الوضع للعربى أتفق الجميع على فشله فى صنع حاضره ومستقبله ، وإلقاء نظرة على شريط الفيديو التى يذيعه الإعلام العربى والعالمى للرهينة البريطانية العراقية " أمرأة " مارجريت حسن ، يوضح مدى هذا الفشل الأصيل الذى تفشى فى نفسية الإنسان العربى .
تبلدت أحاسيس ومشاعر المواطنين لما يرونه من كلمات توسلية لأمرأة لا نعرف ما يحدث لها بالضبط على أيدى رجال جماعات الإرهاب الإسلامى فى العراق ، سواء من إساءات جسدية أو معنوية لأن ما يراه الجميع على شاشات التلفزيون يدل على الإنهيار الكامل لإمرأة لا حيلة لها ولا قوة وسط رجال يصفهم الإعلام العربى بأنهم رجال مقاومة شجعان .
يا لها من مقاومة خسيسة تلك التى تحتمى وراء ظهر إمرأة ، يا لها من شطارة الجبناء التى جعلتهم ينتهكون كل القيم والأعراف الإجتماعية المتعارف عليها بأسم الدين ويختطفون إمرأة سلاحها الوحيد انها إنسانة تؤمن بإنسانيتها وإنسانية الآخرين ، بعكس من أختطفوها ، لأن أختطافهم لأمرأة وجعلها رهينة تنتظر الموت لو لم يتم تلبية أهدافهم السياسية ، دليل على إيمانهم الشديد بأنهم البشر الوحيدين على ظهر الكرة الأرضية وباقى المسكونة أنواع مختلفة من الحيوانات أو من القرود تحديداًَ .
لا يمكننا أن نوجه اللوم إلى جماعات يعرف الجميع بأنها عصابات إرهابية تسعى بكل قوتها وقوة أموال بترول العرب إلى تحقيق أغراض سلطوية بحتة ، بل توجيه اللوم إلى كل من يستمر يعضد ويساند ويمد يد الدعم بشتى أنواعه إلى تلك العصابات ، ذلك الدعم الذى جعلها تنمو وتزدهر وتخنق وسط مجتمعات تخلفت عن ركب الحضارة عصوراً كثيرة .
إذا كانت ضمائر العرب لم تصاب بالصدمة من رؤية هذا الشريط الدرامى ، فأعتقد أنها لن تصاب بأى صدمة مهما كانت فى المستقبل لأنها أصبحت كالميت الذى يحتاج فقط لتكفينه ودفنه فى مرقده المختار بحكم الأخيار من العلماء !
هل يمكننا تصنيع ضمائر جديدة لها قيم ومبادئ إنسانية تحترم الإنسان بأعتباره خليقة بشرية دون النظر إلى جنسه أو عرقه أو دينه ؟
الإنسان العربى فريد من نوعه ويحتاج للبيع فى مزاد علنى لتجديد شخصيته ، ونتمنى أن نجد بعض المغفلين الذين سيفرحون بالتراث الثقافى الذى يلقيه على ظهره وينهل منه يومياً تاركاً عقله للمناسبات القومية ، ذلك التراث وما يحتويه من قيم ومبادئ تشجع على أنتهاك حرية البشر بأسم الحاكم أو بأسم الدين ، النظر إلى المرأة بأعتبارها ناقصة عقل ودين والعمل على الحط من قيمتها الإنسانية سواء فى العمل أو فى المنزل أو فى المجتمع ، فالرجل هو السيد والمرأة مجرد خادمة مطيعة له ترضى ملذاته ولو تذمرت أو أحتجت لعنتها الملائكة فى الحال !
تتفاخر الشعوب العربية بأنها الشعوب الوحيدة التى تكرم وتكرم وتكرم المرأة فى كل شئ ، تعطيها حقوقها وزيادة " أرجو من القراء عدم الضحك " لأنها أكذوبة تتردد على مسامعنا منذ نشأتنا وحتى مماتنا ، أكذوبة نرددها أمام أصدقائنا فى مجالس السمر ، وفى بيوتنا نهين المرأة بكل جرأة وشجاعة يحسدنا عليها بدو الجاهلية ، لأنها أكذوبة فى دائرة كبيرة من الأكاذيب التى يدور في فلكها الإنسان العربى ويتمتع بها فى تناقض فريد .
هل لنا القدرة فى نقد ذواتنا حقيقة ؟
لو كان حقاً لدينا تلك الخاصية النقدية لما كان الأنحطاط وصل إلى درجة إذلال أمرأة بأختطافها وتعذيبها نفسياً بلحظة قتلها ويعلم الله ماذا يفعلون بها فى محنتها وفى كهوفهم الإرهابية المقدسة التى يرفعون فيها صلوات إلى من ؟ الله أعلم !
لو كانت تلك المرأة التى شاهدها العالم العربى كله أمرأة عربية مسلمة ، بالتأكيد ستكون ردود الأفعال قوية وصارخة ومتشنجة وستصل إلى درجة مطالبة الجماهير العربية الواعية بالحرب المقدسة ضد الخاطفين الكفرة الذين يحللون ما حرم الله !
مسلسل الفضائح فى شخصية الإنسان العربى ستوالى ، والغالبية ما زالت جالسة أمام شاشات التلفزيون تتفرج على مسلسل جديد يغتال عقلها وقلبها وعلى رأى المثل : كله عند العرب صابون !
2004 / 10 / 25
التعليقات (0)