مواضيع اليوم

لماذا تنتحر ثورة ديسمبر؟

مصـعـب المشـرّف

2019-04-21 20:25:33

0

 لماذا تنتحــر ثـــورة ديسمبر؟

مصعب المشرّف

21 أبريل 2019م

على الرغم من أن الجميع لا يختلف مع "قوى الحرية والتغيير" في أن اللجنة السياسية برئاسة الفريق (الكوز) عمر زين العابدين تعرقل مسار الثورة . وتحاول الإستعانة بفلول الكيزان وشرذمتهم المنتهية الصلاحية القديمة ... بالإضافة إلى تزيين الكيكة بأحزاب الفكّة المرتشية .... إلا أن المسألة لا تحتاج إلى المسارعة بمواجهة المجلس العسكري الإنتقالي جميعه ؛ وقطع شوط بعيد في العداء معه ... وإحراق كل السفن.


الخوف من عودة عمر البشير و طه ونافع وقوش .. إلخ من الطقم القديم . ليس له أيضا ما يبرره ... فقد سقطت دولة هؤلاء . وانتهى أمرها في عيون ونفوس وقلوب الناس داخلياً وخارجياً .. ولكن في الفلول تكمن الشياطين الممغصة والمنغصة... خاصة وأن المتوقع عودتها للتجمع وإختراق المجلس العسكري ومفاصل القرار بمسمى جديد.


إن أبرز المؤشرات على هذه الخروقات هو تعيين المجلس العسكري لعبد الماجد هارون وكيلاً مكلفاً لوزارة الإعلام . دون أن يدري الفريق برهان شيئاً عن خلفية هذا الكادر الكوزي .... وطالما كان الأمر كذلك فمن البديهي أن الذي أشار وأوصى الفريق برهان بتعيين عبد الماجد هارون كانت له مصلحة في أن يظل المؤتمر الوطني مسيطراً على هذا الجهاز القومي ....


عليه ؛ وبدلاً من الإستعجال بالذهاب إلى أبعد الشوط ..... ربما يكون من الأفضل الضغط في هذا الوقت بالذات على المجلس العسكري بشأن إعادة تشكيل اللجنة السياسية . بحيث لا يشغل رئاستها قيادي محسوب على الإسلام السياسي والنظام البائد ... وأن لا يغلب على تشكيلها من هو على صلة بماضي هذا النظام........ وحتى لا تكون هذه اللجنة السياسية حجر عثرة في مسار العلاقة بين المجلس العسكري الإنتقالي وقيادات الثورة في الشارع وساحة الإعتصام.


من جهة أخرى يعيب الناس على "تجمع المهنيين" محاولته تكريس نفسه الممثل الوحيد للثورة والناطق الرسمي بإسمها .. وبما يفهم منه الناس أنه يرغب أن تكون له اليد الطولى في التشكيل الوزاري والتشريعي المؤقت ... وبالطبع فإنه لو صح هذا الإنطباع عن تجمع المهنيين فهو تفكير سلبي . لاسيما وأن تجمع المهنيين لا يمتلك خبرات تذكر في مجال إدارة الدولة والصراع بين مختلف المكونات .... كما أنه لم يتمكن حتى اللحظة من "تسييس" أتباعه ومناصريه من الشباب وغرهم .. والمسألة هنا ليست بهذه البراءة التي يظنها تجمع المهنيين ...... فالثورة شيء والسلطة شيء .... وإدارة الدولة والحكم شيء آخر .


إن من أبرز ما سيتعرض له تجمع المهنيين من سلبيات وتشوهات في حالة إختياره المواجهة والمصادمة مع المجلس العسكري الإنتقالي سيكون النيل من مصداقيته كتجمع ينفي عن نفسه خبث الأحزاب على مختلف منطلقاتها الطائفية والعقائدية والجهوية والتجمعات العرقية ... وسيثير الشكوك في حقيقة ما يقال عن أنه "مُخترق" من جانب هذه الأحزاب بنحو أو بآخر ... وبما يقزمه في نظر الناس ويحوله إلى محض مخلب قط ....... وبما يعني تفريغه من محتواه في نهاية المطاف.


