لبنان و آليات الخروج من المأزق
البشير عبيد
حدث ما توقعته عدة أوساط سياسية و إعلامية ,في لبنان وخارجه ، مصادمات وإقتتال بين أجنحة مسلحة على خلفية ما تشهده لانتفاضة السورية المطالبة برحيل "الأسد ".و ليس خافيا على أحد أن الأوضاع في سوريا, تاريخا , لها تأثيرها المباشر على أوضاعي لبنان بحكم الموقع الجغرافي والتقارب الكبير في مسألة التعدد الديني والطائفي .إنا الأحداث التي شهدتها مدينة طرابلس ذات الأغلبية السنية, تنذر بالخطر الكبير,بل تعطي الدليل القاطع على هشاشة التوافق المعلن عنه منذ إتفاق الطائف بين جميع الفصائل والطيارات الدنية و الحركات السياسية , شعية وسنية وعروبية وعلمانية.إن الأوضاع الأمنية قابلة للإنفجار في كل لحظة حين تتوفر لها أسباب إشعال الحريق , حتى وإن كان السبب المباشر متأت من خارج البلد .معروف ومعلوم لدى كل النخب السياسية وإعلامية من كل التعبيرات و الأطياف أن النظام السوري ,له أنصار داخل لبنان , كما له معارضون منذ عقود ,وقد تظاهر آلاف من كلا الطرفين لمساندة الانتفاضة الباسمة ,أو مؤيدة لعمليات القمع التي ينتهجها النظام, لكن أن يصل الخلاف بين الطرفين إلى درجة مسك السلاح والإقتتال وسط شوارع طرابلس وأزقتها ,فهذا يعني بالضرورة مثل دس عود ثقاب أورمي جمرة حارقة في دهليز كبير من القش.واللافتة في هذا المسألة أن عديد الملاحظين , من الوطن العربي و خارجه , أكدوا منذ إندلاع الإنتفاضة السورية ,أن النظام "الأسد" , ليس له من خيار سوى تصدير الفوضى وإرباك المشهد السياسي اللبناني وتشويه المسارالسلمي لفعاليات المقاومة التي تتنامى يوما بعد يوم , وهذا ليس بالجديد عن النظام السوري الذي أكد منذ عقود أنه يتقن بحنكة عالية فنون الإجرام والإغتيالات .إن الإحتقان الأخيرالذي شهده لبنان بين النظام السوري الاستبدادي ومعارضيه, يؤكد بكل وضوح النزعة الإجرامية و الإرهابية لهذا النظام الذي لا يزال إلى الآن يمعن في التقتيل والترويع من أجل الإستفراد بالسلطة على حساب إرادة الشعب الذي أبهرالعالم بصموده الأسطوري, رغم ما يحاكى ضده تحت الطاولة. و في ما يخص الشأن الداخلي اللبناني , بكل ما يكتنفه من تجاذبات و صراعات ,فلا نرى سبيلا للخروج من المأزق سوى الإحتكام لصوت العقل,و وضع مصلحة البلد فوق كل المصالح و الأجندات الحزبية , لأن لبنان الذي عان الويلات من الحرب الأهلية و حصار بيروت و حرب تموز, أن يضطلع بدور مهم و مركزي على المستوى العربي , و ذلك بإعطاء دروسا كبرى في التوافق بين الطوائف الدينية الإسلامية والمسحية والتيارات السياسية بكل أطيافها و مراجعها الفكرية .إن لبنان الصغير جغرافيا و الكبير بنخبه و إعلامه الحرو تاريخه الحافل والزاخر بالمقاومة وتأسيس نظام سياسي مدافع بلا هوادة عن الحقوق والحريات لجميع مكونات المجتمع , أمامه حل وحيد للخروج من مأزق الإقتتال هو التماسك الداخلي و الإنصات الجيد لآليات العقل والمنطق في الصراعات السياسية ...
البشير عبيد
تونس 23/05/2012
التعليقات (0)