مواضيع اليوم

لطيفة عبد الله جبر آل إبراهيم (1315 هـ)

صالح الموسى

2010-01-17 18:06:35

0

                                                                    لطيفة عبد الله جبر آل إبراهيم  

                                                             حرم الشيخ عبدا لرحمن بن محمد الموسى
                                                    (لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى – حتى يراق على جوانبه الدم) المتنبي

 
لم أجد لهذه القصة أي مرجع أو مصدر مكتوب، سوى روايتين شفهيتين سمعتهما من رجالٍ ثقات فوجدت أن إحداهما يكتنفها بعض الغموض والتناقض، لذا رجّحت الأخرى وهي رواية الشيخ محمد بن عبدالوهاب الموسى، حفيد الشيخ عبدالرحمن لكونها الأكثر دقةً ووضوحاً. فمن المتوقع أن وقائع هذه الأحداث التي خلفت ورائها الحزن والفراق من جهة ، والأمل والحياة من جهةٍ أخرى، قد جرت قبيل قيام الدولة السعودية عام 1315 هـ في مرحلةٍ ساد فيها الاضطراب والخوف خصوصاً في منطقة أحداث هذه القصة.

كما أنني لا أخفي دهشتي بفصولها المثيرة التي جسدت معاني وقيم إنسانية رفيعة، وبإعجابي أيضاً بجميع شخصياتها التي تنبض بالتضحية والكرم والوفاء، سواء كان الشيخ عبدالله بشجاعته وإصراره، أو ابنته لطيفة كريمة النفس واليد، ناهيك عن وفاء الشيخ إبراهيم بن عبدالرحمن بن طوق لصاحبه. كما آمل أن يطّلع عليها أقرباء المعنيين من خلال مدونتي (متعة التذكر) لإزالة أي لبس أو ارتباك في تسلسل أحداث هذه المغامرة المثيرة.

فلربما اختار الشيخ عبدالله بن جبر آل إبراهيم الموت واقفاً على قدميه بدلاً من أن يموت راكعاً ! وأن يُقدم على الخوف بدلاً من أن يعاني من آلامه، فأحيانا ًيكون الشعور بالخوف أشدُ ألماً من الوقوع فيه. هذا الإنسان المقدام سليل الأسرة الكرام لم يخطر له ببال، أن يأتي ذلك اليوم الذي ينتزعه القدر من المكان الذي نشأ وترعرع فيه. فلقد وجد نفسه وحيداً مُطارداً في إطار تسوية حسابات، بين فريقين متنافسين على السلطة.


فتاهت به الدنيا، وخيّمت عليه سحبٌ من الدسائس والمؤمرات. فاضُطر مُكرهاً على الرحيل من الرياض، ومعه ابنتاه الصغيرتان لطيفة وسارة. باحثاً لهما عن ملاذٍ آمنٍ ، مولياً وجهه نحو الإحساء، والشرور تلوح في الأفق من حوله. فمضى قُدماً غير عابئ بما يخبئه له الزمن، مدركاً أن الطريق آنذاك شاق وصعب ومحفوف بالمخاطر، ناهيك عن أن عيون الأعداء، كانت تتعقب أثره، وترصد خطاه . فمضى يحث السير وهو يشتم رائحة الموت في كل خطوة يخطوها، وفي كل مكانٍ ينزل فيه، وأثناء تعاقب الليل والنهار. فلم يبقَ له من أملٍ في الحياة ، سوى أن تنجو فلذات كبده وتعيشا حياةً كريمةً كما يجب.
فالشيخ عبدالله ليس رجلاً من سائر الناس، بل صاحب إرادة قوية وحثيثة، لا يثنيه هول المواقف والأخطار عن خوض الصعاب من أجل الحفاظ على كرامته. فبعد جهد جهيد تنفس الصعداء بعد أن ألقى بعصا ترحاله في الإحساء، تعباً ومنهكاً وغريباً على أهلها فيما عدا رجل واحد ألا وهو الشيخ ابراهيم بن عبدالرحمن بن طوق، عالم وقاضي نجدي أساساً من سكان الدرعية القريبة من الرياض، فلجأ إليه وطلب منه أن يُبقي لطيفة وسارة أمانةً عنده، وأن يزوجهما لمن يراه كفواً لهما.


فلم يمضِ وقتٌ طويل حتى بدأ يشعر بأن أنفاس الغدر قد أصبحت قريبة منه، بل تكاد أن تلفحه من كل صوب، فقرر الرحيل مرةً أخرى، ولكن هذه المرة بدون لطيفة وسارة. فبعد أن اطمأن عليهما لم يعد لديه ما يقدمه لهما سوى الأسى والدموع. غادر في ليلٍ بهيم إلى مصير مجهول . .


تزوجت لطيفة من الشيخ عبدالرحمن بن محمد الموسى، وعاشت في البيت الذي ورثه عن أبيه محمد ، وهو البيت الذي نسجت فيه كسوة الكعبة عام 1217 هـ وقد ذكر لي الشيخ عبدالرحمن بن عثمان الملا المؤرخ المعروف ، بأنه سمع من الشيخ أحمد بن محمد الموسى، يقول بأنه شاهد كتابة فوق باب هذا البيت، مكتوب عليها " هذا البيت الذي نسجت فيه كسوة الكعبة" كذلك ذكر لي الشيء نفسه كل من الوالد و الشيخ محمد بن عبدالوهاب الموسى.

توفي زوجها الشيخ عبدالرحمن، فرفضت الزواج من أحدٍ خارج عائلة الموسى، وفاءً منها لزوجها وللعائلة التي عرفت قدرها ومنزلتها. فتزوجت بعده من عبداللطيف بن عبدالرحمن الموسى ثم عبدالعزيز بن عبداللطيف الموسى وتوفوا جميعاً عنها ولم تنجب من أحدٍ منهم، وتوفيت هي عام 1994 هـ في الإحساء وفي نفس البيت. لقد ذكرت لي الوالدة بأنها كانت امرأة جميلة وكريمة وطيبة ومحبة للخير. رحمها الله وأسكنها فسيح جناته.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !