لكم هلالكم و لنا هلالنا. يتجدد الجدل كل سنة بخصوص موعد الصيام و الإفطار بين المسلمين. و يطرح الناس علامات استفهام متعددة في ما يتعلق بمشكلة الإختلاف في توقيت الشهور القمرية من بلد لآخر.
من الناحية الفلكية يمكن تقديم إجابة واضحة حول السبب في هذا الإختلاف. لكن ينبغي أولا التمييز بين أمرين: ولادة الهلال و ظهور الهلال.. و الولادة هي " لحظة الإقتران "، و تتم حينما يكون مركز القمر متطابقا مع مركز الشمس و يكون الوجه المظلم للقمر مواجها للأرض. و من الواضح أن هذه الظاهرة الفلكية التي تعلن عن بداية الشهر القمري تتحدد ضمن علاقة ثلاثية بين الأرض و الشمس و القمر. لكن اختلاف التوقيت على سطح الأرض يجعل لحظة الولادة لا تعني لحظة الظهور. و هكذا يحدث التفاوت في و قت ظهور الهلال بين منطقة وأخرى حسب الموقع الجغرافي. لذلك فتحديد موعد دخول الشهر القمري استنادا إلى ظهوره من شأنه أن يؤدي إلى الإختلاف الذي نشهده مع بداية كل شهر. و من تم فإن تجاوز هذه المشكلة ممكن لو تم الإتفاق على موعد موحد للتأريخ القمري اعتمادا على لحظة الولادة التي تعتبر واحدة، وليس على لحظات الظهور التي يختلف توقيتها من بلد لآخر. و إذا تمت الإستعانة بالخبرات الفلكية المتطورة لدى الدول المتقدمة يمكن تحقيق هذا المبتغى. و بالتالي يتم تجاوز هذا الخلاف المزمن.
القاعدة الفقهية التي تحكم رؤية الهلال خصوصا في ما يتعلق بحلول شهر رمضان و عيد الفطر ( بداية شوال) تستند إلى الحديث: " صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته..." لذلك يعتمد ظهور الهلال كمؤشر على بداية الشهر كما أسلفنا. لكن واقع الحال عند المسلمين يستعصي أحيانا على الفهم و ينفتح على تأويلات مختلفة. فإذا كانت القاعدة المذكورة هي المسوغ الذي يسمح بالإختلاف في مواعيد الصيام و الإفطار من بلد للآخر، فكيف يمكن تفسير الحالة اللبنانية مثلا ؟؟. ففي الوقت الذي تم فيه إعلان يوم الجمعة موعدا لعيد الفطر عند السنة، أصدر مكتب المرجع الشيعي الراحل محمد حسين فضل الله في لبنان بيانا حدد بموجبه يوم الخميس أول أيام عيد الفطر. ومن المعلوم أن هذا المرجع الشيعي يعتمد الحسابات الفلكية معيارا لدخول الشهر القمري. و هو المعيار الذي تستند إليه دولة عربية واحدة هي ليبيا.
لقد صدق المثل العربي القائل: الطبع يغلب التطبع. فمهما كثر الحديث عن مطلب الوحدة وشعارات الأمة الواحدة و المصير المشترك... فإن واقع الحال يشهد بأن العرب و المسلمين اتفقوا على الإختلاف في كل شيء، ولا يتوقف الأمر عند شؤون الأرض فحسب، بل يتعداها إلى شؤون السماء أيضا. فهنيئا لكل فريق بعيده. عفوا بهلاله. محمد مغوتي.09/09/2010.
التعليقات (0)