قبل أكثر من شهر نشرت إحدى الصحف الايطالية خبرا عن سرقة عشرة مليون دولار من غرفة أميرة قدمت لايطاليا للسياحة ، نقطة الغرابة في هذا الخبر هي مقدار المبلغ الذي سُرق من الأميرة - التي حملته بمنتهى البساطة في غرفتها الفندقية - مما يعطي انطباعا عن المبلغ انه كان مجرد مصروف جيب .
في المقابل من هذا المشهد يعلو صراخ إحدى السعوديات ألما من الفقر الذي تعيش فيه لإحدى الفضائيات متمنية أن تأكل ولو لحم حمار لأنه من المتعذر عليها أكل ما هو أطيب من ذلك .
ما بين المشهدين فارق شاسع بين طبقتين اجتماعيتين ، وحجم هذه المسافة هو الحجم الفاصل بين كوكبين منفصلين ، رغم المكان والزمان الواحد الذي يجمع بين النموذجين .
هناك فجوة تنشا بين الطبقات الاجتماعية في الأرض السعودية ، وهذه الفجوة تتسع بمرور الوقت بدون وجود أي تحرك جاد لردم الهوة بين الطبقتين ، بل لا توجد أي بوادر حقيقية لتنازل إحدى الطبقات الاجتماعية عن كل امتيازاتها ، أو على الأقل محاولة معالجة مشاكل الفئات الفقيرة والمسحوقة في المجتمع – حتى لا تشعر بالحنق والقهر من غنى الطبقة العاجية - .
وبمعية غنى إحدى الطبقات الفاحش - المتمثلة بالأمراء ورجال الأعمال - فهناك طبقة أخرى بدأت تُسحق وتُكبل لتتقلص ، لتصل بالقرب من خط الفقر ، ألا وهي الطبقة المتوسطة .
فنتيجة لازمة سوق الأسهم التي استثمر فيها اغلب أفراد الطبقة المتوسطة وانتهى استثمارهم بكوابيس قضت على أحلامهم الوردية ، بالإضافة لتكبيل قيود القروض البنكية التي لا يخلو منها أي فرد ينتمي للطبقة المتوسطة ، وهناك أيضا أزمة السكن والتي تقول بياناتها أن أكثر من 85 بالمائة من الشعب السعودي يعيشون في مساكن مستأجرة - أي أغلب أفراد الطبقة المتوسطة يستأجرون بيوتهم التي يقطنون بها - ، بالإضافة لازمة غلاء الأسعار وانتشار البطالة كل ذلك يحد من طموحات الطبقة المتوسطة ويقترب بها شيئا فشئيا - ما لم تعالج أوضاعها - لخط الفقر .
والخطورة في الأمر – مستقبلا - هي إذا ما اقتصر الأمر في المجتمع السعودي على وجود طبقتين اجتماعيتين - في ظل انحسار الطبقة المتوسطة - ، طبقة فاحشة الثراء يُعتبر مبلغ عشرة مليون ريال مصروف جيب في رحلة سياحية باذخة ، وطبقة مقذعة الفقر تتمنى أن تأكل ولو لحم حمار !.. والواقع ينبئ باتساع الفجوة بين الطبقتين بمرور الزمن ، وفي هذا نذير بحدوث مشاكل اجتماعية واقتصادية لا تغيب عن البال ، ولعل من بوادر ذلك ما يلوح في الأفق من انتشار الجريمة والانخراط في الأعمال الإرهابية وحالات الانتحار - في محاولة للهروب من الواقع - التي نشاهد تفاصيلها يوميا .
المرأة السعودية الفقيرة في المشهد الثاني أخبرتنا بوجود خمسة بنات مطلقات تحت رعايتها ، مما يعني أن هناك حالة من التفسخ والتفكك الاجتماعي نتيجة لضغوط الحياة والحياة الصعبة التي تعيش فيها بعض الأسر المطحونة !.. وعلينا أن نتساءل عن كيفية صرف البنات الخمسة في هذا النموذج على أنفسهن في ظل قوانين تحد من عمل المرأة ؟! ، أو كيف ينشا أبنائهن بصحبة تفكك اسري وفقر مادي ؟! ، أليست تلك النذر بمثابة قنابل موقوتة ؟!.
وفي ظل هذه الظروف القاسية التي تعيش فيها الكثير من الأسر الفقيرة والمطحونة كيف نستغرب وجود نساء سعوديات يلجأن للدعارة لإعالة أسرهن ؟.
كل ذلك يقترن مع طبقة يتسع ثرائها وتنفصل يوما بعد آخر عن هموم الوطن ولا تشعر بمعاناته !.. كما أن اهتمامات هذه الفئة تدعو للغثيان - في وجود بيئة فقيرة في حاجة لمساعدتها - ، ومثال ذلك ما استعرضه البرنامج الأمريكي الشهير (ستين دقيقة) عن شراء رجل أعمال سعودي للعبة جنسية بمبلغ 55 ألف دولار أمريكي ، في حين أن ثمن هذه اللعبة الحقيقي في السوق الأمريكي والأوربي لا يتجاوز الـ 400 دولار .
وهنا علينا أن نندهش ، فقد خصص ولي الأمر صندوقا لمعالجة الفقر - قبل عدة سنوات - كان في حاجة لمتبرعين لم يتواجدوا !.. لكن لم يتوانى الكثير منهم عن صرف عشرة مليون في رحلة استجمام بسيطة ، أو خمسة وخمسون ألف دولار لشراء لعبة جنسية رخيصة ! .. وعلى من تنتظر لحم حمار لتأكله أن تنتظر للأبد طالما بقيت العقليات كما هي ، وعليها أن تحلم ( على قد حالها ) فلعل لحم الحمار متعذر عليها تذوق طعمه حتى في الحلم !.
http://www.muhawer.net/forum/showthread.php?t=21620
التعليقات (0)