مرحباً بالرجل الذي يريدون! |
4 |
|
الهرمونات الذكرية اختياري؛ حتى لو كانت كل ميولي وصفاتي أنثوية.
الهرمونات الذكرية اختياري؛ حتى أصبح ذكراً، ضمن الملايين السفلة الذين يحكمون العالم بعنجهية وغرور.
الهرمونات الذكرية اختياري؛ من أجل أمي وأختي والعائلة والناس والمجتمع والدولة والعالم كله، ما عداي أنا!
لتتحول العصافير المغردة داخلي إلى شظايا، وأصير أنا إنساناً قتلته النقائض، وفتته عار كونه يريد أن يصبح الأنثى التي يريد، في واقع يرفع الذكر على الأنثى..
مرحباً إذن بالراحة الأبدية، بعد خمسة عشر عاماً مرت من عمري ضعيفاً هشّاً مندهشاً غريباً وحيداً صامتاً، أدير معاركي مع نفسي في صراع شرس لم يرحمني لإثبات هويتي.. أخيراً سأعلن انضمامي لعالم الرجال الأنذال لأصبح واحداً منهم، وأتناسى ما كان يحدث في جسدي من تحولات شفافة طرية.
أخيراً سأكون حجراً من حجارة أعمدة القوة التي لا ترضى إلا بالقنابل ألفاظاً، وبالمدافع ألسنة؛ لتبسط جناح الغدر، والقوة المزيفة على العالم وفوق رؤوس النساء.
آه.. ما أشد عبثية الحياة، إنها جرثومة غير عذراء، جعلتني أتقبلها لتحفر في ذاكرتي السلوكيات والضغوط التي جعلتني مرفوضاً في كلا المجتمعين الذكوري والأنثوي..
عن غير قصد مني كنت، وعن غير رغبة سأكون؟!
ليكن الاختيار إذن للأقوى الذي حكمته مفاهيم مغلوطة عن الفرق بين الرجل والمرأة، وما أملته نفسي الحائرة علي...
قررت الدخول بصدري إلى المعركة، وأصبحت أمي تنفق كل ما تجود به أيامها على تلك الهرمونات باهظة الثمن!
وبمرور الأيام لاحظت أن تلك الأدوية لم تفلح كثيراً باستثناء أن صوتي مال إلى الخشونة قليلاً، وبدأ شعر الوجه بالظهور والقليل منه على الجسم، وازداد طولي قليلاً، وانخفض صدري قليلاً!
مـن ذاق عـرف...
لا أزال أدرس في المنزل، مبتعداً عن نظرات الآخرين، وأصبحت أكثر نضوجاً، وصرت أستمتع أكثر وأكثر بالصمت والقراءة.. أصبحت لدي قدرة وموهبة في تحويل المعاناة إلى إبداع..
لم تقف مأساتي في طريقي؛ بل كانت معلماً صارماً لا يرحم.. أجبرتني الوحدة على التعمق في القراءة والبحث في شتى بحار العلم، فتوسعت آفاقي، وأدركت بأني يمكن أن أقاوم أعراض مرضي التقليدية - الصعوبة في حفظ المعاني، وصعوبة التعبير عن النفس والدفاع عنها، والأخطاء اللغوية والإملائية - بالانخراط في المعرفة، والعمل الجاد، والإيمان بالله.
من هنا بدأت، ومن هنا كان التحدي الذي لم يمنع أن أتكئ أحياناً على سواعد أمي وأختي الجميلة سحر.
كانت القراءة بالنسبة لي كلمة غائمة المفهوم، غامضة الدلالة، واسعة النطاق، يصعب أن يحدها تفسير معين، ولكني شغفت بها، فوجدت من خلال قراءاتي أن القيم والمفاهيم والمعلومات والعقائد والفلسفات والأخلاق، وكل المكونات الثقافية للقراءة تبقى صوراً تجريدية ذهنية، ما لم تظهر على أرض الواقع، وتتجسد في مصداقية علمية ومادية أشعر بها وأتحسسها.
وعلى الرغم من أن فكرة القراءة في حد ذاتها لم تكن تروقني إلا أن إصراري على تجاوز محنتي كان الشعاع الذي ينير لي دروبي؛ فولجت إلى عالم القراءة بشغف خاص تغلغل داخل روحي، لتتوهج به كلما نثرت الكلمات المقروءة في طريقها لتصقلني بتجارب الآخرين وخبراتهم.
