مواضيع اليوم

لدينا مخدرات

إنها الثامنة مساءا .... منذ السابعة والنصف وأنا أطرق باب بيت عمتي .... جئت لأصل الرحم... لا حياة لمن تطرق بابهم .... ربما هم كذلك قد خرجوا ليصلوا الرحم ... تعلمت من الكابتن ماجد عدم الاستسلام، لذلك قررت أن أحمل محفظتي وأتوجه إلى بيت خالي ... لحسن الحظ .. فاجأني زوج عمتي ... كان يصلي العشاء في المسجد ... الحمد لله يحمل مفاتيح بيته ...وإلا لكان هو الآخر سيرافقني إلى بيت خالي ... سلم علي وسلمت عليه ،وسلمنا على بعضنا ... زوج عمتي يحبني كثيرا ... لأنني لا أبخل عليه بإرسال مقاطع الفيديو بالبلوتوت ... فتح الباب وبدأ ينادي عمتي : الحاجة ..ألحاجة ... عمتي لا ترد ... ظننتها غير موجودة ... وصلنا إلى غرفة الضيوف فوجدتها تشاهد التلفاز ...... مرحبا عمتي ... لم تنتبه إلى دخولي... دخل زوجها وأزال موصل الكهرباء ... انطفأ التلفاز ... فعادت عمتي إلى وعيها ... انتبهت إلى وجودي ... سلمت عليها و سلمت علي وسلمنا على بعضنا ... رحبت بي وهي تسأل عن أحوال الأسرة والعائلة .ثم نهضتْ متجهة إلى المطبخ ... عادت تحمل الصينية كالعادة – إنها كريمة – وضعت الصينية على المائدة ... ورحبت بي مرة رابعة ... عندما أكون بيبت عمتي لا أعتبر نفسي ضيفا ... هي من تطلب مني ذلك ... حملت الإبريق وبدأت أصب القهوة ... وآكل الحلوى ... وأدهن الزبدة ... أتيتُ على الأخضر واليابس ... عمتي لا تحب أن يترك الضيف وراءه مخلفات ... تظن أن ما قدمت له لم يعجبه ... شطبتُ المائدة ... لم أترك بها إلا الأواني ... سألتُ عمتي عن حالتها الصحية فلم تجبني ... نسيتْ ... فقد أشعلت التلفاز وعادت إلى خشوعها مع المسلسل التركي الذي تتابعه منذ سنتين ...( رْبَّاتْ عليه الكبدة ) . دخل زوج عمتي إلى الغرفة ويداه تقطران بالماء ... كان يتوضأ ... جلس أمامي وبدأ يضرب على كتفي بيده ويسألني عن حالي ... مسح يده على ظهري ... لم يسألني عن أحوال الأسرة ... سألني عن أحوال الطقس في مدينتي وهل الأمطار تتساقط بها ... ( تقول زارع الجلبانة تما ) أخرج هاتفه المحمول ... أحسست بأنه سيطلب مني تشغيل البلوتوت ... إنه يبحث في مخيلته عن مقدمة يفاتحني بها الطلب ... صدق حدسي ...
زوج عمتي : هاد التليفونات اللي خرجو ماكيشدوش لاشارج
أنا : عندك الصح
زوج عمتي : إيوا سيفطلي ايلا عندك شي فيديوات جداد . ( هاد راجل عمتي مريييكل )
ضحكت وأخرجت هاتفي وشغلت موصل البلوتوت وناولته إياه ليرسل ما يشاء ... عمتي تشاهد التلفاز وزوج عمتي يشاهد الهاتف.... رن جرس الباب ... ليست هناك أية ردة فعل من الطرفين ... (تبلونطاو) ... قمت بواجبي كضيف ونزلت لفتح الباب... إنها ابنة عمتي ... سلمت عليها وسلمت علي وسلمنا على بعضنا ... أقفلتُ الباب وصعدنا ... دخلتْ إلى الغرفة وقبلتْ رأس أبيها ورأس أمها ... لم ينتبها إلى دخولها فخرجت باتجاه المطبخ ... عادت وهي تحمل صينية أخرى ... فجلست عن يميني ... ووضعت الصينية أمامها ... دعتني إلى مشاركتها فاعتذرت لأني قمت بالواجب قبل قدومها ... أنهت أكلها وفتحت محفظتها وأخرجت حاسوبها المتنقل وأوصلته بالموديم وأبحرت في البحر (الأحمر)... ما هي إلا لحظات حتى دخل ابن عمتي يحمل مجلات وجرائد في يده ... سلمت عليه وسلم علي وسلمنا على بعضنا ... رحب بي وسألني فقط عن أخي المناضل بحزب المعطلين ... فأخبرته أنه بعد خمسة عشرة سنة من البطالة ... الحمد لله ... ألف الوضع ولم يعد يطالب بذلك ... نظر إلى المائدة ... وسحب الصينية وأتم مسيرة أخته في النضال الحقيقي... يا إلهي!! ... عمتي تبكي !! ... ماذا وقع ؟؟؟ ... مهند قد طلق نور ولم يعطها النفقة وأرسلها إلى بيت أبيها بكاريان إسطَ.نْبول ... .
انتهى ابن عمتي من النضال وأخبرني بانهيار قنطرة في مدينة صغيرة ... بدأ يسب المسؤولين الجماعيين ... ويخبرني بأنهم لصوص ويجب أن يحاكموا – هو اللي قال ماشي أنا – فتح الجريدة ليتابع قراءة مايجري ... الحمد لله لأنه سكت ... .
بيت عمتي يعيش هدوءا لا مثيل له ... عمتي تتابع التلفاز .. وزوجها يتابع البورطابل.. وابنتها تتباع لانتيرنيت وابنها يتابع الجورنانات ... وأنا الضيف المسكين أتابعهم .
الجميع مخدر ومرفوع ... أخرجت هاتفي الثاني ... وأتصلت ...
أنا : ألو.. مرحبا ... من فظلك .. أعطني توقيت القطار الذي سيغادر مدينة عمتي بعد قليل .
 

 

أنور خليل




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات