لك الله يا غزة ، لك أهلك الصامدون :
كنت أتمنى من كل من فيه ذرة غيرة على غزة وعلى أهل غزة وعلى مقدسات غزة وعلى فلسطين كلها أن لا يتوجه بالنداء إلى حكامنا العرب الذين تبين بالملموس منذ زمان أنهم غير مبالين بفلسطين وأهلها وبالقدس وبمقسداتها العظيمة ، وكنت أتمنى أيضا منهم أن يتجاهلوهم لأنهم لن يغيروا من الأمر شيئا ولن يقدروا على زحزحة الموقف الصهيوني والأمريكي والغربي من حماس والمقاومة في فلسطين وفي غزة بالتحديد لأن المقاومة هناك تعتبر حليفة لحماس وتقودها حماس ونحن نعلم أن أنظمتنا العربية عندها موقف من هذا الفصيل المقاوم والسياسي في آن . فلماذا هذا الجهد الذي لن يفيد في شيء ولن ينقذ أهل غزة من همجية الصهاينة المجرمين الذين يذبحون ويقتلون الأطفال والنساء بدم بارد ويهدمون المساجد والمقدسات وكأنها مجرد مواخير في ملكوت الله ؟ .
العيب كل العيب في هؤلاء عندما يطالبون حكاما أقصى ما يمكنهم فعله هو التنديد الذي شبعنا منه ولم يعد يحرك أي أحد أو يقنع أحدا . ولذلك فيصعب علي تفهم هذا النداء الذي بات من الهراء إن لم نقل أصبح من مخلفات الماضي . والدليل على هذا الكلام هو شهادة واحد من هؤلاء الحكام وهو العقيد القذافي الذي صرح أن الحكام العرب وجامعتهم المريضة بالخرس والبطء والفقر الفكري والعقلي وعدم الإحساس بالأخوة لن يستطيعوا شيئا ولن يقدموا أو يؤخروا شيئا لأنهم مساكين وفقراء إلى الغرب وأمريكا وإسرائيل وغير قادرين على زحزحة كأس فارغ أمام أنظار هذه القوى العالمية التي تخيفهم بطائراتها الحربية وبأموالها المتدفقة وبحمايتها السياسية لأنظمتهم الفاقدة لأي شرعية ممكنة .
ومن هنا نقول أن أهل غزة ما لهم اليوم سوى أنفسهم ومقاومتهم ودماءهم الزكية التي انتصرت على فصيلة دم جميع العرب من المحيط إلى الخليج والذين لا يستطيعون تقديم ولو جزء يسير منها في سبيل قضاياهم وقضايا أمتهم المكلومة . لأهل غزة إرادتهم القوية في مقاومة الهمجية والصهيونية التي تعيث في الأرض فسادا وفي الطبيعة جرما لا يضاهيه أي جرم في التاريخ . لأهل غزة إرادتهم العظيمة في كسر الحصار والتجويع والقتل والتدمير الممنهج والذي يغطي عليه النظام العربي الرسمي دون خجل . لأهل غزة الوفاء للمقاومة والحياة الشريفة والكريمة وما دونها مجرد غرق في ملذاتها التي يتبعها الخنوع والاستعباد والاسترقاق كما يحصل لأنظمتنا الرسمية التي استحلت الخنوع والرق والعبودية للغرب وأمريكا وما يدور في فلكهم .
يحز في النفس أن نرى شعوبا عربية تتظاهر ولا تستطيع غير ذلك لأنها عاجزة على تغيير قدرها الذي رسمه لها نظامها الرسمي الخانع ، ويحز في النفس أن نتعايش مع بعض الحثالات التي تنتقد المقاومة وتمجد فعل الصهاينة من قتل وتدمير وهمجية في حق أهلهم وإخوانهم المسلمين في فلسطين . يحز في النفس أيضا أن نسمع بعض الخزعبلات والتصريحات على لسان بعض الساسة والمثقفين الذين يحملون مسؤولية الهمجية الصهيونية في غزة إلى حماس وكأن حماس هي التي تقصف غزة وتملك الطائرات والدبابات والزوارق وتمارس القتل وتذبح الأطفال والنساء والحيوانات والشيوخ وكل من يدب على الأرض في غزة .... وما أملك في هذا الأمر إلا أن أقول لهم استحيوا من أقوالكم واصمتوا على الأقل إن لم تجدوا ما تساندون به أهلكم في غزة وفلسطين فعلى الأقل ساعدوهم بالصمت و....
صعب أن يتحمل أي إنسان مثل هذه الهمجية الصهيونية ويسكت عنها حتى ولو بالكلمة الصادقة التي تخرج من أعماق القلب وتحمل في طياتها حبا لأهلنا في غزة وتبكي على عجزنا المطلق – وأقول المطلق بكل أريحية – عن مساعدتهم بأكثر من ذلك ....
لك الله يا غزة أولا ، ثم أهلك الشرفاء المقاومون العظام ، ثم ثالثا دماؤك الزكية التي أريقت من أجلك لحمايتك من دنس الصهاينة المجرمين .....
عزيز العرباوي
كاتب مغربي
التعليقات (0)