مواضيع اليوم

لماذا تتعثر المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية؟

اسرائيل .

2010-12-16 22:23:16

0

ما هي الاسباب الحقيقية لتعثر العملية السلمية بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية؟

لقد حان الوقت أيها السادة لتسألوا الفلسطينيين مباشرة وبكل صراحة هل هم مستعدون لتقديم أي تنازل ؟؟

مقال رأي بقلم نائب وزير الخارجية, سفير إسرائيل السابق في الولايات المتحدة داني أيالون نشر في صحيفة الجيروزاليم بوست بتأريخ 14.12.2010

كما هي العادة، فقد تمخض عن انهيار المحادثات السلمية بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، ما أصبح معروفا وهو القاء اللوم مجددا وبشكل كامل على الطرف الاسرائيلي .. لكن تعالوا معنا نراجع سيرورة المحادثات الاسرائيلية الفلسطينية منذ بدايتها قبل حوالي سبعة عشر عاما لنكشف عن الاسباب الحقيقية التي تقف وراء تعثر العملية السلمية وبالتالي عدم تحقيق السلام المنشود ..

اولا علينا ان نعلم ان الموقف الاسرائيلي من عملية السلام يخطو خطوات حثيثة ومضطردة منذ التوقيع على معاهدة اوسلو العام 1993 .. فنجد تجليات لهذا الموقف في العروض السخية التي تقدم بها الرئيسان الاسبقان لحكومة اسرائيل ايهود باراك وايهود أولمرت خلال الاعوام 2000 و 2008 .. فماذا كان موقف الفلسطينيين من تلك العروض؟ ان هذه العروض وبالرغم من انها تلبي كافة المطالب الفلسطينية تقريبا الا انها قوبلت بالرفض المطلق من قبل الجانب الفلسطيني ذاك بدون تقديم اي تبريرات او طرح اي عرض بديل ..

ومن طرفها فقد قبلت الحكومة الاسرائيلية الحالية بمبدأ دولتين لشعبين هذا القبول اقترن ايضا بممارسات على الارض حيث أسهمت دولة اسرائيل بشكل ملحوظ في تحسين الاوضاع المعيشية للفلسطينيين الى حد يمكننا القول ازاءه بان النمو الاقتصادي الذي شهدته الضفة الغربية خلال الحقبة المعنية كانت هي الاكبر مقارنة مع شبيهاتها في العالم بأسره .. ذلك فضلا عن قيام اسرائيل بازالة ما يربو عن ثلثي نقاط التفتيش الامني في الضفة الغربية وكذا تجميد البناء في المناطق الاستيطانية من جانب واحد .. ليس هذا وحسب بل إن اولى خطوات رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو لدى توليه مهام منصبه قبل نحو 21 شهرا كانت توجيه دعوة الى الفلسطينيين لمواصلة المفاوضات تحت اي ظرف وتحت اي مظلة ودون شروط مسبقة، اضافة الى فتح الابواب على مصراعيها لمناقشة كافة القضايا العالقة ..

لكن وللاسف نجد ان الموقف الفلسطيني لم يتحرك خلال السنوات الـ 17 الاخيرة قيد أنملة ولم يتزحزح الفلسطينيون عن مطالبهم .. مبتغين تحقيق الحد الاقصى من مطالبهم .. دون ابداء اي رغبة بتقديم تنازلات من طرفهم ... فهل حان الوقت لنسأل الفلسطينيين سؤالا صريحا ومباشرا هل أنتم على استعداد اصلا لتقديم اي نوع من التنازلات ؟؟ هل أنتم على استعداد للاعتراف بدولة اسرائيل باعتبارها دولة يهودية ؟ هل أنتم على استعداد للاعتراف بالعلاقة العضوية الوطيدة بين اليهود وحائط المبكى وجبل الهيكل ؟ هل أنتم على استعداد للاعتراف باللاجئين اليهود من البلدان العربية ؟ وهل أنتم على استعداد للاقرار بان اسرائيل مثلكم تماما لها ما لها من الهموم الامنية الجدية والحقيقية ؟

نقول هذا ونحن نرى انه وفي الوقت الذي يأخذ موضوع بناء المستوطنات حيزا كبيرا من الاهتمام العالمي ، فان أحدا لم يلتفت الى حقيقة مفادها ان الفلسطينيين أخذوا يتراجعون اصلا عن مواقف سبق وان قبلوا بها ، لا سيما خيار الدولتين لشعبين ... وقد كنت شاهدا على ذلك الرفض من قبل رئيس الحكومة الفلسطينية السيد سلام فياض حين رفض التوقيع على البيان الختامي لاحد اللقاءات لتضمنه مفردات تذكر هذا الامر صراحة ...

بينما وبالمقابل، نرى بان الفلسطينيين قد نجحوا نجاحا باهرا في تقديم صورة سلبية لاسرائيل امام العالم بوصفها الطرف المعرقل لعملية السلام ، ذاك على الرغم من ان الفلسطينيين في واقع الامر يدورون منذ عقدين من الزمان في حلقة مفرغة اخترعوها هم بانفسهم كذريعة وغطاء لحجب الحقيقة التي مفادها انهم ما انفكوا يتملصون ويرفضون ... ان هذه الدائرة المفرغة تكون بدايتها في الغالب دأب الطرف الفلسطيني في البحث عن ذريعة ما تجنبهم الوصول الى طاولة المفاوضات ، فتجدهم يتهربون من اي فعل صريح وصادق ، وليس آخرها امعانهم في القاء اللوم على اسرائيل حيال اي فشل في العملية التفاوضية ..

والامر لا يتوقف عند هذا الحد فتجد ان الفلسطينيين باتوا يهددون بالاعلان عن دولتهم من طرف واحد .. بل لجأوا ايضا الى لغة التهديد والوعيد بانهم سوف يلجأون الى العنف في مواجهة اسرائيل .. وكفعل متوازي نرى ايضا بانهم يطلقون حملة شرسة للنيل من شرعية دولة اسرائيل من خلال استغلال سافر للمؤسسات الدولية كالأمم المتحدة ، في محاولة منهم لتأسيس وتدعيم حركة تناهض اسرائيل ...

وما أدل على هذا من الجدل الدائر في الآونة الاخيرة حول مواصلة تجميد المستوطنات ، لنجد ان الحكومة الاسرائيلية تبنت منذ الوهلة الاولى خيار المفاوضات المباشرة بدون قيد او شرط فقامت بتجميد الاستيطان لمدة عشرة أشهر ، فيما الفلسطينيون لجأوا الى وأد كل محاولة لاجراء مفاوضات مباشرة رافضين هذا الفعل رفضا باتا .. وما ان تنتهي فترة واحدة من فترات تجميد الاستيطان حتى يشرع الفلسطينيون بالمطالبة بالاعلان عن فترة اخرى اضافية لتجميد البناء لكن دون ابداء اي رغبة بالجلوس الى طاولة المفاوضات ، حيث ما زال هذا الوضع يراوح نفسه على هذا النحو منذ سنة ونيف ...

لكن في واقع الامر فان المستوطنات ما هي الا ذريعة يتعلقون بها لتجنب اي فعل تفاوضي ، ذاك رغم علمهم بان موضوع المستوطنات وترسيم الحدود هي اصلا من المواضيع التي اتفق على معالجتها في المرحلة النهائية كل هذا حسب الاتفاقات التي تم التوقيع عليها في السابق ، الا اننا نرى الان بان الفلسطينيين قد جعلوها من الشروط التي تسبق اي عملية تفاوضية ..

وفي الوقت الذي يتباكى الفلسطينيون ومن لف لفهم قائلين بان المستوطنات ما زالت تقضم المزيد من الاراضي التي من المقرر ان تقوم عليها دولتهم مستقبلا ، فان واقع الحال يقول بان المساحة الكلية للاراضي التي تحتلها المستوطنات خلال السنوات الـ 43 الاخيرة اي منذ عام 67 وحتى اليوم لا تزيد نسبتها عن 1.7% من مجمل اراضي الضفة الغربية ..

ان كل طرف مفاوض يتمنى لو تحققت مطالبه بالكامل ، لكن هذه المطالب تحتاج الى فعل تفاوضي لتحقيقها .. ان السبيل الوحيد لتحويل هذه الامنيات الى حقائق فعلية هو تحقيق مصالحة تاريخية بين اليهود والعرب عموما وبين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني على وجه الخصوص .. ولن يتسنى هذا بدون تقديم تنازلات من الطرفين قامت بها اسرائيل فعلا بل يزيد..

من هنا يكون من الضروري ولاجل المضي قدما في المساعي السلمية ان يتوصل المجتمع الدولي الى قرار جريء فينحي جانبا كافة الضغوطات التي تمارس من قبل جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي في كافة المحافل الدولية ، هذه الضغوطات التي باتت تشكل حافزا للطرف الفلسطيني للامعان في رفضه اي مبادرة تفاوضية ودافعة به في الوقت ذاته بعيدا عن طاولة المفاوضات .. كذلك يتوجب على المجتمع الدولي ان يرفض كافة الذرائع والتهديدات من الجانب الفلسطيني ذاك لسد الطريق امام محاولاتهم الدؤوبة للتهرب من المفاوضات .. نحن نقول وبالفم المليان لكافة الاطراف المعنية إنه لا بديل عن خيار المفاوضات .. ونرفض كافة اشكال الضغوط فهذه ان كانت لها حاجة اصلا فهي يجب ان تمارس ضد أولاءك الذين يرفضون حتى مجرد الجلوس الى طاولة المفاوضات .. فيما نحن قاعدون حول هذه الطاولة لم نبرحها بانتظار الطرف الفلسطيني ...

وخلاصة قولنا إن اي تبني تلقائي للمواقف الفلسطينية دونما تقصي ومراجعة من شأنه ان يقوض الجهود الرامية الى تحقيق السلام .. هذه هي مهمة المجتمع الدولي الان وهي ان يعيد الجانب الفلسطيني الى طاولة المفاوضات ...

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات