مواضيع اليوم

لعبة الازرار!

علي جبار عطية

2010-07-10 07:48:08

0

علي جبار عطية
كنت اتبضع من دكان العطار اذ لفت انتباهي انه كان يتابع فلما اجنبيا مدبلجا باللهجة الخليجية!
توقفت عن الشراء وسألته بدهشة: هل صارت الدبلجة بلهجة اهل الخليج بعد ان كانت بلهجة اهل الشام؟
قال: نعم وهل تريد ان تكون الدبلجة باللغة الهندية! وقبل ان اجيبه ضغط على زر في الريمونت كونترول فاذا بالحوار يصبح فعلا باللغة الهندية!
وهنا عقدت الدهشة لساني فقد صار التطور التقني مذهلا وصار المشاهد هو صاحب القرار اذ يمكنك وانت تتابع مباريات كأس العالم بكرة القدم ان تتخلص من تعليق اهل المغرب ولفظهم للكلمات بطريقة ايطالية ممزوجة بالفرنسية والاسبانية فتترك عصام الشوالي وحفيظ دراجي ورؤوف خليف نحو المعلقين علي سعيد الكعبي ويوسف سيف وعلي محمد علي اذ يغنوك بتفاصيل وتعليقات وتوقعات صائبة.. كل ذلك بضغطة زر على الريمونت كونترول ولست مجبورا على سماع التعليقات السمجة ولا فرض الاراء وذلك لان الاستديو التحليلي الذي يلي شوطي المباراة فيه نخبة من المختصين على اعلى التخصصات الكروية يعطونك اراءهم بلا وصاية ويعرضونها بمنهجية اكاديمية تفيد الاحتمال ولاتعطي القطع والجزم والخيار لك!
قارنت بين هذا النعيم التقني وكيف اذا فاتك هدف او مباراة مهمة فيمكنك ان تسترجع مقاطع من المباراة على موقع الكتروني وما كنا نعانيه طوال نصف قرن من التسمر امام الشاشة الفضية لعل خبرا كرويا يشفي الغليل لان فريقنا يلعب مباراة مهمة في بلد مجاور واذا نقلت المباراة اذاعيا فهو عيد صغير اما اذا بادرت الخطوط الجوية العراقية المنحلة بنقل (كاسيت) المباراة لعرضه في اليوم التالي فهو عيد كبير!
وحين بدأت ثورة الفضائيات وارتفع قمر عربسات وصار هناك نقل تلفزيوني مباشر كنا في فرح اسطوري يزيده المعلق الرياضي اثارة بالقول (ننقل لكم نقلا مباشرا وعلى الهواء وعبر الاقمار الصناعية مباراة كذا..!(
كنت اتبادل الحديث مع احد الاصدقاء بشأن بعض الاكاذيب التي تطلق في زمن الديمقراطية مقارنة بزمن الدكتاتورية قلت: لايمكن انكار بعض الفبركات والتلفيقات الاعلامية او المبالغات التي تطلقها جهات سياسية هنا وهناك ولكن الفرق الجوهري ان المشاهد صار هو صاحب القرار ففي السابق كنا امام قناة مركزية واحدة تجبرك على تلقي اكاذيبها اما الان فيمكنك ببساطة ان تتعرف على الحقيقة من مصادر اخرى بكبسة زر فلم تعد الاكاذيب ملونة وصار المواطن جزءا من الحدث الاعلامي ولم يبق مجال امام المسؤول سوى ان يكون شفافا وصادقا!.

كاتب وصحفي عراقي




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !