لكي تنهض أم الدٌنيا
مرت مصر بمراحل تاريخية فاصلة خرجت منها مٌنتصرة لم تنكسر ولم تمت صمدت وقدمت التضحيات لتبقى صفحة مٌضيئة بتاريخ الأمم والحضارات , ملكية ومن ثم جمهورية وثورة وإعادة تصحيح لمسار الثورة والمصريون في نضال متواصل عينٌ على المستقبل وأخرى على الماضي , من حق الشعب المصري أن يحلم ويعبر عن أحلامه بشتى الوسائل والطرق من حقه أن يغضب ويٌناضل ويقاوم من أجل كرامته وتاريخه العريق من حقه كل شيء يراه صواباً وحقاً ,لكن ماحق العرب من كل ذلك ؟
مصر بالنسبة للعرب جامعة للعلوم ومدرسة للفكر ومنارة للحق وشمعة للأمل وحديقة حٌب وطوفان مشاعر ,مصر ملاذ كل إنسان عربي أصيل فهي الحبيبة والربيبة والعشيقة والصديقة والحياة الطاهرة , لكي تعود مصر وتنهض وتكتب التاريخ من جديد عليها أن تستذكر ماضيها التليد ومكانتها بالشرق والغرب , مصر ككيان سياسي جغرافي لا يمكنها القيام بعملية الاستذكار والنهوض من تلقاء نفسها بل تحتاج لوعي وإدارة وإرادة وتعاضد مجتمعي , المجتمع المصري مجتمعٌ نهضوي لكنه راكد وخامل بفعل عوامل خارجة عن نطاق إرادته , نهضوية الشعب المصري تاريخية قديمة تخبو لكنها لا تموت , خمول وركود المجتمع المصري حالة طارئة يتجاوزها بسرعة مثلما حصل بثورتي 25يناير و30يونيو , ليس من المعقول بقاء مصر بقائمة البلدان الأكثر فساداً وليس من المعقول بقائها بقائمة البلدان الضعيفة تنموياً وتعليمياً واقتصادياً , ليس من المعقول انحسار الفن والثقافة المصرية وانحصارهما بزاوية التجهيل والتفسخ الغير مقبول فالفن تاريخ وحضارة ووسيلة استنهاض ونهضة قبل أن يكون ترفيه , تمتلك مصر مقومات بشرية وسياحية ومعدنية وتاريخية تٌمكنها من الاصطفاف بالمقدمة لكنها وقعت في أزمنة ماضية بشباك التسلط والاستبداد وبعد أن تحررت من القيود لا عذر لها ولا عذر لأبنائها وبناتها الذين صنعوا المعجزة التاريخية 25يناير وكرروها في الـ30 من يونيو ؟
السياسية والاقتصاد من أكثر الملفات تعقيداً والقوى السياسية يقع على عاتقها نشر الوعي السياسي وتفعيل طاقات الشباب والشابات , الاقتصاد عصب الحياة والتنمية ثمرة الجهد الاقتصادي الواقع المصري بحاجة لنهضة تنموية كٌبرى تناسب تاريخها وأحلام مواطنيها وتحقيق ذلك يتطلب فاعلية سياسية على أرض الواقع , العدالة وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والمشاركة بصنع القرار عوامل تٌسهم بشكل مباشر في نهضة مصر لكن هناك عوامل أخرى يغفل عنها البعض ويتجاوزها آخرون , الفن والثقافة والوعي والتعليم والخطاب الديني والتعددية الفقهية والمصالحة الوطنية والتسامح والتعايش والحريات عوامل متى ما تحققت على أرض الواقع فإن مصر ستنهض وتبدأ بالتحرك نحو الأمام , الواجب على مفكري مصر وسياسيوها وأصحاب الرأي والفعاليات الاجتماعية والدينية والفنية والثقافية الالتفات لمصر الأم وترك القضايا الجانبية الهامشية التي تزيد العظام وهنا ولا تنهض بمجتمعٍ ولا تٌحقق حلماً, الالتفات لمصر الأم واجب وطني وقومي وأخلاقي لا يجوز تركه أو تأجيله أو التحايل عليه مهما كانت المٌبررات فللعرب حقٌ على مصر وشعبها الأصيل ....
التعليقات (0)