ماهر حسين.
(من يظن بأننا ذاهبون للمصالحة لنتحول إلى نموذج عن حركة فتح فهو مخطئ ،نريد أن نصل لمرحلة يتم فيها إجراء الانتخابات ويتحرك الشارع لاختيار ممثليه ،فلا خيار لنا إلا الإسلام بديلا") بهذه الكلمات خاطب الزهار منذ أيام قليلة ماضية طلاب الجامعة الإسلامية .
الشخص (الزهار )والمكان(الجامعة الإسلامية ) والحضور (أنصار حماس وأعضاء الكتلة الإسلامية بجامعة غزة ) هي عوامل هامة ومؤثرة بطبيعة الخطــــاب فالزهار متشدد ويٌجيد التصريحات المعاكسة للاتجاه العام وأخر إبداعات ومواجهات الزهار بهذا المجال كانت تصريحاته التي انتقد فيها رئيس المكتب السياسي لحماس (خالد مشعل ) وخطابه الأخير الذي ألقاء بلقاء المصالحة بالقاهرة ..كما أشرنا الشخص متشدد والمكان أحدى بؤر التشدد لحماس والتشدد الديني والحضور هم أتباع حماس من الطلاب وهي الفئة الأكثر تحمسا" للعمل والأكثر تشددا" بالغالب في تعاطيها مع المتغيرات السياسية وبهذه المكونات الثلاث (الشخص)و(المكان)و(الحضور) تتضح سمة الخطـــاب الحمساوي الداخلي وبالطبع وعلى عادة الزهـــار فلا بد من الهجوم على فتح والتهجم عليها وقد ظهر هذا بوضوح بالكلمات التي تحدث بها الزهار والمنقولة حرفيا" فيما سبق .
ما أستوجب الرد هو اتفاقي التام مع الزهـــار (فحماس لن ولن ولن تكون فتح ) و(حماس لا تستطيع الاقتداء بنموذج فتح ) وبعيدا" عن الإطالة على القارئ الكريم فإن هناك عدة أسباب تجعل (حماس لا تستطيع أن تكون فتح) ومنها :
حماس حزب مرتبط بتنظيم عالمي هو الإخوان المسلمين وفتح حركة وطنية فلسطينية – عروبة حماس غير واضحة وغير مفهومه وهذا ينعكس على تعاملها مع قضيتنا بينما فتح واضحة بفلسطينيتها وعروبتهـــا - فتح تؤمن بالانتخابات كوسيلة للتعبير عن الرأي والاتجاه وقامت فتح بدعم الانتخابات بالسلطة الوطنية مرتين ومنها المرة التي جاءت بحماس للمجلس التشريعي وبينما حماس تؤمن بان الحكم لله وعلى طريقتها وبأن الانتخابات وسيلة للوصول للحكم وليست هدف وبل أن كلمات الديمقراطية والحرية والحريات كلمات غائبة عن قاموس حماس السياسي والتنظيمي .
أسباب الاختلاف بين حماس وفتح وعدم إمكانية تحول حماس إلى نموذج فتح أسباب كذلك مرتبطة بالتجربة ففتح صاحبة تجربة نضالية وسياسية طويلة ووصلت إلى مواقفها السياسية واختارت أسلوبها النضالي لتحقيق الهدف من خلال تفاعلها مع كل العوامل المؤثرة بقضيتنا بينما حماس ما زالت مواقفها تتأرجح بين المواقف النظرية التي تجتذب بها الأنصار والمواقف السياسية التي تحاول ان تتواجد من خلالها حمـــاس عربيا" وإقليميا" ودوليا".
بالطبع فتح تؤمن بحرية الشعب واختياره وحماس تعتقد بان اختياراتها هي الصحيحة وهي الصائبة باعتبار ارتباط هذه الخيارات والاختيارات بالدين وبالله عز وجل ولقد أوقعت السياسة حماس بتناقضات لا يمكن التغاضي عنها وأبرزهـــا ما هو مرتبط بفلسطين ففلسطين كانت (أرض وقف ) وكانت(من النهر للبحر) والجهاد كان (فرض عين ) وبالطبع تحولت كافة شعارات حماس ومواقفها بعد أن أقامت سلطتها الأولى بعد الانقلاب المشئوم ...فلسطين الآن أصغر بكثير من حدودها السابقة وقد جاء الموقف الحمساوي واضح ومحدد وعلى لسان رئيس المكتب السياسي لحماس والذي اعتبر بان الهدف دولة بالضفة وغزة والقدس والجهاد غائب من دولة حماس حتى لو تم هدم المسجد الأقصى على رؤوس المصلين !!!!..لقد فرضت مصلحة حماس وقيادتها التغيير على مواقف حماس وهنا نجد أن حماس أصبحت تقوم بتغيير مواقفها باعتبارها (حركة سياسية ترفع الشعار الإسلامي وتستخدم الدين لتبرير مواقفها ) وهذا طبيعي بعالم السياسة ولكن الغير طبيعي هو أن تقوم حماس باستغلال الدين الإسلامي .. فحماس تنقلت في مواقفها ما بين (الجهاد فرض عين )و(أن جنحوا للسلم ) ..وبهذا النهج لن تكون حماس قادرة على أن تسير على خطى فتح ففتح لا تحاول استغلال الدين وفتح تٌجاهر بموقفها السياسي ولا تحاول خداع الشعب بكلمات بعيدة عن مصلحته فها هو الرئيس أبو مازن كرئيس للسلطة وباعتباره قائد لفتح يقول بنهج واضح مخاطبا" الاسرائيلين يوم 16/11/2011 (أوجه نداء للشعب الإسرائيلي بأننا جادون ومستعدون لتحقيق سلام عادل وشامل ،لكن السلام والاستيطان خطان متوازيان لا يلتقيان فالسلام أهم من الاستيطان والسلام أغلى من الائتلافات الحكومية) وهذا النداء يتطابق مع موقفنا السياسي ...ففتح صاحبة خطاب سياسي ورأي وبالمقابل حماس صاحبة صفقات سياسية وبالتالي (لن ولن ولن تكون حماس كفتح )
من المهم الإشارة كذلك إلى أكبر الفوارق بين فتح وحماس فحماس وكما أشرنا تستغل الدين لتمرير موقفها السياسي فان كانت الحرب فالجهاد فرض عين وأن كان السلام فهو هدنة ومبررها (أن جنحوا للسلم ) وتستغل حماس الدين للقضاء على مخالفيها في الداخل الفلسطيني فهي تمتلك قاموس جاهز للتكفير والتخوين للتعامل مع معارضيهم ...فهذا (خائن ) وهذا (كافر علماني) وهذا (شيوعي ملعون )وهذا (اشتراكي ) وهكذا فحماس بتعاملها الداخلي مع القضايا الوطنية ومع المكونات الفلسطينية تقوم باستخدام خطاب سياسي قائم على استغلال الدين فاختلافها مع فتح نابع من (علمانية فتح ) وقمعها (للجبهة الديمقراطية ) نتيجة (اشتراكيتها) وضربها لقيادي حزب الشعب لأنه (شيوعي ) فحماس تمكنت من التلاعب بالمواطن وهنا أدعو القارئ الكريم لبحث مواقف الزهار من إطلاق الصواريخ في مرحلتين حيث في المرحلة الأولى كانت الشرعية الفلسطينية تسيطر على غزة ومن ثم ومنذ استلام حماس للسلطة بانقلابها المشئوم!!!!!!! فلقد تحولت الصواريخ بقدرة قادر من (صواريخ توازن الرعب والجهاد والمقاومة ) الى (صواريخ العملاء والخونة ) وبالطبع هنا سأركز على عدائية حماس لفتح فأبناء فتح مسلمين بالغالب بحكم أغلبية المسلمين ولكنهم يؤمنوا بالمواطنة فلا فرق بين مسلم ومسيحي وحتى لا فرق بين مسلم ومسيحي ويهودي فكل من هو فلسطيني مواطن وما سبق لا علاقة له بالعلمانية بالمطلق وبل هو مرتبط بمفهوم المواطنة ،لقد كان اتهام فتح بالعلمانية والخيانة وسيلة حماس الأولى للتحريض على قتل أبناء فتح بغزة خلال الانقلاب وقبل ذلك وللأسف وأقول للزهار هنا وبوضوح ...بكل إخلاص وانتماء فلسطيني وبكل احترام للإنسانية وبكل رغبه بالسلام الداخلي بين فصائلنا والخارجي على صعيد الدولة الفلسطينية والجيران .... أقول بأن فتح لن تكون مثل حماس فحماس قادرة على (التحريض) وعلى (التكفير) وعلى (التخوين) وبل على( القتل) أما فتح فهي غير قادرة على ذلك ولن يكون التكفير والتخوين جزء من خطابها السياسي أو التنظيمي ولن يقول قيادي من فتح أبدا" (قتلانا بالجنة وقتلاهم بالنار )!!!!وبل أنني أُذكر بأن حماس بالغت في التكفير والتخوين لدرجة أن أتباع حماس مارسوا أعمال غير مسبوقة بحق مخالفيهم من أبناء فتح ونحتاج لسنوات لننسى المناظر البائسة التي بثها تلفزيون حماس أيام الانقلاب المشئوم ..وهنا نرجو الله عز وجل أن يُصفي القلوب وان تعود وحدتنا ..أخيرا" أقول للزهار بان( حماس لا تستطيع أن تكون مثل فتح وفتح لا تريد أن تكون مثل حماس) ولكن هذا لا يعني الاختصام والاقتتال وإنما يعني العمل على أن نمتلك القدرة على منح الشعب حقه بالاختيار فالانتخابات ليست منحه من احد ولكنها حق للمواطن الفلسطيني وشعبنا قادر على تحديد ممثليه ومن هنا فأنني أرى بان المدخل الوحيد لتعزيز المصالحة ولتحويلها إلى حدث فلسطيني هو التوافق على الانتخابات الحرة بإشراف عربي ودولي وبمشاركة كل من فتح وحماس وليختار شعبنا ممثليه ولنتجاوز هذه المرحلة فقضيتنا أكبر من فتح وحماس والمصالحة ..والديمقراطية هل الحل والسبيل ...كما أرى .
التعليقات (0)