وهكذا وقعت في غرام القراءة، وأدركت أهمية أن تكون لي مكتبتي الخاصة، وأصدقاء من كل أنحاء العالم، أنعم بصحبتهم الصامتة.. أصدقاء من مختلف الاتجاهات والمشارب، يصبون - بلا سخط - أجزاء من أرواحهم داخل روحي..
ووجدتني بعد وقت قصير واقعاً في إشكالية محيرة: ماذا أقرأ؟ تلك المشكلة كانت بالنسبة لي أعمق وأكبر من أن أوجزها بكلمات تعطيها التفسير الصحيح , حيث تخضع العملية لمدى إقبالي على قراءة العلوم والآداب المختلفة، والتبحر في قراءتها بدون ملل.
أأقرأ كل ما تميل إليه نفسي بدون تنظيم أو ترتيب؟
وهل على أن أتمثل ما أقرؤه فكراً وسلوكاً؟
وأن أبشر بما أقرأ للآخرين الذين لا وجود لهم في حياتي؟
أم إنه يجب أن أقرأ لنفسي، ولنفسي فقط؟
التهام كل ما وقع تحت يدي من معارف كان قراراً صائباً، غزوت مكتبة أختي سحر التي تضم مئات الكتب وبلغات أربع، نظراً لتخصصها في دراسة اللغات.
ما أجمل أن تقرأ.. وما أروع أن تفتح صناديق مغلقة!
كنت كلما رأيت أختي سحر تقرأ - وأنا صغير - أعتقد أنها مجنونة، وأتساءل: ماذا تقرأ؟ وماذا ستفعل بكل هذا العدد الكبير من الكتب؟ وهل صديقاتها يفعلن مثلها؟
لم أرها يوماً أمام المرآة، وكانت دوماً تقول لي: اقرأ تتعرف عل نفسك أكثر، وتعش معها بسلام...
كانت الفتيات في مثل عمرها يحلمن برجال يحملوهن على أحصنة بيضاء ويفكرن بتوم كروز، ويعلقن صور العندليب الأسمر, ويطلقن على أنفسهن أسماء من نوع العاشقة س والمفتونة ص، وكان محمود درويش فتى أحلامها... ومرسيل خليفة مطربها المفضل، وعبد الناصر ثائرها الأوحد.. تعلق صورهم في كل مكان...
كانت سحر محط ثقة وحب أبي وأمي، لم تشغلهما يوماً بقصص البنات العادية، ولم نجد يوماً تحت وسادتها رسائل حب وغرام.. عشقت القراءة، وهامت بالفلسفة والتصوف والشعر واللغات، وأحبت شعبيات نجيب محفوظ، وتجليات حافظ الشيرازي، ونمنمات محمد راسم!
أعانتني بعقلها الواسع على اجتياز حواجز الخوف من الآخرين، وفهم نفسي، والتصالح معها. كثيراً ما كانت تأخذني في أحضانها وتهمس: سامحك الله يا أبي.
ومع رحلاتي وصولاتي مع أصدقائي الكتاب والشعراء والعلماء والسياسيين أدركت أن الوقت الذي أضعته من عمري وأنا بعيد عن هذا العالم الضوضائي الصامت المذهل كان طويلاً.. تغيرت أجزائي وتجمعت أشلائي المبعثرة مع كل كتاب؛ لأصبح أقوى على مواجهة حياتي. وعلى الرغم من قراءاتي الكثيرة والمتنوعة فإن نطقي للأحرف لم يتحسن كثيراً، وما أزال أجد صعوبة في نطق بعض الكلمات..
ولكنه التحــــدي...
من خلال القراءة بصوت عالٍ، وبالكثير من التمرين، استطعت اجتياز هذه المسألة، التي سهلها وجود مترادفات كثيرة في العربية يمكن الاستعاضة بها عن الكلمات الصعبة التي لا أستطيع نطقها.
تفتحت روحي على ثقافات العالم، وتكونت لي شخصية، صنعتها بنفسي فتبدلت كثيراً، وأصبحت أدافع بشراسة عن مبادئي بعد أن تحررت من الخوف كثيراً!
