لحن الجزيرة ممنوع في اكثر من دولة
بقلم شريف هزاع شريف
يمكننا ان نعتبر احداث 11/9 حدثا محوريا في تاريخ الإعلام العالمي في كافة مستوياته فبعد هذا الحدث نشطت الوسائل الاعلامية وبشكل كبير في العالم العربي لتواكب ما يطرحه الاعلام الغربي حول قضية الارهاب والتطرف وصدام الحضارات او المدنيات ، الشرقي –المتطرف - / الغربي – الديمقراطي- وبدأت تطفوا على الساحة الاعلامية مصطلحات جديدة كـ ( الاصوليين ، ابن لادن ، القاعدة ،التيار السلفي ، التطرف ، الارهاب ، ... الخ ) وهذا ما دفع الاعلام العربي بشكل عام للتوجه الى تبيض صفحات الاسلام او العرب مما حدث وربما مما سيحدث ايضا ؟!، في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تجهز جيوشها لمحاربة الارهاب وطرح مشروع الشرق الاوسط الكبير ( تغير خرائط المنطقة السياسية ) ومن هذا المخاض الصعب برزت قناة الجزيرة كاحد نماذج الاعلام الذي لمع نجمها مع الحرب ضد العراق وهذا ما جعل الصحف ألامريكية وألاوروبية تنشر الكثير من التعليقات حول القناة لما تثيره من لغط واثارة! وهذا ما اثر بشكل مباشر على دول المنطقة – العربية – وجعلها تنظر الى الجزيرة على انها احد اشكال القلق الاعلامي الذي قد ينغص عليها حياتها.وغني عن البيان أن السبب في ذلك يكمن فيما تذيعه من برامج النقاش والحوار لقضايا تعتبر بالنسبة للأنظمة من العورات السياسية المحظور كشفها. وأغلب هذه البرامج مفتوح على الهواء مع المشاهدين، يشاركون فيها بآرائهم وأسئلتهم بقدر كبير من الحرية، وكذلك فقراتها التوثيقية والحية، وما استقطبته من قادة الرأي العام العربي السياسي والديني والثقافي وهذا ما جعل تسويقها اكثر سرعة في البلدان العربية التي تشكوا منذ زمن تحت وطأة الكبت والخنق السياسي او الاعلامي .
لكن ومع دخول الجيوش الامريكية والبريطانية الى العراق بدأت الجزيرة برفع وتيرة الاعلام الاستفزازي والاتهامات ودخلت في بوتقة محاربة الاعلام الامريكي العتيد فاصبحت في مواجهة الغرب اعلاميا وشنت بدورها الحرب على وسائل الاعلام التي تقف ضد مشروعها الاعلامي – التجاري – لكن هذا الامر جعل منها احد اهم اشكال الاعلام المناصر للارهاب في العالم مما دفع الكثير من الدول العربية الى غلق مكاتبها الاعلامية في ارضها كالكويت والأردن وايران والعراق حيث أغلقت لفترة مكاتب " الجزيرة " في اراضيها ومنها من لم يسمح حتى هذه اللحظة ان تفتح مجددا ، مستدلة بذلك على أن " الجزيرة " أصبحت تسبب صداعاً للأنظمة العربية وقناة ترويجية للارهابيين والقتلة ومسلسلات الذبح والاعمال الانتحارية والتفجيرات متخذة من الحرب على العراق ذريعة لشن الخطاب القومي العربي التحرري ووووووو! وعودة امجاد الامة العربية من خلال ما يقدمه فيصل القاسم والذي يعتبر في نظر الكثير من المثقفين احد اهم المهرجين الاعلاميين ! ومن جهة اخرى هو النموذج الاكفاء في اثارة الفتن وتكدير صفوة الوحدة التي ينشدها ، فهو يستخدم قضايا الشعوب للهزء والسخرية والاتهامات العشوائية فقد وصم القاسم الأكراد بالخيانة وبأنهم خنجر مسموم في خاصرة العرب من خلال برنامجه " الإتجاه المعاكس" او كما يقول المثل العراقي ( يريد يعلكها علك !!! ) في الوقت الذي كان من الحري به ان يتخذ معياره الصحفي فوق المعايير الشوفينية التي يبطنها او تهريجه الذي يستهدف اظهار ضيفيه كممثلين كوميديين ! بدل ان نقول احسن الضيف الاول او الثاني نضحك على الاثنين لانهما في كاميرا اسمها ( كاميرا الجزيرة ) وهو بنامج كوميدي يقدم كل يوم في الاسبوع ويديره فيصل القاسم الذي يجلي قرب جهاز يصوت على نتائج الجدال والمعركة حامية الوطيس تصويتا (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) حقيقة لقد ظهر العرب او اظهر العرب ذلك المذيع المحترف جدا ، على انهم ظاهرة لغوية وصياح وعويل وعدم لياقة وانهم لا يجيدون فن الحوار واننا لانفهم في السياسة ولا سياسة الخيل حتى.
فيما يخص خطابها الديني فقد استخدمت احد رموز الاعتدال والتحرر من خطاب الجمود الشيخ يوسف القرضاوي الذي عرف ببراعته في هذا المضمار الا انه وفيما يخص العراق يظهر خطاب القناة الحقيقية بضرورة محاربة الامريكان ومناصرة ( المجاهدين ) وهو امر ممتاز ونؤيده بل ان امريكا نفسها اعترفت ان المقاومة حق مشروع للامم ، لكنه بالتأكيد استنكر وبشدة العمل الارهابي الذي قامت به ثلة من المجرمين !!! الذي استهدفوا احد المناطق التي يكثر فيها الجنود الاجانب في قطر لانه استهدف الابرياء (يقصد طبعا الجنود الابرياء) !!!؟ فازدواجية المعايير يجب ان تظهر لأرضاء اصحاب النعمة والفضل فلا يوجد أي رابط يربطه مع قتلى العراقيين الذين يُصدَّرونَ الى السماء كل يوم بالمئات اثر التفجيرات والمفخخات والاغتيالات وقتل الاطفال ... الخ، والجميل رغم كل هذا ان القناة تكرر بأنها مستمرة في إتباع نهجها المهني المعهود القائم على مبدأ الرأي و الرأي الآخر و المتجسد في ميثاق الشرف المهني الخاص بها .واذا دخلت الى موقعها على الانترنيت ستجد قائمة بميثاق العمل الاعلامي وهو شبيه بدرجة كبيرة بدساتير معظم الدول العربية التي لا تطبق ابدا ابدا ، ففيه تجد الوعود التي قطعتها حول سعيها إلى الانفتاح و ترسيخ مبادئ حرية الإعلام و التعبير!!! .وضمن نفس البنود المنشودة عندهم تجد مقدما اخر يمثل خطابها الاعلامي وهو الاكثر ارستقراطية وعجرفة كونه لا يتوانى من السخرية من ضيفه واظهار احتقاره لضيفه او ما يتحدث عنه هذا المقدم هو ( احمد منصور ) وقد اتخذ هو ايضا من الرموز السياسية الكبيرة منبرا للقاءات على شكل مسلسلات من الاسماء اللامعة وغير اللامعة وهو ايضا استخدم الورقة الكردية على طاولته الاعلامية من خلال برنامجه " بلاحدود" معبرا عن امتعاضه من ضحايا حلبجة والانفال ! من جهة وساخرا من الاكراد بسؤاله الاستفزازي " قل لي: أنت كردي أم مسلم ؟!!! .
لقد وصفت جريدة " تاتس الالمانية " المعروفة في برلين ظاهرة " الجزيرة " بأنها " ريح منعشة في الإعلام العربي هبّت من ركن لم يتوقعه أحد…" وهذا الامر صحيح قطعا في عالمنا العربي الذي لم يتنفس رياح الديمقراطية ابدا ، الا ان القناة تخطيء في عرضها الديمقراطي لاسيما بعد عام 2003 اي مع اعلان الحرب على العراق ففي الوقت الذي كانت الجزيرة تنقل الحرب العراقية الامريكية انتقلت لنقل الحرب الامريكية على العراق متخذتا من كلا الجانبين بضاعة اعلامية سهلة التسويق الى العالم العربي وقد اضافت الصحيفة الالمانية " وأن ما تقدمه من رأي ورأي معارض يعتبر ثورة في منطقة تستخدم فيها وسائل الإعلام كأبواق موصلة لأقوال الحكام…" وهذا امر لا يحتاج الى تعليق ، لكن هل من المعقول ان تبقى الابواق تصدع للحكام ؟ بالتأكيد هناك ابواق اخرى تريد ان تصل لغايات لا نعرفها اليوم لكن العازفين هذه المرة لم يجيدوا عزف لحن صادق ..
التعليقات (0)