لماذا تحرير العقول؟
تعكس شبكة الانترنت الواقع الحقيقي للبشر،ليس فقط من خلال حركتهم في مختلف مجالات الحياة بل ايضا من خلال معتقداتهم وآرائهم وطروحاتهم التي هي نتاج الطبيعة الانسانية المرتكزة على اسس الاختلاف الجوهري بين مختلف الفئات،ولاسبيل الى الجمع بينهم في بوتقة واحدة ابدا... ولكن يمكن حصر الاختلافات ضمن التعايش السلمي البعيد عن رفض الاخر وابادته وحصر الحق ضمن اطر شخصية ضيقة...
لكن الاكثر أثارة ضمن المتابعة لردود الافعال هي خلو اغلبيتها من التحكيم العقلي...ولكن الاكثر بئسا هو حالة التوارث في ألغاء العقل وتحقيقاته الفريدة من اساليب التفكير التي يكون بعضها فاقد للصفات العقلانية...
من اكثر الوسائل الغاءا للعقل والمنطق هو التقديس المتطرف لشخصيات غير مقدسة كأن يكون زعيما سياسيا او اجتماعيا او قبليا او ايضا شخصيات لها دورها في العلوم الدينية والمدنية دون تذكر حالة مهمة وهي ان العقل والمنطق والعدل يرفض وبشدة سلوك بعضا منهم او حتى في طريقة عملهم ومنهجهم الذي يكون بعضا منه كارثيا بلا شك خاصة مع الاصرار على الاستمرار بنفس العقلية!...وتستمر الحالة في توارث تلك الطبائع بين صفوف المريدين والمحبين حتى تصل الى حالة من وراثة اللاوعي...وبالتالي يحتاج البشر الى ثورة عقلية حقيقة تغربل هؤلاء وتعطي احجامهم الطبيعية مع اعادة الاعتبار للعقل وهيبته التي لاتتعارض مع الاديان السماوية وقيمها الحقة مع العدالة الانسانية...
عند ادانة حالة التكفير ونتائجه التدميرية الرهيبة،يثور البعض ضد ذكر حتى لو اسم من اسماء مؤسسي لتلك المناهج المنافية للقيم الدينية والانسانية،مع العلم ان المقياس الحقيقي للتقييم هو عدم تعارض السلوك الشخصي والمنهجي مع القيم المطلقة...نعم قد يكون بعض هؤلاء هم مبدعون وعباقرة في محل اختصاصاتهم ولكن ليس ذلك مطلقا! ولا مقياسا اوحدا... بل هو نسبي ويحتاج دائما الى اعادة فحص واعتبار لهم ولدراساتهم...
لا ينطبق هذا القول على الازمنة السابقة او زماننا بل لكل الازمان والاوطان ... فقد يأتي يوما ما ويتم تقديس شيخ الازهر الحالي(سيد طنطاوي)الذي هو موظف بسيط لدى الحكومة المصرية ولا يستطيع مخالفتها في ابسط اعمالها وتصوراتها دون ادنى معارضة! ولو قامت بتغيير ما في طريقة تفكيرها او عملها لما تردد في تأييدها!... ولكن تكمن اهميته لدى مستخدميه في كونه من جملة من يبيع دينه بدنياه... تلك الحالة لاتنطبق عليه فقط بل مع من سبقه او يمكن مع من يخلفه في منصبه!...ولكن الاكثر حزنا وألما هو ان يطلق عليه الان لقب الامام الاكبر وهو اقرب الى لقب الموظف الاكبر! الذي هو لقب لا يعطي ادنى مسحة قدسية لمن يحمله!...
اما لقب الامام فهو لقب كبير ليس من السهل اطلاقه على احد ما...فكيف بالاكبر!...
هذا المقياس لا يخضع له فقط رجال الدين بل ايضا رجال الفكر والادب والعلم...فكثيرون منهم ايضا يبيعون مبادئهم وقيمهم لمن يملك السلطة والمال اللذان هما من المتغيرات،دون ادنى اعتبار لحريتهم الشخصية المستندة على اسس تكون اقوى من الانسان البسيط ...
من هذا المنطلق يمكن رؤية نتاجات هؤلاء العلمية والادبية بميزان نقدي واضح لا لبس فيه،لكون هؤلاء قد فقدوا المناعة من الاخطاء الجسيمة!...
نعم قد يكون بعض نتائج اعمال هؤلاء في صالح البشر ولكن ايضا قد يكون بعضا منها تدميريا...وبالتالي اذا لم يخضع الانسان اعتقاده للعقل والمنطق بسلامة سيرة وسلوك وأفكار ومناهج الاخرين من البشر والمتصدين لتلك المسائل فعندها يكون العقل في غيبوبة طويلة تحتاج الى هزة قوية تعيد له صوابه من خلال التسليم بكل القرائن والبديهيات المنطقية والواقعية...والا فلا مجال سوى تركه الا اذا اصبح سلوكه خطرا على نفسه وعلى الاخر!...والخطورة الثابتة منه هو انه يورث تلك الغيبوبة لاخرين وعندها ينبغي العمل الشاق لتحرير العقول...
التعليقات (0)