أثناء تلك الفترة أنهيت الصفين الأول والثاني الثانويين منازل بنجاح مخزٍ؛ لأن طاغور ونجيب محفوظ وغادة السمان وغسان كنفاني وفولتير وبسمارك وبوشكين وإيل زولا وغارسيا وإمبرتو إيجو وإيزابل الليندي وشوقي والمتنبي وعمر الخيام والشيرازي وأحمد مطر ونزار قباني وتولستوي وشكسبير كانوا أهم عندي من تلك المناهج المدرسية التي تدمر عقلي وتزهق روحي.. من قال بأني في حاجة لاستيعاب الأكاذيب التي اندست في تاريخنا.. ومعرفة كيف كنا.. وماذا فعلنا بأنفسنا؟ كان الأهم عندي معرفة أين نحن من هذا العالم الهادر، وإلى أين وصلنا؟
باختصار جعلني أصدقائي الصامتون الهادرون بأفكارهم ومبادئهم وحكاياتهم وأشعارهم واختلافاتهم، الجائلين في روحي ودمي ليل نهار، جعلوني أكثر تماسكاً وقوة، فلم أعد نداء، ذلك الكائن الهش التعيس!
مقابل كل نور ظلمة، ومقابل كل وجود عدم...
شعرت برغبة أمي بأن أعود للمدرسة النظامية الصباحية؛ فلربما تحسن مجموعي بعد أن لمست التغيير في شخصيتي وقدرتي التي اكتسبتها في مواجهة الآخرين. وكان كل أملها أن أدخل كلية الطب؛ لأتعرف على حالتي أكثر، ولربما أجد حلاً لها، خاصة وأنها أصبحت لا تثق في الأطباء الذين كان يريد كل واحد منهم أن يحقق مكسباً ما من توصيف جديد لحالتي! وكم كان يصدمها جهل بعض الأطباء الذين توقفوا عند دراستهم الأولى، غير عابئين بالمتابعة اليومية لكل ما هو جديد في عالم الطب السريع التطور.. هذا بالإضافة إلى ارتفاع ثمن الزيارة الأسبوعية للطبيب، والتحليلات الهرمونية الدورية لمتابعة التغييرات التي تحدثها الأدوية في جسدي، ثم الأسعار الفلكية التي كانت تأكل كل مجهودها وراتبها الشهري الضئيل وجزءاً من راتب أختي سحر.
لجأت أمي جوهرتي الشفافة - وحتى توفر لي ثمن أدويتي - للرسم الحر في الفترة المسائية، وبيع لوحاتها المبهجة للمقربين من الناس، بجانب عملها. فكيف لي أن أرفض لها طلباً! وهكذا التحقت بإحدى المدارس الثانوية.. وفي اليوم الأول - وفور دخولي من البوابة بطولي الفارع وشكلي المختلط - تحلق الطلاب بفجاجتهم وغلظتهم حولي، يدققون في شكلي، والسؤال يحوم في عيونهم: ما هذا؟ أولد أم بنت؟
ولست أدري لماذا مت خوفاً؛ رغم تدربي كثيراً على هذا الموقف أمام المرآة مراراً وتكراراً.. التصقت بالحائط وأمسكت بحقيبتي بكلتا يدي، وغطيت بها ما يمكن أن يفضحني.... ولم تكن نظرة الطلاب تختلف كثيراً عني... لمست بعض الخوف في عيونهم وهذا ما طمأنني قليلاً، اقترب أحدهم وسأل:
- من أين أنت.. آسف إنتي.. أتتحدث العربية.. أنتِ ولد أم بنت؟
وجاء آخر، وبحذر شديد لمس كتفي، وللحظات تخيل أنه سيصاب بمس كهربائي.. ثم أتاني كبيرهم وزعيمهم على ما يبدو وغسلني ببحر عينيه وقال: ما شاء الله، كل الحلاوة دي عندنا؟ يا مرحبا يا مرحبا.. اسمك يا حلوه؟
أنقذني أحد الأساتذة وفرق الطلاب عني قائلاً: إلى الفصل منك له.. وأنت يا عين أمك تعال معي.. وبحكم عزلتي الطويلة وشكلي أدركت خطأ وجودي بين الطلاب من جديد، ولكنها المحاولة، وحسب المثل الانجليزي " Don’t say you cant but try" مضيت خلف الأستاذ حتى غرفة المشرف الاجتماعي الذي أطال في تنبيهي لتفادي الاختلاط بالطلاب حتى لا يضايقوني.
