لغة الدم .. لغة الحقد

رجل مصري ، سحنته السمراء المجبولة بطمي النيل ، تفاصيل جمجمته الافريقية ، يلبس خوذته العسكرية ، يتدلى من رقبته قناع الغاز ، بيده سلاحه الرشاش الالي ، وجعبة الذخيرة على زناره ، تلتقط عدسات المصورين للقنوات الفضائية حول العالم ، لتبث الى كل الدنيا ، لقطة بيج كلوس ، الرجل المصري بلباسه العسكري الاسود ، كأنه كائن فضائي ، لقطة اقرب فلم الجندي ، علكة كبيرة ، يمضغ العلكة بتلذذ ، يرفع بندقيته الالية ، يصوب ، يلتفت الى زميله ، زميله بلا علكة ، لا يمضغ ، يبتسما لبعضهما ، لقطة اقرب فري بيج كلوس لاصبع الشاهد يضغط على الزناد.. 

لقطة اخرى ، فتاه محجبة تصور ما يدور امامها بهاتفها النقال (الخلوي )  الرصاصة تخترق رأسها من الخلف الى الامام تخرج من الجبهة .. لقطة اخرى ..الرجل ذو السحنة المصرية ..لا زال يمضغ العلكة .. لكنه كان مشغولا بحديث جانبي مع زميله الذي كان يضبط وضع قنبلة غاز دخانية مسيلة للدموع على سبطانة بندقيته .. 

هذه مشاهد تداولتها مواقع كثيرة ، تظهر عنف قوات الجيش ، هذا الجيش الذي كانت عقيدته العسكرية (الله الشعب الوطن )  اليوم تغيرت العقيدة العسكرية واصبحت (ال cc .. cc .. cc ) ثمة امرأة ترى كل ما يدور في ميدان رابعة العدوية .. ترى الجثث ..الدماء .. مشاهد القتل الرهيب بثا حيا ومباشرا .. ترى الجيش والاسلحة ..تصرخ في ميدان التحرير وهي تقفز فوق الجثث وتقول :

دول مش مصريين .. دول مش مصريين .. والله العظيم دول مش مصريين ...

رجل في شرفة بيته يصور ما يدور في الميدان ، صور الية حرق الميدان ..حرق الميدان الذي كان بمثابة مدينة كاملة .. جمهورية كاملة .. تم حرق الجثث والجرحى والمستشفى الميداني ... تم حرق اناس احياء ..

ترى هل يمكن ان يكون من قام بهذا الفعل على مستوى القرار والتنفيذ ..ترى هل يمكن ان يكون مصريا وطنيا عربيا مسلما انسانا ..لم اسمع ولم اقرأ عن جيش قتل ابناء شعبه .. ولم اسمع عمن حرق الموتى .. ولم اسمع عمن كان يقتل بهذا التلذذ والمتعة ..خاصة ونحن نرى ان اغلب الشهداء قد قتلوا برصاصة متفجرة في الرأس او الصدر .. وهذا دليل الاصرار المسبق ..والذي يصنفه القانون الدولي على انها جريمة قتل .. جريمة جماعية ..

ربما ..ندعوا اليوم الى ضبط النفس .. ولكننا لا نستطيع ان نسامح من اقدم على كل هذا الاجرام ..هذا السفك المجاني للدماء ..ومن الغرابة ان نجد من يصفق للقاتل من عرب وعجم .. واليوم تأتي الجريمة المجزرة كصفعة لوجه كل من ايد كل هذه الاجراءات البهيمية ..