إنه يوم الأحد ... طرقات مزعجة في باب بيتنا أيقظتني باكرا ... ورخرقت قانون حرية نومي ... ركزت أذني في صوت صندالة أمي التي تنزل في الدرج لتفتح الباب ... فُتح الباب ... أمي ترحب ... أسمع صوت قبلات .. إنها شديدة ... لدينا ضيوف إذن ... صوت امرأة ..من تكون ياترى ؟؟ .. يا إلهي أنهم قادمون ... فتحت أمي باب غرفة الضيوف التي أنام بها...سحبتُ البطانية وغطيت وجهي ورفعتها قليلا لأستطيع متابعة الأحداث ورؤية الضيوف بعين واحدة .
إنها عمتي وزوجها ... جاءا من العاصمة... يا فرحتي .. ضمنت الذهاب إلى الجزار لشراء اللحم ... إنني في قمة السعادة ، سنتغدى باللحم والمونادة ... سمعت صوت حقيبة يدوية تفتح تلاه صوت عمتي : هاذي شي حاجة للدراري .. ماذا ؟؟؟ الدراري ؟؟؟ يعني أنا وأخي ...غلب "الصّْوَابْ" أمي فبدأت تُحرم علينا : حْنَا مَاشِي بْرَّانْيِينْ عْلاَشْ مْحَّنْتُو رَاسْكُمْ ؟؟.. وأنا من تحت اللبطانية أتمنى لو تسكت أمي كي لا تتراجع عمتي عن قرارها ...
كالعادة أشعلت أمي التلفاز لينوب عنها في "الصّْوَابْ" ريثما تذهب وتحضر الإفطار .
بقيت عمتي وزوجها في الغرفة، وأنا لا أزال في برج مراقبتي من تحت البطانية أتابع حركاتهما ... عمتي تتجول بمقلتيها عبر حيطان الغرفة وتمعن النظر في شروخ السقف ... .
أعدت أمي الإفطار ودخلت وهي تضحك وترحب بالضيوف ... وضعت الإفطار على المائدة ... آآآي ... جلست أمي على رجلي ... تعمدتْ إيقاظي بتلك الطريقة ... عذرا أمي ، لن أنهض قبل أن تخرج عمتي وزوجها من الغرفة... بصراحة عمتي متحضرة كثيرا – فهي تسكن في العاصمة – ولا أحب أن تراني نائما بالدجين والتقاشر العطرة ... فهي تكره ذلك وربما ستحرمني من جولة في سيارة زوجها .
بالمناسبة ... زوجها موظف بسيط في إدارة عمومية ... وسرعان ما أصبح لا يلبس إلا الكرافاط واشترى شقة في شارع الرباط وسيارة كاط كاط ولا يؤدي إلا بلاكارط ... إنه مخلص في عمله ... لا يعرف قول كلمة :"لا" ... على أي ... شغلو هاداك .
انتهى الضيوف من الإفطار وذهبت عمتي إلى غرفى أمي لتغير ملابسها ورافقها زوجها إلى البلكونة – عفوا إلى نافذة المطبخ – ليدخن سيجارته .
نهضت من مكاني فاختطفني منظر المائدة ... بها حلوى وكيكة !! وجبنة وحليب !! ... الحلوى لم تحضرها عمتي .. لأنها صنع محلي – في بيتنا – فأمي تصنع الحلوى وتضعها في صندوق التوفير الذي لا يتم السحب منه إلا عند الزيارات ... أحيانا تُصنع الحلوى وتُخبأ وتتأخر الزيارات عنا فيصبح سطل النفايات هو الضيف الأولى بها ... – إنه الكرم - .
طويت بطانيتي لثاني مرة في حياتي – المرة الأولى ، عندما زارنا خالي - .
تسللت إلى المرحاض لأغسل وجهي وأعود بسرعة لتناول الحلوى والكيك مع الحليب الذي نسيت طعمه – لأن الزيارات قد تأخرت هذه المرة- ... غسلت وجهي ومسحته بكُمِّ قميصي ... وقفت أمام باب الغرفة والفرحة تغمرني ... هل أبدأ بالحليب؟؟ أم بالحلوى ؟؟ أم بالكيك والحليب ؟؟ أم بالكيك فقط ؟ فكرت مليا وأخذت قراري ... سأبدأ بالجبن والخبز ثم أتبعهما بالكيك والحليب.. وسأترك الحلوى لآكلها في الشارع ليعلم أبناء الجيران وسكان الحي أن في بيتنا ضيوف .
التعليقات (0)