مواضيع اليوم

لكي نبني نظاما سياسيا فريدا

عبدالعزيز الرشيد

2012-11-04 02:32:49

0

 

ثار بيني وبين صديق نقاش حول سعد الفقيه هذا الطبيب المريض .. قال صديقي : هل تشاهد قناة الإصلاح ؟ ابتسمت .. وقلت : هل تجدني سقيم , أو مريض , وحتى أكون دقيقا فقد تابعته لمده لا تزيد عن ساعتين متفرقة على عدة أيام , وبعدها كفرت به ككفر محمد ابن عبد الله بالات و العزى , لقد وجِدت رجل يحمل من الحقد أكثر من ما يحمله من علم في مجاله الطبي .. رجل يعتقد انه الواقع وغيره الباطل !! .. وانه الجد وغيره الهزل !!.. ويعتقد انه الجدير بالقيادة و الحياة وغيره جدير بالتبعية و الفناء !!.. يا عزيزي إننا شعب مؤمن يغالي بإيمانه ولا يفرط فيه أبدا , رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا . وقد جرى علينا القدر الذي جرى على مجموعة البلاد الإسلامية , فبعضها سقط في قبضة الاستعمار عشرات السنين , ثم استقلت وأصبح الحكم فيها حكرا على حفنة من الرجال الذين وصلوا بطريقة ما إلي راس الهرم ؟! ولقد تعود الناس في هذه البلاد أن يباغتوا بأسماء وصفات حاكميهم , وان يستقبلوهم استقبال الأقدار النازلة إن خيرا فخير وان شرا فشر , ولا شيء لديهم إلا أن يقولوا " إنا لله وإنا إليه راجعون" .. ثم أصبحت دسائس القصور القديمة تأخذ صورة أخرى في هذا الطراز من الحكم , فلا عجب إذا انتقل فيها رجل من منصب الوزارة إلي السجن أو من منصب الرياسة إلي البيت ! والأمثلة أمامنا ألان كما ترى . وهناك دول تكونت من لا شيء , توحدت ببذل لتضحيات جسيمة , واستخدمت المعرفة الدينية في ميداني الحكم والمال , أي أسس الشورى و البيعة والمساءلة التي عرفت منذ عهد الخلافة الراشدة , معرفة تنبع من كتاب الله وسنة رسوله , أي " الحكومة الشورية " وهذه تنطبق علينا , فنحن دولة ملكية , نطبق المفهوم الإسلامي من الملكية , فمن المعلوم أن الفكر الإسلامي للحكم يقوم على مبدءا وجود إمام يعطى البيعة ويعان بالشورى و الدعاء و النصح من أهل الحل و العقد , وقد تنزع البيعة منه إذا ما خرج على الطريق القويم , وهذا له شروطه التي ليس هنا محل ذكرها .. قد تقول أنت و الدكتور سعد أننا نريد حكم ديمقراطي , كما هو عند الغرب ,وأنا لا أنكر التفوق الغربي في النواحي السياسية والاجتماعية , ولكن فضائل الديمقراطية لديهم ليست هي على كل حال تناسبنا , وحتى أكون واضحا سأقوم بإيضاح أنواع الحكم في العالم ,ثم بيان أفضلها لنا .

يطبق في العالم أنواع من الحكم منها ما اندثر ومنها ما هو باقي .. مثلا حكم الواحد Monarchy وهذا النوع من الحكم قد يكون اندثر شكلا ولا يزال مضمونا , فمع سقوط الإمبراطوريات لم يعد هناك شخص تتوحد جميع السلطات في يده بدون منازع إلا أن يكون ذلك تحت غطاء حزب أو مجموعة يتصدرها قائد تكون جميع السلطات بيده , مثل صدام حسين وحزب البعث , ومبارك و الحزب الوطني , أو القذافي ومجلس قيادة ثورة الفاتح ....الخ

والنوع الثاني من الحكم هو الذي يعم أكثر دول العالم إلا وهي حكم الأقلية للأغلبية Oligarchy وهذا مهما تغيرت عناوين الحكم في العالم من جمهورية إلي ملكية دستورية أو غير دستورية فهي تعود إلي هذا النوع من الحكم , حكم مجموعة من الناس للأغلبية منهم .


