مصعب الهلالي:
لماذا احتمال تحوّل أنفلونزا الخنازير
إلى نزاع طائفي؟؟
التحفز الطائفي والنزاع الديني يفرخ دائما ظاهرة (اللامعقول) في تقبل الأمور والحقائق والتصرفات وردود الأفعال وسوء الفهم المتبادل في العلاقة بين البشر ..... نتذكر هنا وعلى سبيل المثال حرب لبنان بدأت سياسية وانتهت طائفية ..... أحداث سبتمبر في نيويورك بدأت سياسية واختزنها المحافظين الجدد فحولوها بقدرة قادر بعد الاجترار على النسق البقري إلى حرب دينية ونطق جورج بوش (الصغير) بمصطلح (الحملة الصليبية) دون أن يشعر فافتضح ملعوب الخفاء وانكشف المستور تحت الأقنعة وتبين الخلق لون الابتسامة الصفراء في أسنان المحافظين الجدد وحلفائهم من الصهاينة .....
الخنزير بالنسبة للنصارى ليس حيوانا عاديا ولكنه يعتبر جزء من صميم عقيدتهم وقناعاتهم الدينية . وعلى ضوء أن الكتب السماوية الثلاثة (القرآن / الإنجيل/ التوراة) قد حرمت في الأصل أكل لحم الخنزير .. وحيث لم يأخذ النصارى بتحليل أكل لحمه إلا بعد مؤتمر (قينية) عام 321م بعد مساومات مع الملك قسطنطين ابن هيلانة حيث كان الرومان الوثنيون يأكلون لحمه ويعتمدون عليه كمصدر أساسي لتزويدهم باللحوم والشحوم ولربما يكون السبب في إصرار قسطنطين على تحليل الانجيل لأكل الخنزير هو مصالح تجارية واقتصادية للدولة الرومانية أو خضوع ومجاراة لمراكز قوى في الامبراطورية تنتفع من تربيته وبيعه تماما كما يمارس لوبي تصنيع الأسلحة في الولايات المتحدة مثلا الضغوط على الحزب الجمهوري لشن حروب وافتعال أزمات هنا وهناك لتدوير عجلات الانتاج في مصانعه وجني الأرباح من وراء ذلك.
إذن تفرد النصارى وحدهم دون غيرهم من أتباع الديانات السماوية بهذه القناعة الأمر الذي جعلهم في غاية الحساسية تجاه كل ما يمس أو يهز من مصداقية و (طهر) و (قدسية) الخنزير ... ولأجل ذلك سعى اللوبي المسيحي في الإعلام الفرنسي إلى تبرئة الخنزير ومحاولة إخراجه عن دائرة الضوء كعنصر اتهام عبر إطلاق تسمية جديدة على مرض أنفلونزا الخنازير فأسموه (حمى المكسيك) .. وحين احتجت المكسيك ..تراجع الإعلام الفرنسي عن هذه التسمية ثم بطريقة أو بأخرى خرج علينا الاتحاد الأوروبي من بروكسل بمحاولة جديدة لتبرئة الخنزير فأقترحوا عصر اليوم تسمية هذا الوباء بإسم (أنفلونزا الحمى الجديدة) !!!
إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا لم يهتم العالم المسيحي بتغيير مسمى (أنفلونزا الطيور) ؟؟ ومن قبل ذلك لماذا لم يهتم بتعديل تسمية مرض (حنون البقر) ؟؟
الحساسية هنا إذن وفي حضرة (طهارة) الخنزير تبدو واضحة بجلاء .. ومن ثم فلا غرابة أن يصل الأمر بالبعض في كافة دول العالم إلى التصعيد داخل بلدانهم ليصبح نقطة خلاف طائفي وصراع ديني جديد في بؤر التوتر الديني والطائفي .. فهناك العديد ممن يتصيد في الماء العكر وينتهز الفرص المتاحة لاستثمارها دينيا .
... وفي مصر حيث هي بالفعل بؤرة لا نقول صراع ولكن شد وجذب لاسباب تتعلق بالخطاب الديني الشديد اللهجة المتبادل بين الطرفين فقد لاحظنا اليوم 29 أبريل 2009م أن قرار إبادة كافة الخنازير في مصر (500,000 خنزير) قد احتاج إلى ما يمكن وصفه بصدور قرار جمهوري مبطن وكأنّ الأمر (حالة طواري) حيث كان لصدور القرار بعد المقابلة التي تمت بين وزير الصحة ورئيس الجمهورية يصب في خانة هذا الإيحاء ..... كان القرار بالفعل في حاجة إلى حسم وحزم وشجاعة قائد عسكري بموهبة حسني مبارك .....فخرج وزير الصحة بعدها يعلن القرار على الملأ من منطلق ..... (قطعت جهيزة قول كل خطيب).
التعليقات (0)