منذ أمد طويل... منذ أمد طويل، وهذا السؤال اللعين الذي سخطت عليه الظروف يطاردني، يسكنني، يأكل مني لا يفارقني.
تعجبت لأمره وجرأته، ينتظرني حتى آكل كي يأكل مني، غذائي وحده يضمن له لقمة عيشه... قلبي وحده يضمن حياته...لا يفارقني... لا يفارقني... أينما ذهبت إلا وهو معي... يطاردني.
في البداية كنت أحبه، منحته مكانة في قلبي، وقلت له مرحبا بك عندي، اجلس هنا فسأبحث لك عن جوابك.
... يوما بعد يوم، وأنا أتصفح الكتب والجرائد علني أجد جوابا لهذا السؤال اللعين. لكني فوجئت بضياع أملي بين صفحات الكتب والجرائد... الكُتاب لا يكتبون الجواب الصريح... إنهم يتهربون من الإجابة أو أنهم لا يملكونها أصلا.
المهم أن حلمي لم يتحقق، وسؤالي ما زال يطاردني.
لم أجد الجواب الصريح، ولم أعد أفهم شيئا. لم أفهم لماذا ما تزال المرأة تنظر إلى نفسها وكأنها أنثى، ألم تفكر في يوم من الأيام في أنها إنسان؟ وإنسانيتها فوق كل شيء.
المرأة إنسانة لها كرامتها وأخلاقها، لها مبادئها وأفكارها، لكن لماذا غدت أفكار المرأة تسبح في عالم الأشخاص فقط؟ لماذا أصبحت أفكار المرأة جنسية إلى هذا الحد.
الأفكار الجنسية هي كل ما أدى بالمرأة إلى أن تفقد كرامتها وإنسانيتها، فخرجت إلى الشوارع تنادي بأعلى صوتها " حقوقي... حقوقي "، فاسترجعت شتى الحقوق إلا حق الكرامة، لسبب واحد فقط وهو أنها قامت ببيعه للآخرين. لأنها ما تزال تحس أنها أنثى وتريد أن تكون رجلا بعدما غدت تتساوى معه في شتى الحقوق وتمارس شتى الأعمال بما فيها البسيطة والشاقة.
مشكلة المرأة هي كونها لا تحس بأنها إنسانة ذات قيم، لا تحس أنها نصف المجتمع، لا تحس بأن الجنة تحت أقدامها كما أخبرنا الإسلام بذلك " الجنة تحت أقدام الأمهات ".
طالبت باسترجاع حقوقها منذ 28 فبراير 1907م، حينذاك طالبت بالحق في التصويت. وما تزال تطالب بالمزيد من الحقوق إلى أن أعلن من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة بتنظيم يوم عالمي للاحتفال بعيدها، وذلك سنة 1975م. فتم اقتراح 08 مارس كذكرى بل كعيد تحتفل به المرأة كل سنة.
في ثامن مارس من كل سنة إلا وتقدم الورود والهدايا للمرأة، تكبيرا، إجلالا، تقديرا واحتراما لها، بل وتهنئة لها بحلول عيدها السعيد.
كل هذا وذاك وما تزال المرأة تطالب بحقوقها، ونحن سنطالب معها من أجل استرجاع المزيد.
لكننا لا نريد من المرأة وبالخصوص المرأة العربية أن تبيع جسدها وكرامتها للآخرين، لا نريد أن تحس بأن حقوقها تكمن في الخروج إلى الشارع عارية، لأن المرأة العربية معروفة منذ زمن طويل بالحشمة والوقار والتواضع والاحترام. فأين هي من ذلك الآن؟
لا نريد من المرأة العربية أن تتشبث بتقليد الجزء التافه من الثقافة الغربية، لا نريد لها أن تكون ضحية حب فاشل، لا نريد لها أن تعيش ضحية غطرسة الغرب.
ونريد منها أن تعرف أن الغرب أحقر شعب للمرأة، كما نريد من المرأة العربية المحتشمة أن تعرف بأن الغرب يعتبرون المرأة وعاءا جنسيا فقط، نريد أن تعرف بأن الغرب يعتبرون المرأة بضاعة تباع وتشترى، والشعب العربي ضد ذلك.
و نريد كذلك أن تعرف بأن تقليدها لهؤلاء ولأفكارهم الجنسية هو ما أدى بها إلى فقدان حق الكرامة، وبالتالي فقدت حق أن تحيى حياة المرأة العربية المعروفة بالحشمة والوقار.
أخيرا أظن أنه حان الأوان لكي تنظر المرأة العربية إلى نفسها وتنتقدها أملا في استرجاع عزتها وكرامتها، هذه الأخيرة التي باعتها للآخرين، ليس مقابل المال أو بسبب الفقر، بل مقابل أن تقول للآخرين إني أملك حق التصرف في نفسي وحق بيع جسدي العاري.
إذ ذاك سأخبرها بأنها لن تسترجع حقوقها كاملة مادامت تبيعها... لأنها كلما استرجعت حقا إلا وتبيع آخر.
التعليقات (0)