النوع الثالث من الحكم هو حكم الأغلبية Democracy وهو الذي تدعي بعض الدول أنها تطبقه , وأنها راعية له , وهي فعليا ليست كذلك , أنها تطبق النظام الجمهوريRepublic وهو النوع الرابع وهي دولة القانون, وحتى اقرب الفرق بين دولة القانون والدولة الديمقراطية , فعندما يسرق رجل مثلا في النظام الديمقراطي قد يتم التصويت على عقوبة قتله , فإذا صوت الأكثرية بقتله يقتل , في دولة القانون , فان المسئول الذي يطبق القانون يقف ضد هذا العبث ويقول يجب إن يقدم الرجل لمحاكمة عادلة وله الحق في وجود محامي يدافع عنه ..

 

ولذلك يجب أن نعلم أن لنا كمسلمين عرب أصيلين " اقصد عرب الجزيرة العربية " متدينين لنا خصوصية يجب أن تراعى , ولسنا ملزمين بتطبيق أنواع مستوردة من العالم في أنظمة الحكم , لأنه ليس من الديمقراطية ألحقه التي يتغنى بها سعد الفقيه وأتباعه ليل نهار , ان يوحد نوع من الديمقراطية زعم انه طبق في أمريكا وغيرها على دول أخرى , فما يوجد في الولايات المتحدة ليس ديمقراطية انه خليط بين Oligarchy وهو حكم أقلية من الناس للأكثرية مع دخول أصحاب المصالح (قوة اللوبي) التي يتحكم بها أصحاب المصالح من الشركات بل و الدول المستفيدة مثل اللوبي اليهودي , ولكنها أيضا دولة قانون , فهي تأسست على أساس جمهوري القانون بها يحكم , ولو رجعت للتاريخ لوجدت انه أول خيار طرح بعد توحد الولايات المتحدة الأمريكية كان تنصيب ملك مدى الحياة , ولكنهم حينما لم يجدوا جذور ملكية لهذا المرشح قرروا أن يكون النظام جمهوري .

إن ما نحتاجه هو نظام فريد من نوعه , قد لا يكون له مثيل في الماضي ولا في الوقت الحاضر ,فلا باس من استيراد الوسائل التي لا وطن لها .. حيث أن الارتقاء البشري في العالم جعل الإدارة فن رفيع الأداء , ومكن الاختصاصيين – بحسن النظام- أن يختصروا أوقات وأعمالا كثيرة , وان يسدوا ثغرات في الأنظمة وتطبيقاتها تجعل من الاستبداد و التلاعب أمر صعب المنال , أني أومن بالشورى , وازدري الاستبداد السياسي من أعماق قلبي , ولست ممن يجحد الشورى ويرفض كل الضمانات التي استحدثها العالم الحر – كما يسمى !- وتجعل الاقتباس من الأنظمة الغربية كفرا , فالشورى لدينا ترى انه لا اجتهاد مع النص , ولا شورى مع كلام الله ورسوله , أما في الغرب فقد ساء ظنهم بالدين كله , وقرروا البحث بعقولهم عن مصالحهم , ولذلك فكما ان استيراد العلم لا وطن له , فلا باس باستيراد ما صلح من تطبيقاتهم في الأنظمة المجربة .

ان المهم في نظامنا أن يكون مضبوط ألوائح و الدساتير وان تقلم أظافر الفرد الطاغية , وإخفاء الصورة السمجة للحكم المطلق , و نحيط أنفسنا ضد الممارسات المغلوطة بوثائق مفصلة مضبوطة .

حدث حوار بين قيصر روسيا وجمال الدين الافغاني

سأله أولا القيصر عن سبب خلافه مع الشاه ؟

قال جمال الدين : إنها الحكومة الشوراية أدعو إليها ولا يراها .

قال القيصر : الحق مع الشاه إذ كيف يرضى ملك ان يتحكم فيه فلاحو مملكته ؟

قال جمال الدين : اعتقد يا جلالة القيصر انه خير للملك أن تكون الألوف المؤلفة من رعاياه أصدقاء له بدل أن يتربصون به الدوائر ..

إن ما اقصده من كل ذلك أن تحصيل الكمال يحتاج إلي معاناة علمية وخلقية , ولكي نبني نظاما سياسيا فريدا , يجب أن نقدم من تراثنا الغني ما ينشئ يقينا ناضجا , يتعامل مع الدنيا بذكاء وترفع , ليس لنطبقها بين ظهرانينا وحسب , بل لنصدرها إلي العالمين كي يعرفوا : من نحن ؟ وبماذا ندين ؟ إنها رسالة امتنا التي ينبغي أن تعرف بها الشرق والغرب , والامم لا تنجح في أداء رسالتها إلا إذا كانت لها قدرات مادية مساندة , وحكم الوسائل هنا هو حكم الغايات نفسها , فما لا يتم الواجب ألا به فهو واجب ,,والله من وراء القصد ,,

عبدالعزيز بن عبدالله الرشيد




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات