مضت تلك السنين الأربعين العجاف من عمرنا نحن العرب ، مضت ونحن نصفق للقائد الرمز الملهم الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء ..مضت ونحن نسبح بحمده ونقدس له ولحاشيته ، مضت تلك العقود المظلمة ونحن نحس بأننا نعيش في وطننا ، وأننا ننعم بخيراته كما يروج لنا القائد والاب ..
مضت كل تلك الأيام والليالي وما اجترح فيها القائد من ظلم وتجبر وتسلط وقهر واحتكار وسلب ونهب وقتل وجرح وهتك لكل مقدس وطاهر ونقي ...
لنكتشف فجأة أن القائد ما أن نقول كلمة تغضبه حتى يظهر معدنه الحقيقي ...ويظهر على حقيقته .. فما هو إلا عدو يكن للشعب كل إشكال البغض والكراهية والحقد الدفين ... يستخدم ضد العزل والأبرياء كل أشكال العنف والتجبر والتسلط .. وبكل أنواع الأسلحة المتاحة ، وبكل يد يمكن أن تساعده في الإرهاب والقتل وتريد أن تتلوث بدمنا .
اليوم تنجلي الغمة .. ويقوم محمد بوعزيزي التونسي ليحرق نفسه أمام العالم .. وأمام النظام .. ويذهب شهيدا طاهرا مطهرا .. وهو يدرك انه لا يملك الا نفسه وروحه ليقدمها قربانا على مذبح الوطن .. وامام العالم .. وهو يدرك انه لا يملك غير هذا الجسد الذي تتلبسه روح عظيمة قدر لها ان تكون روح كل تونسي حر .. ومصري وليبي وعربي من بعد .. وليشعل من بعده النار من المحيط إلى الخليج .. فيسقط الطاغية الأول .. بعد أن ثار التونسيون على كل أشكال الانتهاك لمقدرات الوطن والمواطن .. وأسقطوا معه حاشيته المظلة الظالة .. وبات التونسي العادي يتنفس هواء الحرية بكل حرية .. وقد حقق نصره المؤزر على طاغية تونس ...
اليوم تمد الثورة التونسية الشعب العربي الأصيل شعب مصر الكبيرة .. تمده بروح الثورة الخلاقة .. تمده بنار ونور .. فيثور على الطاغية الفرعوني ويهدموا هرمه ومن يطوف حوله .. وتنبعث مصر من جديد .. مبشرة بعصر جديد من الحياة وحقبة جديدة من الثورة .. وبداية للجمهورية الرابعة .. تمهد للخير القادم ..
مصري يعمل بائع دجاج في حينا يمزح معي بعد سقوط مبارك ويقول : بكره بتيجوا بتشتغلوا عندنا ...
واليوم أيضا ينهض الشعب العربي الليبي من تحت أثقال النظام المتخلف الذي أثقل كاهل العرب والعروبة بشطحات وهلوسات القذافي ...والذي حكم العرب بالحديد والنار .. وألغى المواطن الليبي من القائمة .. وألغى جميع المؤسسات المدنية والرسمية وكانت جميعها تنطق باسمه ..وباسم كتابه الاسود ..ومن الحتمي والمؤكد سقوطه وحاشيته ..
وما نشاهد من حراك في الوطن العربي من ليبيا والبحرين والجزائر والمغرب .. ما هي الا البداية التي تبشر بالفجر الجديد ...والعالم يتغير ..
التعليقات (0)