الله أكبر الله أكبر الله أكبر
اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجل فرج ال بيت محمد
لذة ملكوتية
إن الحياة الدنيا فيها كثير من مظاهر الجمال، سواء كان الجمال الطبيعي، أو جمال العمران؛ فكم على وجه الأرض من البيوت الجميلة بأشكالها وألوانها!.. ولكن ليس هناك نسبة بين الدنيا وبين الآخرة؛ لأنه لا وجه للمقارنة بين الفاني وبين الباقي.. فالحياة في الجنة لا يمكن للإنسان أن يتصورها، والنعيم فيها على قسمين
القسم الأول نعيم عام
يناله كل من يدخل الجنة، وهو عبارة عن القصور والمساكن، وما أعده الله عز وجل من النعيم على اختلاف صوره
القسم الثاني نعيم خاص
وهو لخواص أهل الجنة
لقد أوحى الله تعالى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة المعراج
يا أحمد .. إن في الجنة قصراً من لؤلؤة فوق لؤلؤة ودرة فوق درة، ليس فيها فصم ولا وصل، فيها الخواص أنظر إليهم كل يومٍ سبعين مرة، وأكلمهم.. كلما نظرت إليهم؛ أزيد في ملكهم سبعين ضعفاً.. وإذا تلذذ أهل الجنة بالطعام والشراب؛ تلذذوا بكلامي وذكري وحديثي
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يارب وما علامة أولئك؟
قال تعالى
مسجونون قد سجنوا ألسنتهم من فضول الكلام، وبطونهم من فضول الطعام
أنظر إليهم كل يومٍ سبعين مرة، وأكلمهم
إن هذه الرواية المذهلة تبعث الهمم في النفوس حيث أن رب العالمين ينظر إلى أمثال هؤلاء في كل يوم سبعين مرة، ويكلمهم كما كلم موسى تكليماً
كلما نظرت إليهم؛ أزيد في ملكهم سبعين ضعفاً
هذه هي خاصية النظرة الإلهية: فالإنسان الذي ينظر إليه رب العالمين كل يوم سبعين مرة، وفي كل نظرة يزيد في ملكه سبعين ضعفاً؛ فكم يبلغ حجم ملك هذا المؤمن بعد سنين؟!..
وإذا تلذذ أهل الجنة بالطعام والشراب؛ تلذذوا بكلامي وذكري وحديثي
فرق بين إنسان من أهل الجنة يتلذذ بالحديث مع الحور والغلمان، وبين من يتلذذ بالحديث مع رب الحور والغلمان؛ فلا قياس بينهما
يارب .. وما علامة أولئك ؟
قد يتفاجأ البعض بأن الجواب سهل، وليس بالأمر الشاق جداً.. ولكن المشكلة في المواظبة والاستمرارية
قال تعالى مسجونون هذا الملك الذي يزيد سبعين ضعفاً في كل نظرة،؛ هو في مقابل سجن الدنيا.. ولكن ليس المراد به السجن الظاهري، إنما السجن الاختياري: فليس هناك محاكمة، وليس هناك إدانة؛ بل هو يضيق على نفسه باختياره
قد سجنوا ألسنتهم من فضول الكلام إن السجن الأول هو: الفم .. لقد سجن لسانه من فضول الكلام الحلال؛ فكيف بالكلام المشتبه؟.. وكيف بالكلام الحرام؟.. والله العالم أن الذي يتحرز من فضول الكلام، يتحرز من أمرين آخرين ملحقين به، هما
1. فضول السمع
البعض قد يكون صامتاً، ولكن الغير هو الذي يتكلم، فيغادر المجلس كي لا يستمع إلى فضول الكلام.. ولكن الأعجب بالنسبة إلى فضول السمع، أن يجلس الإنسان أمام التلفاز ويشاهد ويستمع إلى البرامج غير الهادفة، مع أنه بإمكانه التخلص من هذا الأمر بضغطة زر
2. فضول النظر
إن الإنسان الذي يكون في طريقه إلى المسجد، وينظر يميناً وشمالاً إلى بيوت المترفين، وإذا به يدخل المسجد ولسان حاله يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ .. إنْ كان لا يريد أن يستأجر أو يشتري، فلمَ النظر إلى تلك الأبنية وبطونهم من فضول الطعام .. أما السجن الثاني فهو البطن .. إن الإنسان بإمكانه العيش على الأقل بنصف أو بربع -إن لم يكن بعشر- ما يأكل من الصباح إلى الليل.. ومشكلة فضول الطعام تختلف عن فضول الكلام في نقطتين
1. الشبهة
إن الكلام الكثير لا يحتاج إلى ميزانية، أما الطعام الكثير فإنه يحتاج إلى مال؛ وبذلك يكون الإنسان قد وقع في مسألة الإسراف والتبذير
2. العجز عن التفكير السليم
إن الإنسان الذي يتكلم كثيراً، قد يقف ويستغفر ويعود إلى رشده .. أما الذي يأكل الطعام الكثير، فإنه لو ندم واستغفر؛ لن يُحسن التفكير.. لأنه من الناحية الفسيولوجيا: الدماء ذهبت إلى الجهاز الهضمي، وليس إلى المخ .. لذا فحتى التفكير الظاهري يكون صعباً على الإنسان؛ لأنه متعب بدنياً
التعليقات (0)