طلال محمود / في الحديث عن المقاومة في بلادنا هموم وشجون. فتحت عنوان المقاومة تستر البعض ليمارس عملية سطو على الحياة الفلسطينية، ويستبيح المحرمات الوطنية، فانتهك حرمة الدم، وانقلب على الشرعية الفلسطينية في غزة، ليحدث سابقة في تاريخ العمل الفلسطيني، ويقول للقاصي والداني نحن في غزة لا علاقة لنا من قريب أو بعيد بما يحدث في باقي الوطن. رسالة يرسلها إلى دولة الاحتلال طلبا أن تمنحه فرصة الاستمرار في حكم إمارة أكثر ظلمة من إمارة طالبان. رسالة يرسلها ليلتقطها حكام إسرائيل ليعيدوا استخدامها في تقويض مصداقية القيادة الفلسطينية، وبالتالي المس بقدرتها على إدارة العملية السياسية لتحقيق المصالح الوطنية الفلسطينية، وتجسيد المشروع الوطني الفلسطيني. وباسم المقاومة يتشبث هؤلاء القوم بانقلابهم، ويحافظون على الانقسام، حتى إذا ما دعى الداعون إلى فض الانقسام عادوا لذات النغمة مرددين حرصا على المقاومة ينبغي أن يستمر حكمنا في غزة. وأما إذا جد الجد واندلعت المواجهة مع دولة الاحتلال في قدس الأقداس، وفي الضفة الغربية، وأبدع الفلسطيني أساليبا في المقاومة التي تحافظ على المكتسبات، وتنأى عن كل أمر يحرف الأمر عن سيرها الوطني نحو هدفها الوطني، خرج الانقساميون ساخرين من مقاومة الهوان التي انتهجها الوطنيون الفلسطينيون، وداعين إلى ذات المقاومة المسلحة التي عسفت بالمشروع الوطني، وأنتجت في الجغرافيا انقساما ينأون به عن أي شكل من أشكال المواجهة مع الاحتلال
على خلفية هذا المشهد المأساوي الذي آلت إليه أحوال الوطن، والمشروع الوطني بفعل المقاومين حتى تدشين الإمارة، ألا يجدر بنا نحن الفلسطينيين ألا نؤخذ من حيث أخذنا، فيختطف ذلك الفريق اللاوطني شظايا الوطن ليكون إمارة هنا وإمارة هناك، وكله تحت مقاومة لا أفق لها سوى التشظي والإنقسام؟
ألا يجدر بنا نحن الفلسطينيين، أن نصف الأشياء بأوصافها، ونقر أن المقاومة لا تكون مقاومة مشروعة وطنيا إلى إذا كانت إضافة تراكمية في اتجاه تحقيق الأهداف الوطنية المتمثلة بالدولة على حدود حزيران 67 والقدس الشرقية عاصمة لها وتحقيق حلا عادلا لقضية اللاجئين؟
ألا يجدر بنا نحن الفلسطينيين، أن نصف كل عمل يراكم الوقائع المعيقة للسير نحو تحقيق الأهداف الوطنية هي قطع لطريق العمل الوطني؟
ألا يجدر بنا نحن الفلسطينيين، أن نعيد تعريفنا للمقاومة ليستوعب كل عمل يراكم المنجزات الموصلة إلى تحقيق الأهداف الوطنية؟
ألا يجدر بنا نحن الفلسطينيين، أن نعيد بناء فهمنا للمقاومة ليستوعب كل فعل ينأى بالوعي الفلسطيني عن الخلط بين المقاومة الوطنية، وكل عمل يتخذ من المقاومة دثارا لينال من المشروع الوطني الفلسطيني سوءا؟
ألا يجدر بنا نحن الفلسطينيين، أن نعيد بناء تعريفنا للمقاومة يمكننا من إدانة كل عمل باسم المقاومة ينال من المشروع الوطني الفلسطيني؟
ألا يجدر بنا نحن الفلسطينيين، أن نعيد بناء تعريفنا للمقاومة ليستوعب الجهد الرائع الذي تزاوله أطر المقاومة الشعبية في مقاومة الجدار وكافة الإجراءات الاحتلالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟
ألا يجدر بنا نحن الفلسطينيين، أن نعيد بناء فهمنا للمقاومة ليستوعب كل جهد للتبشير بالقضية الوطنية في كل أصقاع الدنيا، والسعي إلى تنظيم جبهات مؤازرة دولية للحق الفلسطيني في الحرية والاستقلال وفق مقررات الشرعية الدولية؟
ألا يجدر بنا نحن الفلسطينيين، أن نعيد تعريف المقاومة ليستوعب كل جهد يبذله السياسي الفلسطيني، سواءا كمفاوض يرفض مطلقا الذهاب إلى مفاوضات إلا وفق مرجعية تضع أفقا واضح المعالم أمام هذه المفاوضات تنتهي بالدولة والقدس عاصمة وحل عادل لقضية اللاجئين وفق مقررات الشرعية الدولية؟
وأخير، ألا يجدر بنا نحن الفلسطينيين، أن نعيد بناء مفهومنا للمقاومة ليستوعب كل جهد يعيد الوعي الوطني إلى معسكر الإنقسام في المجتمع الفلسطيني، ويدفع الأمور في اتجاه إعادة اللحمة الوطنية، ويركل الانقسام ومن قبله الانقساميون بالحذاء الوطني خارج الساحة الوطنية؟
التعليقات (0)