الحب الأول أبريلـي...
في الصف أصبحت الفاكهة التي يتصبحون بها.. ومحط التعليقات التي تسليهم وتجرحني:
- قشطة يا نداء.. ثم يمد يده ليتحسس صدري غامزاً بعينيه..
- صباحك أنس يا أبيض.. ثم يلمس مؤخرتي!
- جميل جمال، مالوش مثال، ولا في الخيال، زي الغزال.
وكانت الطامة الكبرى في زميلي سعفان، الهائم الحيران، عندليب المدرسة، صاحب القامة الرشيقة، والصوت الشجي، الذي - لسوء حظه - وقع في غرامي، وأصبح كل يوم يكتب لي أغنية لحليم على ورق وردي اللون، مشحونٍ بعواطفه الملتهبة، معتقداً أنني فتاة أحلامه التي وجدها في مكان لم يكن يتخيل أن يلتقيها فيه: المدرسة الثانوية للبنين.
لم يجد سعفان أية استجابة مني، وكنت كثيراً ما أتهرب من نظراته الوالهة. وكان كلما رآني يضع كتبه أرضاً، ويبدأ في استعراض عضلاته أمامي، صارخاً حتى يسمعه بقية الطلاب "ندائي" اسمع دي، ويبدأ يغني بصوته الحنون الدافئ "القلب اللي بسهمك مجروح.. فين يهرب من حبك ويروح" ثم يتنهد وينصرف مكسوراً عندما يراني قد انشغلت عنه في الحديث مع زميل آخر!
كان هناك الكثير من الطلاب والأساتذة الذين ظنوني صيداً سهلاً لإرضاء نزواتهم الشاذة، وقد ساعدهم في ذلك جاذبية ملامحي، والصفات الجمالية التي اكتسبتها من أمي الأرمنية، مع خجلي الواضح واحمرار وجهي كلما عاكسني أحدهم.
كنت أضحك منهم، وأحب طريقة مغازلتهم لي باللهجة المصرية التي أعشقها وأحب جرسها الموسيقي، والتي تكاد تكون لغة في حد ذاتها؛ لسهولة نطقها وطغيانها الإعلامي. "تقول أختي سحر: بأن اللغات مثل الكائنات الحية، منها ما تعشق الاستماع لجرسها حتى لو لم تفهمها، ومنها ما لا يطربك جرسها، ولا يشجيك"!
تعودت مع الأيام على سخافاتهم وسطحيتهم.. وبمرور الأيام تجاوزت محنة الاختلاط، واستطعت إثبات قدرتي على مواجهة الطلاب، حتى أصابهم الملل أخيراً من الأسئلة التي لم يجدوا إجابات عنها فقرر بعضهم التعامل معي على أني بنت، وآخرون تعاملوا معي على أني خليط من ذكر وأنثى!
واكتشف الكل خفة دمي وثقافتي المتسعة التي كنت أتباهي بها حتى على الأساتذة أنفسهم، فأطلقوا علي لقب "المعجزة البيضاء" وأصبحوا لطفاء ودودين في التعامل معي، بل دافع عني بعضهم ضد سفالة الآخرين.. فارتفعت أسهمي، وأصبح الكل يهب لنجدتي وحمايتي!
أطياف الجنون...
أخيراً شعرت بثقة في نفسي، وشكرت أمي لمساعدتها لي لأخوض تلك التجربة.
إن العقل والجنون متضادان، لكن حدودهما مختلطة، ولا يعرف أحد أين ينتهي العقل، وأين يبدأ الجنون!
فجأة وعلى غير انتظار تفتح القلب حروفاً من نور، وحاصرتني أطياف جنون، وطاردتني هاتفات ظنون، فعلى الرغم من رفضي لحب زميلي سعفان وجدت شعوراً مباغتاً مبهجاً وحزيناً وغضّاً - ولأول مرة - يجتاحني تجاه زميلي جهاد، عميد الراسبين في الثانوية العامة، بعضلاته المفتولة، ووجهه الوسيم لتنساب المشاعر الدافئة الخضراء، فتغطي مساحات القلب الوحيد..
