مع عدم قناعتي الشخصية بأهمية انسحاب القوات الأمريكية العسكرية من العراق ، إلا أن ذلك يعد مفصلا مهما في مسيرة العراق الحديث ، على الرغم من بناء اكبر سفارة أمريكية في العالم في بغداد بعدد يفوق 15000 الف موظف ، ,وبقاء بضعة الاف اخرين لغايات التدريب ؟! . مع ملاحظة ان الانسحاب البري كان باتجاه الكويت وقطر ؟! وهنا يمكن ملاحظة الامر التالي : وهو ان القوات المعادية عندما تنسحب من ارض الخصم تذهب الى ارضها .. اليس هذا هو المنطق .. لاحظوا انها انسحبت الى الكويت وقطر .
ولا اعرف على وجه اليقين ما هو السبب لهذا الكم من الموظفين في سفارة ، أي سفارة حتى لو كانت سفارة أمريكا ، ولا يمكن أن يفهم متابع ومهتم وعاقل هذا الأمر إلا على انه جيش احتلال على نحو معين ، فليس بالضرورة أن يكون الجيش جيشا مسلحا عسكريا ، اذ قد يكون جيشا استخباراتيا ، أو جيشا من الباحثين والمتابعين والمراقبين للشأن العراقي والعربي ومن ثم الإيراني وبالنهاية المنطقة بأكملها ، وربما ليضع قوانين او يلغيها او يشرف على الإدارة الحكومية العراقية والعربية أيضا .
نعم ربما تأخذنا أفكارنا بعيدا في هذا الموضوع ، فما خبرناه من الإدارة الأمريكية يضعها دائما في دائرة الاتهام والشك أيضا .
ولكن ما يلفت الانتباه ، أن القنوات الفضائية التي غطت غزو العراق من الإلف إلى الياء ، وخاضت حربا إلى جانب القوات الأمريكية وهي توضح لهم بالصوت والصورة بغداد وما يدور فيها وحولها ، وما لعبته من دور إعلامي خطير في زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة العربية عموما وبغداد خصوصا لتنطلق إلى تونس وليبيا ومصر وسوريا والبحرين وو ..العجيب أن هذه القنوات الفضائية تجاهلت خبر انسحاب القوات الأمريكية وعلى شكل قوافل رغم كل ما يتضمنه مشهد الانسحاب عموما لأي جيش من مظاهر ومشاعر وصور وتعليقات ربما يعجز عنها الوصف ولكن غالبا ما تكون الصور الناطقة ( الفيديو ) هو الابلغ تعبيرا في نقل الحدث حيا وعلى الهواء مباشرة .. إلى جانب ما يتضمنه هذا الحدث من إغراء لكل صحفي ومصور بشتى أنواع الصور الثابتة والمتحركة من متعة وكنز عظيم لالتقاط غرائب وعجائب المشاهد ، وتسجيل الكثير من المواقف والتي تكتنز مشاعر كثيرة وكبيرة ومختلفة .
فربما تجد في القافلة المنسحبة من يبكي على ما خلف وراءه من ذكريات ، أو ما شاهد من مآسي وتضحيات ، وما فقد من أصدقاء ورفاق ، وربما هو ذاته هذا الباكي تراه يضحك ويبتسم للكاميرا ليظهر انه ينسحب طواعية ، او ربما يضحك ويبتسم لما سيجده في بيته بعد قليل من عناق الأهل والأحباب وقد طال البعد والغياب .. وستجد الكثير من العراقيين وهم يجوبون الشوارع معبرين عن فرحتهم وابتهاجهم بانسحاب القوات الأمريكية وكأنهم يكنسونها إلى مزبلة التاريخ ، ليضفوا صفحة جديدة إلى تاريخ العراق المجيد .. وربما لا يعرف الكثير منهم ماذا خلفت القوات الأمريكية خلفها ... السفارة .. ومئات القصص الحزينة .. والآلف الصور التي تدمي القلب التي تحزعميقا في جرح العراق القديم الجديد المتجدد ...
نعم تجاهلت القنوات الفضائية هذا الحدث ولم تغطيه تغطية تليق به ، لأنه كأي انسحاب هو انكسار ولو انه بصورة انتصار فالانسحاب اندحار وهزيمة ليس اقلها الروح المعنوية .. ليضاف انسحاب آخر ينتظر انسحابات أخرى وهزيمة اكبر لحلف الناتو أولا وأمريكا وغطرستها ثانيا ، وليدق ناقوسا في عالم الذكرى الأمريكية يوم أن انسحبوا مدحورين من فيتنام تحت وطأة الثورة والثوار ، ويوم أن سحلهم شباب الصومال في شوارع مقديشو المتربة على أعين العالم ، ويوم أن علق ثوار بغداد وأسودها جثثهم على الجسر ، وما لحق ويلحق بهم يوميا في أفغانستان ليسجل لهم اكبر وصمة عار في جبين الإنسانية .. نعم هو انسحاب المدحور المنهزم ..
والسؤال لمهم لماذا تجاهلت تلك القنوات هذا الحدث الكبير والمهم في تاريخ العراق والمنطقة ؟؟؟ وما هي مبرراتهم ؟؟ وما هي برامجهم وأهدافهم ...؟؟؟
التعليقات (0)