لماذا تستهوينا المرويات أكثر من الآيات ؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا تستهوينا المرويات أكثر من الآيات ؟؟
واجب ، مندوب ، مباح
أقـوال ، أراء ، قياسـات ، إسـتحسانات
ظهرت الآراء .. فتوارت النصوص
هكذا حالنا بعد وفاة الرسول .. وهذه أحوالنا لا ُتخفى على أحد
وإن كنا نواريها خجلا ً .. أو تكبرا ً .. لكن إلى متى ؟؟
مقال سيأخذ العديد من مراحل الحوار بيننا وبين السادة السدنة من أهل الإختصاص
سنستمد فيه قوتنا من كلام الله تعالى ونواجه أنفسنا بالمشاع في عقيدتنا السمحاء بما لا يتفق والعقل ويتوافق مع منطقه ولا يرتبط بدليل نابع من أصل الأصول (( يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم )) المائدة 54
ونقول بأن فعل وقول الفاضل ليس حجة على الدين .. بل الدين هو الحجة على قول و فعل المكلفين (( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وُتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون )) النحل 111
وأقول لكل ذي عقل :
من منا يقوى على تعديل حكم الله عز وجل أو الزيادة علية أو النقصان منه ؟؟؟؟؟؟؟
مرمى هدفنا يا سادة أن يصل لمفهوم جمهور العامة من البسطاء من أهلنا ما يصحح لديهم بعض من المفاهيم المغلوطة عن الدين وأحكام الله عز وجل ، بعدما شيع في النفوس نوع غريب من الأحساس بالحيرة وعدم الثقة في الكثير مما يقال ..
ولتعلم أخي الفاضل أن هناك من الأحكام نوعان (( عام )) ، (( خاص ))
والعام : هو حكم واضح وصريح بنص في أصل الأصول يتسع لفظه ليعم ويشمل الناس جميعاً (( والسارق والسارقة فإقطعوا أيديهما جزاء ً بما كسبا )) المائدة 38
أما الخاص فله شقان (( خاص مستقل )( مثل حكم الربا (( وأحل الله البيع وحرم الربا )) البقرة 275
و(( خاص غير مستقل )) مثل حكم المستثنى ((من كفر بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان )) النحل 106.
ولنعلم جميعا ً
أن العام لايمكن تخصيصه إلا بدليل
· ولا يمكن وصف ما لا دليل علي إنه مندوب .. بأنه أفضل
· وما لا دليل على إباحته بأنه .. لا بأس به .
ومن الطبيعي في ظل هذه الأسباب أن نقول :
بإن هناك ما في الأثر من أثار ما ُأختلف فيه و تعددت حوله الآراء ويجب أن نرده إلى حكم الله تعالى أولا ً قبل أن نأخذ به ونستعمله علينا وفي حياتنا .
وكان لتعدد أراء رجال السدنة حول الموضوع الواحد كلا ً حسب مفهومه الشخصي والذي بموجبه ُيصدر فتواه إلينا تأثير في الناس البسطاء كون كلامه يحمل الصبغة الدينية التي صبغ بها نفسه بما تلقاه من علم ، ومن يقوى على إنكار ماهو معلوم من الدين بالضرورة .. إلا الكافر والعياذ بالله .. لكن
ماهو الضروري العلم به من الدين .. غير آيات الله عز وجل خصوصا ً لدى مفهومنا نحن العوام من الناس ؟؟ وكيف نفرق بين حكم ديني ورآي وكلاهما منطوق بإسم الدين ؟؟
ساقنا الجهل بأسس الدين الحق وأحكامه كالقطيع وراء فكر بعينه وتأويلات وتشدادت وتعصب أعمى سحبنا نحو نزعات بشرية مقدسة لا طائل لنا منها سوى الدماء المراقة على الرمال ُتروى بها أرض مستقبل فلذات أكبادنا ، ولو بلي عنق حقائق الآيات القرأنية لصالح تلك المرويات والآراء ، وبتنا نصبح ونمسي على ترديدها كالببغاوات ، نربطها بكل صغيرة وكبيرة في ُأمورنا الحياتية "" بدء ً من دخول الخلاء حتى الممارسة الزوجية "" ، وتأثرت بها سلوكياتنا دون وعي لمقصدها الحقيقي إن كان لها من الأصل مقصدا ً .
ثم
التكرار والإعادة والإزادة حول مواضيع بعينها جعلت العوام من الناس تقر في نفسها بما يقال وتستمع إليه وتثبته في عقولها كعلم معرف وتسلك سلوكيتها بموجب تلك المعرفات .. ومن ثم يستقر لديها يقين بصحة تلك الأقوال والأراء حول هذه المواضيع وقبولها على حالها حتى ولو لم يظهر دليل شرعي عليها ..
ومن منا يكلف نفسه عناء البحث عن الدليل الشرعي ولدينا من يقوم بذلك عنا ونأخذ منه
ولكن
لم يجشم أيا ً منا نفسه ويسأل عن الذي نأخذ منه من أين أتى بعلمه ؟؟
وبالتالي سار الغالبية من العوام يقدسوا ما يكتب لهم ويستمعوا إليه منقولا ً عن أهل العلم .. خصوصا ً وأن هذا المُقال جيئ به عبر عنعنات تصل لمنتهاها عند الرسول الكريم ، ومن هنا بدأت مراحل التقديس والقدسية .
