بارجة أمريكية ترسو في عرض البحر المتوسط هي من أطلقت صاروخاً على سيارة الشهيد محمد النمنم، وكانت العملية بالتعاون مع جهاز الشاباك...
2- كذلك ذهبت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى ربط عملية اغتيال محمد النمنم بتنسيق مخابراتي مصري أمريكي إسرائيلي....
واتهمت تلك الأجهزة تنظيم جيش الإسلام الذي يتزعمه ممتاز دغمش، بالتخطيط لضرب المصالح الأمريكية والإسرائيلية في سيناء المصرية.
مصر بدورها نفت الرواية الإسرائيلية، وجاء ذلك على لسان ضابط أمني رفيع رفض ذكر اسمه لوكالة الأنباء الألمانية:"حيث نفى وجود تنظيمات إرهابية في سيناء، أو وجود نشاطات لأي جماعات سواء فلسطينية أو حتي مصرية، وأن سيناء مؤمنه تماما ومسيطر عليها، ولا توجد عمليات مشتركة مع إسرائيل سواء أمام الكواليس أو حتي خلف الكواليس".
وأضاف، أنه لا توجد حملات اعتقال في سيناء سواء لمصريين أو فلسطينيين، وأن هذه التصريحات للتغطية علي الحملات الإسرائيلية ضد قطاع غزة ،وإضفاء الشرعية عليها".
نعم، فالرواية الإسرائيلية المزعومة لا يصدقها عاقل، وتهدف إسرائيل من وراء ذلك تدويل الصراع مع قطاع غزة، وتشرك الشقيقة مصر بجانبها بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كي تستمد شرعية سياسية لجرائمها ضد قطاع غزة، ولكن يبدو أن القاهرة قرأت الرسالة الإسرائيلية جيداً، انطلاقاً من يقين مصري ومعرفة جيدة بثقافة وسلوك المقاومة الفلسطينية، والتي لا تحمل في أبجدياتها أي تهديد أو مساس للأمن القومي المصري أو للمصالح المصرية بل على العكس تماماً، فهي صمام الأمان للعمق الاستراتيجي لمحافظة سيناء.
وانطلاقاً مما سبق، فإن الحملة التي توجهها إسرائيل ضد خلايا جيش الإسلام في قطاع غزة تحمل معها دلالات سياسية، فهي تعتبر محاولة إسرائيلية لتدويل الصراع مع قطاع غزة، من خلال إقحام الولايات المتحدة ومصر، وتصوير قطاع غزة بأنه ملاذ آمن للتنظيمات المتشددة التي تعطي ولائها لتنظيم القاعدة، وبذلك قد تنجح إسرائيل بإقحام الناتو في صراعها مع الفلسطينيين، وبذلك تحقق إسرائيل مكسباً استراتيجياً لم تكن تتوقعه يوماً من الأيام.
وأيضاًَ من الدلالات السياسية أنها دليل واضح حول حجم الأزمة السياسية التي يمر بها الائتلاف الحاكم في إسرائيل، وحالة العزلة السياسية التي بدأ يعاني منها إقليمياً ودولياً، لذلك تعمل تل أبيب على جر فصائل المقاومة لحالة من الاشتباك العسكري، بهدف إطالة عمر الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، ووقف حالة الضغط الأمريكي والدولي على إسرائيل لوقف بناء الاستيطان في القدس والضفة الغربية.
لذلك مطلوب منّا فلسطينياً التأكيد على العمق الاستراتيجي لقطاع غزة، والمتمثل في الجارة والشقيقة مصر، وهذا يتم من خلال العمل الأمني والسياسي المشترك، ومن خلال حسن الجوار، خوفاً من أن تستغل إسرائيل ثغرة أمنية هنا أو هناك يملأها طابور خامس قد يلعب بالساحة المصرية، وبذلك يدخلنا في صراع دولي، لم ولن تتمناه أو تعمل عليه الحركة الوطنية الفلسطينية منذ نشأتها....
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)