2/ ثعلبة بن حاطب .
المنافق الثاني هو ثعلبة بن حاطب الأنصاري .
وقد ذكره في أهل بدر كل من :{ ابن هشام في السيرة النبوية , ابن سعد في الطبقات الكبري , ابن حجر في الإصابة , ابن عبد البّر في الإستيعاب , ابن الأثير في أسد الغابة }
وثعلبة هو الذي نزل في حقه قوله تعالي :(ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب .
ذكر مجموعة من المفسرين . أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري ، قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ادع الله أن يرزقني مالا . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه
قال ثم قال مرة أخرى ، فقال : أما ترضى أن تكون مثل نبي الله ، فوالذي نفسي بيده لو شئت أن تسير معي الجبال ذهبا وفضة لسارت .
قال : والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقني مالا لأعطين كل ذي حق حقه . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اللهم ارزق ثعلبة مالا .
قال : فاتخذ غنما ، فنمت كما ينمو الدود ، فضاقت عليه المدينة ، فتنحى عنها ، فنزل واديا من أوديتها ، حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة ، ويترك ما سواهما . ثم نمت وكثرت ، فتنحى حتى ترك الصلوات إلا الجمعة ، وهي تنمو كما ينمو الدود ، حتى ترك الجمعة . فطفق يتلقى الركبان يوم الجمعة ، يسألهم عن الأخبار ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما فعل ثعلبة ؟ فقالوا : يا رسول الله ، اتخذ غنما فضاقت عليه المدينة . فأخبروه بأمره فقال : يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة
وأنزل الله جل ثناؤه : خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ونزلت عليه فرائض الصدقة ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلين على الصدقة : رجلا من جهينة ، ورجلا من سليم ، وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين ، وقال لهما : مرا بثعلبة ، وبفلان - رجل من بني سليم - فخذا صدقاتهما . فخرجا حتى أتيا ثعلبة ، فسألاه الصدقة ، وأقرآه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ما هذه إلا جزية . ما هذه إلا أخت الجزية . ما أدري ما هذا انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إلي . فانطلقا وسمع بهما السلمي ، فنظر إلى خيار أسنان إبله ، فعزلها للصدقة ، ثم استقبلهما بها فلما رأوها قالوا : ما يجب عليك هذا ، وما نريد أن نأخذ هذا منك .
قال : بلى ، فخذوها ، فإن نفسي بذلك طيبة ، وإنما هي له ، فأخذوها منه ، فلما فرغا من صدقاتهما رجعا حتى مرا بثعلبة ، فقال : أروني كتابكما فنظر فيه ، فقال : ما هذه إلا أخت الجزية . انطلقا حتى أرى رأيي . فانطلقا حتى أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآهما قال : يا ويح ثعلبة قبل أن يكلمهما ، ودعا للسلمي بالبركة ، فأخبراه بالذي صنع ثعلبة والذي صنع السلمي ، فأنزل الله - عز وجل
) ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ) إلى قوله : ( وبما كانوا يكذبون (
قال : وعند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من أقارب ثعلبة ، فسمع ذلك ، فخرج حتى أتاه فقال : ويحك يا ثعلبة . قد أنزل الله فيك كذا وكذا ، فخرج ثعلبة حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله أن يقبل منه صدقته ، فقال : إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك ، فجعل يحثو على رأسه التراب ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ، قد أمرتك فلم تطعني . فلما أبى أن يقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع إلى منزله ، فقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم ولم يقبل منه شيئا . ثم أتى أبا بكر حين استخلف
فقال : قد علمت منزلتي من رسول الله ، وموضعي من الأنصار ، فاقبل صدقتي . فقال أبو بكر : لم يقبلها منك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أن يقبلها ، فقبض أبو بكر ولم يقبلها . فلما ولي عمر أتاه
فقال : يا أمير المؤمنين ، اقبل صدقتي . فقال : لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ، وأنا أقبلها منك فقبض ولم يقبلها ؛ ثم ولي عثمان فسأله أن يقبل صدقته ، فقال : لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر وأنا أقبلها منك فلم يقبلها منه ، وهلك ثعلبة في خلافة عثمان .
{تفسير بن كثير }
بالرغم من شهرة هذه القصة , إلا أن العديد من المحدثين ضعفها ,والسبب في ذلك ليس سند الرواية ,{ كما ذهب إليه الألباني } ولكن لأنّ ثعلبة من اهل بدر , وأهل بدر من خلاصة المؤمنين , وهذه القصة تصرح بنفاق ثعلبة , فكان لابد من تكذيب الرواية من الأساس !
یقول الآلوسی : (وَمِنْهُمْ مَّنْ عاهد الله لَئِنْ ءاتانا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصالحين } بيان لقبائح بعض آخر من المنافقين ، والآية نزلت في ثعلب بن حاطب ويقال له ابن أبي حاطب وهو من بني أمية بن زيد ، وليس هو البدري لأنه قد استشهد بأحد رضي الله تعالى عنه .
لكن الآلوسي وغيره وقعوا في مشكلة وتناقض كبير , حيث لم يستطيعوا أن ينفوا وجود ثعلبة هذا بين أصحاب " المسجد الضرار " , وأصحاب المسجد الضرار كلهم من المنافقين ؟
قال تعالی : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (.
{ ابن كثير , الطبري , الطبراني , القرطبي , السيوطي }
فلا معني لنفي الخبر عن ثعلبة , خاصة إن أصل المشكلة هي السعي لإبعاد النفاق عن أهل بدر , وضد أثبتنا بالأدلة القطعية وجود منافقين بين أهل بدر , وعلي رأسهم معتب بن قشير .{ الذي فروا من ذكره فرار الحمر من القسورة }
نواصل ....
التعليقات (0)