أرجوك أخي الكريم لا تكمل قراءة المقال فأنت لست وزيراً، فمقالي هذا موجه لمعالي الوزراء في بلداننا العربية والإسلامية.
سادتي الوزراء، كل باسمه ولقبه، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته، أما بعد....
أعلم علم اليقين كم هي الأحمال التي تقع على كاهلكم، وكم هي المسئوليات الجسام التي تقفون عندها، وأعلم حجم طموحاتكم السياسية من أجل الارتقاء بوزارتكم وتقديم أفضل الخدمات لأمتكم وشعبكم....
وأعلم يا أصحاب المعالي أن من بعضكم لا يهمه سوى السلطة والجاه، وجمع الأموال، وبناء الإمبراطوريات التي من المفترض أن تحمي كرسي الحكم من الزلازل السياسية، وأعلم أن منكم من يفكر في استغلال المدة الدستورية لفترة الحكم من أجل تأمين حياة كريمة في المستقبل، وأعرف أن منكم من يعمل من أجل الوصول إلى الوزارة وهدفه الوحيد الحصول على راتب مدى الحياة تحت مسمٌى وظيفي اسمه (وزير سابق)، وأيضاً أعلم أن ركوب المواكب والسيارات الفاخرة يغير ما في الأنفس، وأعلم أن الدنيا ومفاتنها كبيرة، وأعرف أن الآخرة لا تأتي على بال معاليكم إلا عند تشييع القادة والزعماء، وأعلم أنكم يا أصحاب المعالي تناسيتم أنكم خلقتم من سلالة من طين، وأن الله الذي خلقكم يستطيع أن يأخذكم متى شاء وأينما شاء...
أصحاب المعالي، نعم، منكم من هو غير ذلك، فمنكم الحريص على وطنه، وعلى قضيته، ومنكم من يعمل لصالح ارتقاء بلده، ومنكم النزيه والمحافظ والأمين، ومنكم من يرى في مقدرات الشعب والأمة أمانه في أعناقكم ستسألون عنها عند الله، ومنكم من لا يستغل المنصب لأمور شخصية أو جهوية أو عشائرية، نعم، أنتم والله ترسمون الأمل لأمتنا، فمن قبلكم كانت التجارب الإسلامية كبيرة، أوضحت لنا كيف أن دولة الباطل ساعة ودولة الحق حتى قيام الساعة، وربما استوقفني يا معالي الوزراء تجربة دولة الخلافة العباسية والتي بدأ فيها منصب الوزارة يأخذ شكلاً مغايراً عما كان عليه من قبل، فقد كان الخلفاء العباسيون يُمعنون في البحث والتحرِّي عن أفضل الوزراء، فهذا الخليفة العباسي المأمون يضع مجموعة من المعايير لاختيار وزير له فيقول: إنِّي التمستُ لأموري رجلاً جامعًا لخصال الخير، ذا عفَّةٍ في خلائقه واستقامةٍ في طرائقه، قد هذَّبتْهُ الآداب وأحكمته التَّجارِب، إن اؤتمن على الأسرار قام بها، وإن قُلِّد مهمَّات الأمور نهض فيها، يُسكته الحلم، ويُنطقه العلم، وتكفيه اللَّحظة، وتغنيه اللَّمحة، له صولة الأمراء، وأناة الحكماء، وتواضع العلماء، وفهم الفقهاء، إن أُحسن إليه شكر، وإن ابْتُلِيَ بالإساءة صبر، لا يبيع نصيب يومه بحرمان غده، يسترقُّ قلوب الرِّجال بخلابة لسانه وحسن بيانه.
نعم، هذا هو الوصف الوظيفي المفترض لوزرائنا، أتمنى أن نرى ذلك فيهم، وأتمنى من الله أن يزيدهم تواضعاً وعطاءً ونزاهة، ويمنحهم البطانة الحسنة، حتى نصل إلى دولة الحق التي جسدها خلفائنا الراشدين رحمة الله عليهم جميعاً.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)