و ُتمَارس عليهم السيطرة بإسم العلم الديني المتخصص وُيمارسوا العامة بدورهم الإذعان للعالِم خشية غضب الله عز وجل ، فهو أعلم منهم بما يطلب رب العزة !! .
وهنا أقول :
أن الخطورة تكمن حينما نستخدم الدين لتزييف الحقائق وتغيب وعي العامة من الناس لصالح فئة بعينها تمتد لهم السلطة علينا أو لصالح المرويات التي نسعى جهدنا لإثباتها ولو بلي عنق الآيات والحقائق العلمية ، وتتوالي السنين وتذدهر الثقافات المختلفة فينا وتنمو مع التطور العلمي والتكنولوجي وبات يخشى رجال السدنة على سلطويتهم من هذا النمو العقلي والعلمي، فإزدادت البدع والتكلفات والتكليفات بيننا بصفة مطردة حتى يأمنوا نفوذهم وسلطانهم علينا .
والعجيب إننا نرى بأم أعيننا العوام وهم منقادين خلفهم رغم الإختلاف الواضح في آرائهم حول المعنى والمضمون والمتن لأي موضوع كان أو مسألة لسائل ، لكن وللأسف أن إعتبر العوام من الناس لبساطتهم تلك الآراء بمنزلة كلام المعصوم صلى الله عليه وسلم .
ثم يأتي دور الخوف الذي ينتاب البعض من علمائنا أن يتهم بالخروج عن المألوف إذا أبدى وجه الحقيقة متى كان غريبا ً ،
ولنا هنا أن نتساءل
لماذا تتعدد الآراء هكذا حول الموضوع الواحد متدرجة من الوجوب إلى الندب ومن ثم للإباحة ؟؟
ألم تجد الإجابة لهذا التساؤل حتى الآن من السبل كي تصل لعقولنا وتقول
بأن هذا التعدد في الرآي حول موضوع بعينه يختلف في فهمه أهل العلم دليل على أن النصوص الشرعية الثابتة لم تقطع بصحتة
هذا مما يفرض علينا ألا نقبل أي رأي إلا بدليله الشرعي مهما تعرضنا في ذلك للوم اللائمين
ومن هنا ندلف داخل مجتمع فكرنا ونحصل منه على أمثلة لما قلنا :
هناك ميل لبعض المشتغلين بالعلم إلى تحريم المباح والإنقطاع عن مباهج الدنيا بدواعي الخشوع والورع ، وما أكثرهم على منابر الزوايا والمساجد ، أوعزوا للناس بصحة أقاويلهم ، وما أكثر من يستمع لخطبهم من البسطاء ..
وسنضرب مثال بسيط لما هو موجود بالأثر ويعاد ويزاد في تكراره من أعلى المنابر بصوت جهوري :
عذاب القبر ونعيمه
تستمع للمتحدث بإسم العلم الديني وهو يخطب فينا خطبته الإسبوعية
مرهبا ً تارة ومرغبا ً أخري .. ويتكلم مرغبا ً في ترك ما سخره الله لنا من مباهج الدنيا الزائلة والعمل لأخرتنا وترك دنيانا معددا ً مزايا الأخرة حول الجنة ونعيمها والحور العين والولدان المخلدون وأنهار الخمر لذة للشاربين وغيرها مما َمن الله عز وجل به من نعم على تارك الحياة التي خلقها له بالأصل " والمهم أن هذا المتكلم يستخدم من نعم الحياة ومباهجها ما لايستخدمه المستمع ".. ثم ينتقل بك للترهيب من تلك الحياة المرفهة إلى القبر ونعيمه ثم عذابه ، ويتكلم بإستفاضة وكأنه سبق وأن أقام مع الميت في قبره ورآى ما رآى وجاء ليوعظنا ويخبرنا عن النعيم تارة وعن العذاب أخرى .. لن أتكلم عن الثعبان الأقرع .. ولا عن ضرباته التي تغوص بالميت سبعين ذراعا ً تحت الأرض .. ولن أتكلم عن موقف هذه المرويات المتعلقة بعقول الناس يتحدثون بها فيما بينهم وكإنها حقائق " رغم إنها تؤخذ علينا من الغاويين ".. ولن أتكلم عن أسس مبناها في ثقافتنا الدينية ..
ولكني سأتساءل والسؤال موجه للسادة السدنة من أهل العلم
هل هناك في كلام الله وهو أصل أصول الأحكام والتشريعات ما يدل على ذلك الثعبان الأقرع .. ؟؟ !!
وأين رحمة الله عز وجل من كلامكم بترهيب الناس ؟؟ !!
وهو الرؤوف الرحيم غافر الذنوب جميعا ً إلا الشرك به سبحانه .. تعالى عما تصفون من قسوة ً
إتقوا الله يا سادة فينا وفي أنفسكم وفي أولادنا والأجيال القادمة
أيعجبكم أن يلقوا حتفهم طالما لصالح مروياتكم !!
الرحمة ثم الرحمة ثم الرحمة
.....
ولنا لقاء أخر بعد رد السادة السدنة على مكانة وماهية الثعبان الأقرع من كلام الله نوضح فيه ردهم وردنا لعل العوام تستفيد وتخلع عنها رداء الرهبة وترتدي رداء المحبة
ومن ثم ندخل لباقي مرويات تراثنا العجيب
وإلى لقاء أخر بإذن الله
محمد عابدين
التعليقات (0)