هزمتني أحاسيسي المتدفقة نحوه؛ خاصة أنني لم أستطع البوح بها إذ كان يصر على اعتباري رجلاً، فينثر أمامي وأمام الآخرين أنباء مغامراته العاطفية مع ابنة الجيران وغيرها من الفتيات اللواتي وقعن صريعات لطفه ورجولته المباشرة..
وكنت كلما اشتدت وطأة مشاعري تجاهه أترك كلماتي تفيض غير عابئة بما أعاني؛ لتخط له أسطراً من وهج دمي، وأدسها دون أن يشعر بين إحدى كراساته، والغريب في الأمر انه عندما كان يعثر عل إحدى الرسائل يأتيني بها قائلاً:
- واد يا نداء: إنت بتفهم في الشعر طبعاً!
- نعم ماذا تريد؟
- ممكن تشرح لي هذه الأبيات يا احمد يا شوقي؟
- ممن هذه الرسالة؟
فيقول لا مبالياً: لست أدري.. أنا أعرف الكثيرات.. إحداهن وضعتها في كراسة الإنشاء والتعبير..
أتناول الرسالة منه وأقرأ - بصوت هامس حزين - كلماتي وروحي المنسابة عبرها..
كم تعرضت لعينيك لكي أحظى بنظرة
وتلويت.. لكي ألمس من جعدك شعرة
وتمر بي وكأني.. لست موجوداً بقربك
وكأني ما ملأت الكون أشعاراً.. بحبك
لست أدري
لماذا خلقت الحب يا ربي غشوما؟
وملأت القلب بالإحساس والوجد جحيما؟
لو مسخت القلب صخراًعاش كالصخر كريما
أصمت بعد انتهائي من القراءة، وفي عيني دمع شفيف، فأسمع صوته هادراً:
والنبي البنات دول هايفين.. فيها أيه لما تيجي وتقولي بحبك وخلاص..
لازم تعقدني بفصاحتها.. آل شعر وسخام آل.. ما له الهمس ثم اللمس المباشر.. واد يا ندوه عجبك الشعر؟
يحمر وجهي خجلاً وأهمس: بالطبع يا جاهل يا للي معندكش إحساس.. صدمني لا مبالته وهو يقول: طيب يا ناعم، مبروك عليك الجواب، بله واشرب كلامه. ثم يبدأ في سرد حكايته مع صديقته المتزوجة الحسناء فيقول وهو يضع يديه فوق قلبه: ولك يا نداء: لو شفتها لوقع الجزء الرجولي الصغير والمنغرس فيك صريع هواها..
أنتظر منه أن يسكت، ولكن من يوقف سيل الكلمات المتدفق من لسانه!
- واد يا ندوه: إنها تعلمني أشياء وأشياء.. لقد أصبحت أسير جسدها وسريرها، أنتظر عودتها من دوامها الصباحي في المدرسة.. على فكرة، هي معلمة.. أتسكع حول منزلها حتى يخرج زوجها مصطحباً ابنه البغل إلى الورشة ليأخذ درس الرياضيات هناك من معلمنا الثقيل أبي صالح الطماع، الذي يدرسنا في المدرسة، وخوفاً على زوجته منه، وعنها يا ندوة.. في الغياب تذوب الأجساد، فأسرع لأجدها ساخنة كفطيرة تنتظر آكلها على مهل، تعبث بروحي فأغيب متمنياً ألا أخرج منها أبداً، وما تزال تستحث كل جزء في جسدي فتهلكني، حتى إذا نال منا التعب تهرع إلى بكأس بارد من الويسكي لأنتشي مرة أخرى، وأعود إليها من جديد..
وفجأة يضحك كالمجنون ويقول: حنا صانع التوابيت الغبي الذي لا يشبعها أبداً يخشي عليها من معلم المدرسة هههههههه..
تصدمني كلماته وأسأله بلهفة: ما اسمها ياجهاد؟
فيرد غير مبال: عبلة ياجميل.
جاء قراري الصعب بالصمت والتستر على ما سمعت من جهاد، بعد صدمتي المذهلة في صديقة أمي، وبدأت في قرارة نفسي أختلق المبرر تلو الآخر لها..
التعليقات (0)