إن من أفدح الأضرار التي سيسببها موقف التجمع المتشدد تجاه المجلس العسكري الإنتقالي . أنه سيسمح لفلول الإسلام السياسي في المؤتمر الوطني بالعودة إلى الساحة من جديد وإختراق جسد المجلس العسكري الإنتقالي . ومحاولة السيطرة عليه من الداخل .....

السيطرة من الداخل هي عصا الكيزان السحرية . وجرثومتهم التي يجيدون زرعها في كافة أجساد الأنظمة السياسية ؛ والقوى والتنظيمات تمهيداً لتخريبها وإسقاطها ووراثتها لاحقاً.. وقد فعلوها بوضوح مع جعفر نميري بعد انتفاضة شعبان ... ثم مع الصادق المهدي بعد إنتفاضة أبريل 1985م . وبما مكنهم في نهاية المطاف من القفز على دبابة والإستيلاء على السلطة في يونيو 1989م  

ولعل الزيارة "الحميمية" التي قام بها الكوز منسلخ  غازي صلاح الدين العتباني ووفده إلى رئيس اللجنة السياسية الفريق عمر زين العابدين .. والحرارة التي إستقبلهم بها هذا الأخير حيث شوهد يحتضنهم فردا فردا بـشـوقٍ وحنين  .... لعل فيها ما يشير إلى أن هناك إختراقات مــّا للكيزان من باب اللجنة السياسية المنبثقة عن المجلس العسكري الإنتقالي..... وتأتـي كل هذه الحفاوة بالوفد ورئيسه غازي صلاح الدين على الرغم من أن هذا الأخير يتوقع منه الشعب قريبا الإفصاح عن منابت وينابيع ثروته الطارئة الطائلة ... وجردة حساب تصفية وبيع ممتلكات النقل النهري .... وتفاصيل أيلولة ممتلكات مقر النقل النهري بالخرطوم بحري إليه.

ثم جاءت الطامة الكبرى حين هرول الكوز شعبي علي الحاج لمقابلة الفريق برهان ، وهو يرتدي جلبابا وعمامة جديدتان لنج ناصعتان البياض  ؛ كي يبذل للمجلس العسكري نفسه وحزبه من المودة على صفحة بيضاء ما يقربه منهم ؛ مطالباً بعد اللقاء بوزارة.... وكل ذلك رغم أنه  (علي الحاج) لم ينفي عن نفسه بعد  دنس ونجاسة أموال 50% من السكر المخصص لولايات دارفور وكردفان طوال سنتين لغرض تشييد طريق الإنقاذ الغربي ؛ الذي كان من المفترض أن يمتد من الخرطوم إلى الجنينة.

أخيراً نحذر المجلس العسكري الإنتقالي من كيد الكيزان .... ونذكر الرئيس الفريق أول برهان أنه ما أحد ورّط الرئيس الأسبق في دارفور وتهم الإرهاب والمحكمة الجنائية الدولية مطلوبا كمجرم ... لم يورطه في ذلك سوى الكيزان .....

ومن ثم فحبذا لو ظل المجلس العسكري الإنتقالي يتعامل بالصبر والحكمة مع الثوار .. ولا يسارع إلى فض الإعتصام بالقوة وتسيل على أثر ذلك دماء غزيرة يهتز لها ضمير العالم من جديد . ولا يستفيد من ذلك سوى الكيزان.

وأخيراً يهمنا التأكيد على الآتي بما يطمئن المجلس العسكري على ذاته ولا يجعل منه هدفا سهلاً للإختراق:

  • إن المزايدة على الوطنية والمواطنة لا تصلح للإستهلاك المحلي بمواجهة قوات الشعب النظامية المسلحة . فهي كمؤسسة أرفع شأناً لدى شعبها من أن توضع على كف ميزان أو  وجه مقارنة مع الغير في هذا المجال الوطني بالذات.
  • ثم أن المجلس العسكري الإنتقالي الحالي (بوجه عام) . وكما يشهد له المواطن ورجل الشارع العادي  بقوله : "المجلس دا يا جماعة لغاية أسي ماشي كويس. وما عنده عوجة"....... "أصبروا عليهو".... "دا شايل ميراث فساد وتخريب دام 30 سنة ".

      




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات