مواضيع اليوم

لقنوات التلفزيونية العالمية الناطقة باللغة العربية

كبيت بلا أبواب تعصف به الريح من كل حدب وصوب ، أو كهائم في الصحراء لا يحده حد ولا يمنعه حائط صد ، نحن بلا سقف ، ولا جدران ، عراة أمام العالم ولا شيء يستر عوراتنا ، سماءنا مثقوبة مستباحة مكشوفة ، كما نحن على الأرض بلا حول لنا أو قوة .

قناة تلفزيونية إسرائيلية ناطقة باللغة العربية موجهة للعالم العربي ، قناة تلفزيوني ألمانية ناطقة باللغة العربية موجهة لأهل العربية ، وأخرى إيرانية ، وأمريكية وبريطانية ، وكردية ، وفرنسية وروسية وكورية وصينية هذا ما أتذكره الآن وربما سنجد قناة أثيوبية ذات يوم ، أو ...

ما الذي يدفع تلك الدول كافة إلى التوجه إلينا بلغتنا ، وتذيع أخبارنا على شاشاتها ، وما أهدافها ، وما هي غاياتها وما الذي يمكن أن تحققه أو حققته من كل تلك الجهود ولم تحققه بعد .

هل عملت على غسل أدمغتنا ، هل عملت على تشويه ثقافتنا ، وهل خلخلت بنيتنا الثقافية والاجتماعية والسياسية والفكرية .. هل هزت ثقتنا بأنفسنا ، هل صدرت لنا ثقفتها وأسلوبها في الحياة .. هل قارنت حياتنا البائسة الكامدة بحياتهم التي تتصف بالرفاه والهناء .. هل قارنت بين بيئتنا الصحراوية الجافة ووجوهنا الكالحة وأجسادنا المتشققة وبيئتهم الخضراء ومسطحات النجيل على جوانب الطرق وسحنتهم البيضاء الناعمة المرفهة .. هل وضعونا في ميزانهم وقاسونا ووزنونا بميزان بضاعتهم .. وكم كنا نزن .. وكم ثمننا .. أم إننا بلا ثمن ..

هل تراهم يريدون منا أن نحس بهم وهم يبيضون وجوههم بإعمالهم تحت ستار الإعمال الخيرية والتطوعية التي يغزون بها العالم .. هل هم بلا أهداف .. وبلا أطماع ... فقط يعملون ما يعملون لوجه الله تعالى . ليس لهم هدف أو غاية إلا رضا الرحمن ليفوزوا بالجنان .

وبالمقابل ماذا اعددننا لهم وكيف نستقبل بثهم ، وما هي الاستعدادات لهذا الغزو الجديد ..
غزو بالكلمة والصورة واللون .. بدل الرصاص والنار واللباس العسكري المموه ..
يتنافسون على منطقتنا بكل ما نملك من مقومات .. تراث وتاريخ ودين وعقيدة وفكر وثقافة ، يتنافسون على مقدرات وطننا الاقتصادية وثرواتنا بكل إشكالها ما عرفنا منها وما لم نعرف ( حيث أننا آخر من يعلم ماذا نملك – فهم السباقون إلى اكتشاف مقدراتنا الاقتصادية من معادن وإمكانيات بشرية وحتى حيوانية ) .

هل من مدافع ، هل من حائط صد يصدهم ، هل من فكر يجابههم ، هل وجهنا محطاتنا الفضائية الناطقة بلغتهم إلى شعوبهم .. مثلا هل هناك محطة لدولة عربية تنطق بالصينية أو الكورية أو الانجليزية باستثناء الجزيرة رائدة العمل الإعلامي العربي بلا منازع .

هل هناك محطة إذاعية أو تلفزيونية ناطقة بالعبرية توجه للمجتمع الإسرائيلي .. بحكمة ورزانة وحرفية ومهنية ، تشرح وتوضح وتبرر . وتقدم صورتنا كعرب ومسلمين بصورة حقيقية ، كأصحاب حق وقضية عادلة ، لحق بها الظلم من كل مكان .

قناة موجهة للمعتدلين كما توجه للمتطرفين منهم ، بعيدة عن التشويه والتظليل تشرح فكرنا المسلم المتنور المعتدل البعيد عن التعصب كما أرداه الله أن يكون ، وكما دعا إليه الرسول الكريم ، دينا ليس حكرا على فئة أو جنس أو عرق أو طائفة أو لون ينبذ التحيز والتحزب ، يمقت الركون إلى اليأس ويدعو للعلم والعمل .. يريد الدنيا كما يريد الآخرة ، بل إن الدنيا مفتاح الآخرة والعمل فيها عبادة .

نريد قنوات عربية ناطق باللغات المختلفة موجهة إلى العالم تبين تراثنا العربي ، وعرقنا المميز لنا ما يميزنا في هذا العالم ، لسنا بزيادة لا داع لها .. ولسنا عالة على غيرنا .. ساهمنا في بناء كوكبنا الأرضي .. وعمرناه وأثرينا الحضارة الإنسانية على مر التاريخ بما حبانا إياه الله تعالى من معارف وعلوم .

نريد قنوات عربية ناطقة بلغات العالم تبشر بالدين الإسلامي بصورة حضارية علمية ، تخاطب العقل والمنطق كما تخاطب الروح والوجدان ، تحاور الخلق بما يناسبهم من حوار يأخذ في اعتباره قيمهم وعاداتهم وتقاليدهم وتراثهم ومورثوهم الحضاري ليكون الدين إضافة لهم .. لا ينتقص منهم بل يزيدهم ليكونوا بالتالي زيادة للأمة الإسلامية معها وليس عليها ..وإلا فإنهم يبقون على ما هم عليه من اعتقاد ( لا أكراه في الدين ) ولكنهم يتفهمون ما نرمي إليه وما نحن عليه .. فيشيع السلام وتعم المحبة .. وتزول الغمة .
أما ونحن على ما نحن عليه ، أجدني أمام التلفاز لأمير جماعة إسلامية أو زعيم عربي .. وأحصي الميكروفونات التي أمامه وكأنها غابة فلا أجد فيها محطة أجنبية ..

وكأننا نسوق أفكارنا لبعضنا .. حوار الطر شان ..لماذا لا نتعلم من أخطائنا .. ولماذا لا نقتفي أثر من سبقونا في الحضارة والتقدم العلمي .. ولماذا لا نشجع على الابتكار والإبداع وما الفائدة من محاربة المتميز والوقوف في وجه المتنور .. ومما الخوف ..


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !