تعودت الحزن هكذا بلا سبب؛ أن أراه يضحك عليَّ ويُخرج لسانه على مصراعيه ويشير إليَّ بقهقهته الساخرة وأسنانه الصفراء ونظرته الغبية ؛ هكذا كنت أراني حزينا أحيانا بلا سبب ودونما مقدمات أشم رائحة الحزن ؛يلفني تحت دثاره الثقيل ويمشي بي عاريا ؛ معطف بلا أكمام وبلا أزرار وبلا جيوب فقط قبعة من غمام؛ لا اعرف كيف يحزن المرء ولكن سأتحدث عني فقط
فالأمر لا يهم غيري ؛
كيف أكون حزينا إذا ومتى ؟
حين أشرب وأسكر بسرعة
حين أنام ولا استفيق
حين أتفجع وأبكي
حين أقعى ككلب أعمى فلا أقف ولا اتسكع
حين يستعجلني كل شيء من اجل لاشيء
حين لا امرأة
حين لا وطن
حين الجرح ينزف كأغنية قديمة تعبث بها الريح
أن تتبلَّد الحواس ؛ تفتقد الأصابع أعصابها وتصرخ العين بالعماء
سوف لن يفيد في شيء أن تضحك لك الشوارع وتفتح فخذيها كامرأة شبقية بلا شهوة ولا جرح في صمتها
غالبا ما يجيء النهار باكرا في مثل هذه الحالات أقصد حالة اللاحزن ؛ حالة اللافرح أيضا ؛ وعليه بالتالي أن أخرج كحمار بلا أذنين واستوي كرسيا لرواد المقاهي العابرين الجالسين اليوميين الموسميين المطرودين من الفراغ الممتلئين بالصدى المتمددين كجدران ملساء هؤلاء الفناجين المقلوبة الفناجين الباردة برودة الإحساس بفقدان وطن ما في الوطن .
البارحة سألني بعض الأحبة الاموات كيف مازلت احتمل عدم اللحاق بهم
قلت : اني وكيلكم هنا لا فرق بيني وبينكم
حين…
المهم أن أسكب صرختي في إناء من زنك
وأرى السماء زرقاء كتفاحة متعفنة
سوف لن يتطلب الأمر تحقيقا لغويا أو بوليسيا أو اكلينيكيا أو حتى فرويديا
ببساطة ماذا يمكن ان يشعر امرئ مهمل في أقصى جنوب الريح يتحول كائنا من غبار والوقت يبعثره كقبعة من قش بين الليل والنهار
غير إني
لست حزينا بما فيه الكفاية
التعليقات (0)