لطفي عثمان عبد الرحمن ملحس
• ولد الأديب الراحل لطفي عثمان عبد الرحمن ملحس في مدينة نابلس بفلسطين المغتصبه في العام 1902م ، وتوفي في مدينة عمّان بالأردن بتاريخ 26/9/1985 . له من الأبناء فرسان وعماد ومن البنات سوسن وحنان .
• درس في المدرسة الصلاحية الثانوية بنابلس ، وتخرج منها في العام 1917 .
• درس في دار المعلمين في إدارة المعارف بحكومة فلسطين ، وتخرج منها في العام 1922. وكان عدد الحائزين على هذه الشهادة العالية محدوداً قياسا بنسبة الأمية التي كانت تفوق التسعين بالمائة .
• قضى في مهنة التدريس الشاقــّة نحو أربعين عاماً ، منها خمسة عشر عاماً فــي فلسطين ، حيث عمل مدرّساً ومديراً في نابلس وبئرالسبع وخانيونس وغيرها من مدن فلسطين وقراها . ويذكر انه حين كان مديراً لمدرسة في خانيونس فانه سار على رأس مظاهرة لطلاب المدرسة ضد المندوب السامي البريطاني لدى زيارته للمدينة ، مما أوغر صدر الإنجليز واليهود عليه ، إضافة الى كتاباته التحريضية ضدهم . وحين كان مديراً لمدرسة عنبتا في العام 1936 فانه كان يخبيء الثوار في المدرسة ويمدهم بما يستطيع من امكانيات . وكان صديقاً حميماً للشهيد الشاعرعبد الرحيم محمود ( أبو الطيب ) الذي استشهد في معركة الشجرة الشهيرة .
• كان من أصدقائه المقربين : المرحوم أكرم زعيتر ، المرحوم رشــــدي ملحس ، المرحوم عبد الفتاح ملحس ، المرحوم قدري طوقان ، المرحوم أحمد طوقان ، والمرحوم الشاعرابراهيم طوقان الذي كان يلتقيه كلما عاد من الجامعة الأمريكية في بيروت ، ليسيروا مشيا على الأقدام الى رفيديا ، حاملين هموم أمتهم العربية وشعبهم الفلسطيني . وكان من اصدقائه الحميمين أيضاً : المرحوم الدكتور عادل النابلسي ، المرحوم الدكتور نزار النابلسي ، الأديب الراحل روكس بن زائده العزيزي ، الشاعر الراحل حسني زيد الكيلاني ....
• انتقل الى عمّان في بداية الأربعينيات من القرن الماضي ( في العام 1941 ) نتيجة ملاحقة سلطات الانتداب البريطانية والعصابات الصهيونية له ، وأسهم في تأسيــــــــس " بنك الأمـّــة " الذي لم يستمرّ طويلاً . ثم أسهم في تأسيس " الكلية العلمية الإسلامية " في العام 1947 ، وكان ممثلاً لابن خالته المحسن الكبير المرحوم ابراهيم منكو فــــــــــي " جمعية الثقافة الإسلامية " التي انبثقت عنها الكلية . وبقي يعمل في الكلية ويدرّس فيها حتى شيخوخته.
• درّس المغفور له الملك الحسين بن طلال في الكلية العلمية الإسلامية ، وكان مدرّسه الخاص في منزله بجبل عمّان . كما درّس آلافاً من الطلبة من بينهم نخبة من الذين اصبحوا رؤساء وزارات ووزراء ومدراء كبار ومهنيين مرموقين في المملكة الأردنية الهاشمية وفلسطين .
• انتسب لحركة القوميين العرب في بداية تأسيسها ، وكان دائم اللقاء بمؤسسها المناضل جورج حبش وبزميله القومي الأستاذ ممدوح السخن وبإبن عمه المرحوم راغب ملحس. لكنه ترك الحركة فيما بعد ، وظلّ ناصري الاتجاه دون اي انتماء حزبي .
• لم يكن التدريس بالنسبة له مجرد مهنة يعتاش منها ، بل كان يعتبره رسالة قومية وواجباً وطنياً . لذلك فإنه شغف بالتدريس وشغف التدريس به ، فكرّس له كل حياته ، ومنحه كل حبّه وجهده . ولأنه لم يكن مدرّساً عادياً ، فقد اهتم بالجانب التربوي اهتماماً بالغاً ، وكان رئيساً للجنة التربوية في الكلية العلمية الاسلامية ، وكان أول من طرح فكرة إنشاء معاهد تأهيل المعلمين تربوياً في وقت لم يكن هذا الموضوع قد طرح أو مورس من قبل في الأردن .
• بدأ الكتابة يافعاً في الصحافة الفلسطينية زمن الانتداب البريطاني ، وكان محارباً بالكلمة الجريئة الصادقة ، والنقد اللاذع البنّاء ، وأسهم في تعبئة الناس وتوعيتهم وتنبيههم إلى الإخطار المحدقة ببلادهم وقضيتهم . وقد لاحقته سلطات الانتداب البريطاني ، وتربّص به الصهاينة ، مما اضطره إلى نشر مقالاته بعدة تواقيع مستعارة اشهرها " الوحيدي " الذي استقاه من عشيرة " الوحيدات " وهي فخذ من قبيلة " المساعيد " التي ينتمي لها آل ملحس.
• واصل الكتابة بعد خروجه من فلسطين إلى الأردن ، وفيه تبلورت شخصيته الأدبية ونضجت ، فكتب المقالة الساخرة ، والقصة القصيرة الهادفة ، والبحث التربوي المستقى من واقع الحياة ومن تجاربه الشخصية الثرّه وتجارب الآخرين ، كما كتب عدة أبحاث تاريخية . وكان من اوائل الكتاب والمؤسسين لصحف منها " الدفــــــــــاع " ، و" القدس " ، و " الجهاد " ، و" المنار " ، و " الدســــــــــــتور " ، و " أخبار الأسبوع " ومجلة " الأفق " ومجلة " رابطة آل ملحس " . وكتب في صحف ومجلات عربية عديدة منها : " العربــــي " و" الأحمدي " و " قافلة الزيت " و" حماة الوطن " الكويتية ، و " الدفاع " السعودية ، ومجلة " الأديب " و" المجلة العسكرية " الأردنية ، ومجلــــة " رسالة المعلم " الأردنية ، وغيرها ....
• قدّم عددا كبيرا من البرامج الإذاعية في إذاعة القدس ، وإذاعة الشرق الأدنى ، والإذاعة الأردنية .
• حصل على وسام التربية الأردني ، وعلى وسام القدس للثقافة والآداب والفنون الفلسطيني ، وتمت تسمية شارع باسمه بعد وفاته في منطقة " المقابلين " بعمّان .
• كان رائداً من روّاد الأدب الساخر ، ومن بين القلـّة القليلة التي اجادت استخدام هذا الأسلوب وتوظيفه في خدمة قضايا الأمة ، مما أهّله للقب " كاتب الأردن الساخر" بكل استحقاق . حيث اتـّسم اسلوبه بالسخرية والنقد اللاذع ، وتسليط الضوء على قضايا المجتمع العربي وهمومه ، وكشف نواقصه وسلبياته بهدف النقد والمعالجة ، بأسلوب طريف محبّب ، يضحك للوهلة الأولى ، لكنه يخلـّف في النفس عزماً على ايجاد الحلول لما هو سلبي ، وعلى تعزيز ما هو ايجابي .
• يقول الراحل في وصفه لأدبه الساخر : " أتوخّى من السخرية الاصلاح لا التدمير، والعبرة لا التحقير . الكلام في السخرية هو الجدّ بمعنى الهزل ، والهزل بمعنى الجدّ . اسخر من الأوضاع الملتوية ( المفشكله ) .. ومن القيم المتحجّرة .. اجمع بين الواقع والخيال ، وبين الوصف والتصوير ، بأسلوب مبطـّن بالفكاهة الحلوة " .
• ترك مجموعة وافرة من القصص القصيرة ، نشر قسم مهم منها في مجلات وصحف عديدة أثناء حياته ، ولم ينشر بعضها حتى الآن . بعض قصصه القصيرة ذات طابع تاريخي ، هدف من ورائها اعطاء العظة والعبرة من تاريخنا العربي ومن أعمال رجالاته العظماء . ولعلّ اشتغاله بالتعليم هذه المدّة الطويلة ، وتخصصه في التاريخ والجغرافيا ، اللذين ابدع في تدريسهما بأسلوب بسيط مشوّق رغم طبيعتهما الجافـّة ، هو الذي جعله يتجه هذه الوجهة في مجال القصة القصيرة .
• رغم غزارة ما انتجه الأديب الراحل في مختلف مجالات الأدب عبر مسيرته الأدبية الطويلة ، الاّ أنه لم يصدر الا ّ كتاباً واحداً بعنوان " دبابيس " في العام 1975 ، وتم اصداره بعد وفاته بطبعة ثانية في العام 1988. وهو يتضمن جزء يسيراً من مقالاته الساخرة التي كانت تنشر تحت عنوان دبابيس ولسنوات طويلة . وحين حضرته الوفاة قال : لقد كتبت مئات المقالات تحت عنوان دبابيس بهدف " وخز " هذه الأمة وتحريك قواها ، لكني أخشى يوماً يصبح مطلوباً فيه استخدام السكاكين والخناجر بدلاً من الدبابيس لوخزها وتحريكها !
• لقد رحل المربّي والأديب لطفي ملحس بعد حياة مليئة بالعطاء والحيوية والنضال المتواصل على جميع الجبهات ، كان عصامياً ، وفيا لمبادئه متمسكا بها ، مدافعاً عنها حتى في أصعب مراحل حياته . وكثيرة هي المواقف التي تثبت الانسجام والتوافق بين فكره وممارساته في وقت يعجّ بالانتهازيين والوصوليين وتجار الكلمة والمصابين بداء الانفصام بين الفكر والممارسة وبين القول والفعل . واضافة الى ذلك ، بل قبله ، فقد كان انساناً بكل ما في الكلمة من معان ٍ سامية ، عاش للآخرين ومن أجلهم دون ادعاء ولا تبجح ، وعمل بصمت من اجل تحرر الأمة العربية التي كان يعيش على أمل أن يراها مستقلّة ، قوية ، موحدة . لقد عاش للآخرين وبهم ، فكانت يده اليمنى لا تدري بما تفعله يده اليسرى كما يقال ، وهناك مواقف انسانية غامرة لم تعرف الاّ بعد وفاته رحمه الله .
• لم يترك بعد رحيله ما يتركه الكثيرون من مال او عقار او متاع ، بل ترك لأبنائه وبناته وصيّة قصيرة ضمّنها حكماً وأشعاراً وأقوالاً مأثورة كان يتمثلها في حياته . تقول مقدمة الوصية : " أحبـّوا بعضكم ، كونوا يداً واحدة ، أقوياء بأنفسكم . تركت لكم كنزاً ثميناً هو حبّ الناس لكم ، فحافظوا عليه . الحبّ بينكم يعطيكم القوة والصبر والعفو . لا تحزنوا ، فالموت حق وراحة ورضى " .
التعليقات (0)