مواضيع اليوم

لماذا تأخــر العلمــاء المسلمون الجزائريون في الالتحاق بالثورة؟

الخير شوار

2009-04-17 14:30:56

0

تؤكد المصادر التاريخية المختلفة، أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لم تلتحق بالثورة التحريرية تحت راية جبهة وجيش التحرير الوطنيين إلا سنة 1956، لكن أنصار الجمعية يؤكدون أنها كانت مع الثورة منذ بدايتها.

أنصار الجمعية يستندون إلى بيان وقّعه رئيس الجمعية البشير الإبراهيمي من القاهرة يوم 15 نوفمبر ,1954 وأعيد نشره ضمن كتاب الجزائر الثائرة للراحل الفضيل الورتلاني المطبوع في لبنان في خمسينيات القرن العشرين، والذي يقول: إنكم مع فرنسا، في موقف لا خيار فيه، ونهايته الموت، فاختاروا ميتة الشرف على حياة العبودية التي هي شر من الموت، ثم يضيف: إنكم كتبتم البسملة بالدماء، في صفحة الجهاد الطويلة العريضة، فاملؤوها بآيات البطولة التي هي شعاركم في التاريخ• وجاء ذلك البيان الصادر عن مكتب جمعية العلماء بالقاهرة، بعد أكثر من أسبوعين على اندلاع ثورة أول نوفمبر ,1954 وكان مكتب الجمعية قد أصدر بعد اندلاع الثورة بيوم واحد بيانا تم توزيعه على وكالات الأنباء الدولية، وبدا من خلال صياغته أن أعضاء المكتب ليسوا على علم بتفاصيل ما حدث، وإنما استقوا الأخبار من المحطات العالمية، وفيه يبرر كاتب البيان ما يحدث دون أن يحيط بالتفاصيل•
ومن هذا المنطلق، يؤكد أنصار الجمعية أنها كانت مع الثورة منذ يومها الأول، وهو ما قد يتبادر إلى ذهن البعض، فقد كان بيان 15 نوفمبر على الخصوص واضحا في دعوته إلى الثورة على فرنسا وجهادها، وثورة أول نوفمبر بقيادة جبهة وجيش التحرير الوطنيين حملت المبادئ نفسها التي نادت بها الجمعية منذ نشأتها الأولى، ولو أنها اختلفت مع حزب الشعب الذي كان بقيادة زعيمه مصالي الحاج ينادي بالاستقلال التام، وكانت الجمعية قد اختارت الواقعية السياسية• لكن القائلين بأن الجمعية تكون قد التحقت آليا بالثورة منذ أيامها الأولى تنقصهم المعطيات التاريخية الدقيقة، فجبهة التحرير الوطني التي فاجأت العالم بالإعلان عن نفسها من خلال بيان نوفمبر، اشترطت على الأحزاب والتنظيمات التي كانت متواجدة على الساحة الجزائرية حينها حلّ نفسها والتحاق أعضائها بصفة فردية، والإعلان أن الإطار الوحيد للثورة ضد فرنسا من أجل الاستقلال هو جبهة التحرير الوطني نفسها، فمصالي الحاج الذي رفض الاندماج في الجبهة، لم تشفع له الثورة التي فجّرها بقيادة الحركة الوطنية الجزائرية بداية من ديسمبر ,1954 واُعتبر تنظيمه معاديا للثورة رغم المعارك التي كان يخوضها ضد المحتلين، فقد سقط الكثير من الجزائريين في مواجهات دموية بين الجبهة والحركة الوطنية•
ومن هذه المعطيات، فإن بيان 15 نوفمبر الصادر عن مكتب جمعية العلماء المسلمين بالقاهرة، وإن كان لا يعادي ثورة نوفمبر ,1954 فإنه لم ينخرط فيها بشكل رسمي، ذلك الانخراط الذي تأخر بالفعل إلى غاية سنة 1956 بإعلان تجميد الجمعية والتحاق أفرادها بالجبهة، وهو التأخر الذي يبرره المؤرخ الدكتور أبو القاسم سعد الله في تقديمه لكتاب في قلب المعركة الذي جمع وثائق الشيخ البشير الإبراهيمي هو تلك المرحلة بالقول: إن من يطالع بيان أول نوفمبر ,1954 يلاحظ دون شك، أن هناك غيابا لمبادئ جمعية العلماء التي رسمتها للجزائر ماضيا ومستقبلا• كما يلاحظ أن البيان لا يجيب عن بعض النقاط بوضوح كالهوية والإسلام والعروبة، وأنه ليس ميثاقا أو عريضة مرجعية ذات فلسفة وتصورات حضارية، وإنما هو وثيقة سياسية - صحفية كتبت فيما يبدو على عجل وصيغت في عبارات بسيطة وعملية، فكيف نتوقع أن يتبنّى الشيخ البشير الإبراهيمي ذلك البيان على علاته؟
الخير شوار





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !