لله درك يا إمام المسلمين ..فقولوا ما انتم فاعلون يا علمائنا ؟
كنت استمع إلي كلمة خادم الحرمين الشريفين للعلماء المشاركين في المؤتمر العالمي الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي , والتي كانت كعادتها تدعوا إلي وحدة الصف وجمع شمل الأمة .. ولكن وبكل صدق , كانت هذه الكلمة مختلفة تماما .. كانت مزيجا بين رعدا وزجرا ورجاء وحب , خليط عجيب من إمام مشفق على حال الأمة , لم اسمع كلمات تخرج من فيه ألي آذان مترقبة .. لا والله .. إنها من قلب نابض بالحب والإخلاص والإيمان إلي قلوب وقع عليها واجب عظيم , خصوصا بعد تلك الكلمات ,التي قالها حفظة الله بنبرة المشفق :(اطلب منكم وأحثكم على عقيدتكم الإسلامية , فإذا ما دافعتم عنها يا ابنائها فمن يدافع عنها ؟ .. من سيدافع عنها ؟.. انتم , انتم الأساس , انتم القدوة ) ثم أردف حفظة الله بقوله ( هناك فئة من أبناء العالم الإسلامي ما ننكر أنهم من أبناء العالم الإسلامي , ولكنهم يدمرون العالم الإسلامي , بالتفرقة وبالأشياء التي لا تمت إلي العقيدة الإسلامية !)
قال حفظة الله توجيهات واضحة لهؤلاء العلماء لتجديد عقل العالم الإسلامي وضميره, والعصف بفلسفات وطرائق طائشة في سياسة النفس والحكم و المال , وإمداد الناس كلهم بدين يحترم الحق وحده , وينشئ مناهج أخرى تمحص العبادة لله , وتقيم حكم العدل , وتجعل الأمراء و الرؤساء حملة أمانات يسألون عنها في الدنيا والآخرة , وتقسم حقوقا معلومة للفقراء في أموال الأغنياء , وتقرر الإخوة العامة بين أجناس البشر
إن الأحوال السياسية في عالمنا الإسلامي بدأت تشكل نفسها بنفسها بدون فعل فاعل , بل بناموس الله الذي فرضه على البشر وهو التغيير من حال إلي حال , ولكن الدور العظيم هو على هؤلاء العلماء , فخروج الملايين في بقاع مختلفة من العالم الإسلامي في كل جمعة تطالب بالتغيير يوحي أن صحوة إسلامية راشدة قد اكتملت , فأين دوركم يا علماء الآمة في استغلال هذه الصحوة وتوحيد الرواء بين المسلمين , أن عددا كبيرا من الفقهاء المتأخرين حشوا مؤلفاتهم بنظرات غير سديدة , وأقوال غير مفيدة بل تصور بعضهم أمورا مستحيلة و وضع لها باسم الله أحكاما , وهي لا تزيد في قيمتها عن خيالات ألف ليلة وليلة , وهذا ما قصده خادم الحرمين "بالتفرقة التي لا تمت للعقيدة بشيء " .
ومهما تجاوزنا ما ورد في بعض المؤلفات المتأخرة فسيبقى البون واضحا بين الفقهاء الأوائل و المتأخرين , ولما كانت هناك حركة لإحياء الفقه الإسلامي , وجب النظر إلي أن الاستمداد والتأسي بالرجال الأولين لا من أصحاب المتون والشروح أيام الجمود والاضمحلال , هل تريدون أن تقنعون المسلمين توقف علمنا واجتهادنا بالدين بعد أصحاب المذاهب الكبرى ناهيك عن ما اندثر منها , إذا كان هذا هو الحال فلنخلع هذه المذاهب كلها , الشيعي منها وحتى السني ونستريح من الانتماء إليها .. أن نشوء محاور خلاف بسيطة بين الناس أمر لا غضاضة فيه ولا شر منه , أما أن يصل الأمر ألي الإخراج من الملة و التكفير , فهذه والله كبيرة لا تغتفر .
لو أن القران انزل أمس وبعث الرسول صلى الله عليه وسلم به منذ البارحة لما كان هناك بد من تفاوت الأنظار في أحكام الوضوء و الصلاة لان ذلك أمر طبيعي , ولكن من المؤكد إننا لن نصل ألي التعصب البليد , والتحزب السيئ .
أن إمام المسلمين رمى الكرة في ملعبكم يا علمائنا , فلا تكن اجتماعاتكم سفر وترفيه , بل أمانة وضعت في أعناقكم , وان قدركم هو الذي وضعكم في هذه الحقبة التاريخية الفاصلة ,,,
والله من وراء القصد
عبدالعزيز بن عبدالله الرشيد
التعليقات (0)