مواضيع اليوم

لماذا المثقفون دائما فقراء؟

حواء

2009-01-14 21:59:40

0

بقلم‏:‏ جمال الشاعر

ادفع‏..‏ لايوجد شيء مجاني في هذا الزمان‏..‏ كل شيء قابل للتسليع‏..‏ للبيع والشراء‏..‏ من يدفع أكثر للعازف هو الذي يختار اللحن‏..‏ لابد من رأسمال ثقافي حر لكي يكون لدينا ابداع ثقافي حر‏..‏ انتهي زمن الاشتراكية والكتابة تحت وطأة أجندة سياسية موجهة‏..‏ انتهي زمن الوصاية الثقافية‏..‏ العالم كله يتألق إبداعيا وثقافيا لانه تحرر من الروتين‏..‏ والدول العظمي فهمت أن الثقافة هي القوة الحريرية التي تسيطر بها علي الشعوب‏,‏ ومن هنا فإنها تدعم المؤسسات الثقافية والمبدعين ولاتتدخل في شئونهم‏..‏ لا إملاءات ولا استقطابات‏..‏ ألمانيا مثلا تنفق ثلاثة مليارات يورو علي الشئون الثقافية‏,‏ وفرنسا مليار يورو لدعم الفرانكفونية في العالم‏..‏ ومع ذلك فكلتاهما لاتستطيع مواجهة الطغيان الثقافي الأمريكي الذي يسيطر علي سبعين في المائة من الانتاج الثقافي العالمي‏..‏ اين نحن من كل ذلك؟‏!‏ سكان العالم العربي يشكلون اربعة ونصف في المائة من سكان العالم ولكن اسهامنا الثقافي لايتجاوز ثلاثة من عشرة في المائة من حجم الإنتاج الثقافي العالمي‏..‏ ونصيب المواطن المصري سنويا من القراءة نصف صفحة بينما مثيله في أوروبا وأمريكا يقرأ اثني عشر كتابا في السنة‏

..‏ نعم لدينا أمية ثقافية‏..‏ ولكن في المقابل عندنا إدارة فاشلة لرأس المالي الثقافي‏..‏ في مصر مثلا ايرادات الأوبرا في العام ثلاثة ملايين جنيه فقط طبعا ما تنفقه أضعافا مضاعفة‏..‏ ومصر فيها‏14‏ مسرحا ايرادتها لاتتجاوز المليون جنيه‏..‏ الفنون الشعبية تحقق مليون جنيه سنويا والسينما نصيبها من الانفاق مع كل هذه الضجة عن السينما المصرية هو‏30‏ مليون دولار امريكي فقط‏..‏ تسويق الافلام المصرية عربيا وعالميا ضعيف جدا جدا‏.‏ وفي مجال الكتاب نصيب مصر‏58%‏ من الانتاج العربي للنشر ولكن مازالت صناعة الكتاب وانتشاره متواضعين جدا‏..‏ ربما تكون اللغة والترجمة عائقا لاستثمار الانتاج الثقافي العربي ولكن ذلك ليس حجة‏,‏ فأدب امريكا اللاتينية فرض نفسه علي اسواق الاستهلاك الثقافي العالمي‏..‏ اضف إلي ذلك ثروات مصر من الآثار ومن الفن التشكيلي ومن الإنتاج الإعلامي والصحفي ومن الإمكانات السياحية‏..‏ كل هذه ثروات جبارة لرأس المال الثقافي المصري ولكنها مهدرة للأسف لسببين‏..‏ الأول‏..‏ غياب استراتيجية مصرية يضعها المفكرون والسياسيون والاقتصاديون لاستثمار رأس المال الثقافي قوميا وعالميا‏..‏ وثانيا‏..‏ غياب الإدارة الاقتصادية للمؤسسات الثقافية وتطوير ادائها بما يسمح لها بالمنافسة والتألق إبداعيا‏..‏ صندوق التنمية الثقافية خطوة ولكن الطموحات اكبر من ذلك بكثير‏..‏ ناهيك عن المكاسب السياسية التي يمكن ان تتحقق لمصر من الدبلوماسية الثقافية‏..‏ احد سفراء مصر السابقين في واشنطن حكي لي كيف انه استثمر معارض توت عنخ آمون المتجولة في أمريكا لتحقيق مكاسب سياسية لمصر‏..‏ مصر غنية ثقافيا والمثقفون ليسوا فقراء‏..‏ المشكلة في المدراء‏..!‏

gamal_elshaer@hotmail.com
..‏

 

نقلا عن جريدة الأهرام القاهرية اليومية 14 - 1 - 2009




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !