مواضيع اليوم

لكي نفوز بالحسنيين

زين الدين الكعبي

2010-04-27 14:35:50

0

 

 

رفضت طالبة كوسوفية خلع حجابها امام  زملائها ومدرسيها من الرجال في المدرسة . مما حدى بمدير المدرسة الى منعها من مواصلة دراستها اليومية والسماح لها فقط بأداء الأمتحانات النهائية . وبالرغم من أن الطالبة نجحت بالحصول على حكم من المحكمة يجبر المدرسة على السماح لها بمواصلة دراستها مع أرتدائها للحجاب ، ألا أن المدير والهيئة التدريسية العلمانية المتطرفة رفضت دخول الطالبة الى المدرسة .

وقال مدير المدرسة فهري كريمي معللا منع الطالبة من اللألتحاق بالدراسة " دولتنا علمانية ونحن نحترم الدستور " . وعلى الرغم من أن الدستور الكوسوفي ينص على أن الدولة محايدة في مسألة الأديان ، فأن المدير فسر هذا الحياد بمنع الطالبة من اللألتزام بواجبها الشرعي الأسلامي .

لو دققنا النظر جيدا لوجدنا أن من أكثر العلمانيين تطرفا هم اللذين يعيشون في البلدان المسلمة والعربية . فهؤلاء ينادون بافكار بل ويقومون بجرائم لايوافقهم عليها معظم العلمانيون الأصلاء من أوربيين وأميركان .

أنظر الى العلمانية التركية كيف قمعت وقتلت أثنيات عرقية لدمجها بالقوة بالدولة التركية الأتاتوركية العلمانية . وكيف حولت هذه العلمانية المساجد الأسلامية الى متاحف ، وزادت من ساعات العمل في رمضان لمنع العمال من الصيام ، وحاربت الحجاب ومنع النساء من أرتدائه بحجة علمانية الدولة .

ويدافع العلمانيون من ابناء الدول العربية بكل شراسة عن جرائم الكيان الصهيوني والغرب في فلسطين والعراق وأفغانستان تطرفا وحقدا وكرها لمخالفيهم من أبناء جلدتهم . بينما ، " وبعد تجلي الحقائق بسبب الثورة المعلوماتية " نجد أن الكثير من العلمانيين المتشربين بمبادئها من الغربيين أكثر دفاعا عن حقوق المدنيين الفلسطينيين والعراقيين اللذين تقتلهم ألات الحرب الصهيو-غربية كل يوم من علمانيينا.

جمهورية البوسنة ذات الأغلبية السكانية المسلمة ، أستقلت عن يوغسلافيا السابقة بعد تفككها ، وقاتل ابنائها الصرب في مرحلة التحرر اللتي اعقبت تفكك يوغسلافيا . ونتيجة لهذه الحرب خسر البوسنيون الاف القتلى والجرحى من الرجال والنساء والأطفال في حرب أبادة عرقية قام بها الصربيون المسيحيون ضد البوسنيين المسلمين .

ولأن الصرب كانوا يحاولون الحفاض على الأتحاد اليوغسلافي ، فلقد ظل الصرب على علاقة جيدة مع روسيا الجديدة اللتي تأسست بعد أنهيار الأتحاد السوفيتي واللتي ظلت تدعمهم بقوة . وبسبب هذه العلاقة الصربية الروسية هاجم حلف الأطلسي صربيا وأجبرها على الأستسلام والأنكفاء متخذا من جرائم الصرب ذريعة للقضاء على النفوذ الروسي في هذه المنطقة نهائيا .

وسارع العلمانيون البوسنيون مستغلين وجود القوات العسكرية الغربية في بلادهم الى أعلان البوسنة دولة علمانية وأعلان دستور علماني للوطن البوسني الجديد . وذلك لمنع تكوين دولة أسلامية في البوسنة كما يقولون .

وتأكيدا على ما ذهبنا اليه في ملاحظتنا الأولى عن تطرف العلمانيين في بلادنا ، قام النظام العلماني البوسني الجديد بتضمين الدستور فقرات لمنع أرتداء الحجاب في المدارس والدوائر الحكومية ، أسوة بالدستور التركي الأتاتوركي . متخذا من الحيلة العلمانية القديمة المتجددة بمنع الرموز الدينية حجة لمنع الحجاب كمدخل لعلمنة المجتمع البوسني . وهذا ما أدى اليوم الى حرمان الطالبة الكوسوفية المحجبة من الأنتظام في دراستها .

الحقيقة أن هذه التصرفات هي تغريب للمجتمع لاتحديث له . فلقد نادى العلمانيون في بلادنا ذات الأغلبية المسلمة بمنع الحجاب قبل العلمانيين الغربيين بعقود . بل أن العلمانيات الغربية لاتزال في طور النقاش حول قوانين منع الحجاب ولم تتقدم الى النموذج التركي الكوسوفي بعد وذلك لرفض الكثيرمن ابناء الدول العلمانية الغربية لهذه القوانين اللتي يرونها مخالفة أصلا للمباديء العلمانية . بينما علمانيونا لا هم لهم ألا أن تخلع المرأة المسلمة حجابها .

من المعلوم جيدا أن أرتداء الحجاب هو فريضة الهية وليس رمزا دينيا بالنسبة للمسلمين . وما قوانين منع الرموز الدينية ألا تلاعبا لفظيا لاجبار المسلمين على التخلي عن دينهم بالجبر القانوني العلماني المتطرف . ولذلك نجد ان كثيرا من العلمانيات الغربية المعتدلة ، واللتي تفهم معنى المباديء العلمانية الحقيقية لازالت ترفض أجبار المسلمات المتمسكات بفريضة الحجاب على خلعه بقوة القانون كما في الولايات المتحدة الأمريكية اللتي أنتقدت القوانين الأوربية بهذا الخصوص .

وبالرغم من أن بعض العلمانيين في بلادنا يؤمنون بالعلمانية الليبرالية . ألا أن معظمهم جاهل لايعرف عن العلمانية ألا أنها تركا للدين . ويصب هؤلاء كل جهودهم لأقناع الناس بأن الدين تخلف وقمع وأن الموبقات حرية وتقدم .

ولو تأملنا جيدا فسنجد ان هذا الفكر نابع من تخلف فكري للعلمانيين عندنا اولا . وثانيا كرد فعل متطرف من قبل هؤلاء العلمانيين ضد التطرف الديني السلفي الوهابي اللذي هو ناتج أيضا عن تخلف فكري . فالجهل يؤدي الى التطرف بغض النظر عن الأتجاه االفكري للجاهل .

ونتيجة لهذا التخلف الفكري المؤدي الى التطرف العلماني – السلفي  نجد أن الخاسر الأكبر هو تيار الأكثرية في بلادنا من الأسلاميين التنويريين بل وحتى المواطن "المسلم وغير المسلم" العادي اللذي ينادي بضرورة الأسراع بتحول بلداننا الى الديموقراطية والحداثة ، ورفض العشائرية والتعصب الاثني والطائفي والديني اللذي تستغله الأنظمة الدكتاتورية في تثبيت حكمها ، و يؤخر بناء دولنا ومجتمعاتنا على اسس علمية حديثة ، وصولا للحياة الحرة الكريمة دون المساس بالثوابت الدينية على أختلافها . متجنبين بذلك " الأضرار الجانبية " الناتجة عن العلمانية المتوحشة على هذه الثوابت . فحتى المؤمن المسيحي والصابئي والدرزي لن يقبل ان يتخلى عن واجباته الدينية بالجبر العلماني المتطرف .

أذا لم نترك التطرف أيا كان نوعه فسوف لن نفوز بمجتمع علمي حديث ومقاوم لشرور الموبقات وأمراضها الأجتماعية المدمرة . والشاطر من يعرف كيف يفوز بالحسنيين " الحداثة والأخلاق " .    

 

http://aawsat.com/details.asp?section=4&article=566855&issueno=11472

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات