جاء في الأخبار أن " السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي ، وجه الدعوات باسم السفارة إلى جميع المرجعيات السياسية والروحية والوزراء والنواب الحاليين والسابقين وقيادات الأحزاب الوطنية والإسلامية وبعض الفعاليات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية " ، لحضور حفل استقبال بمناسبة الذكرى الرابعة والستين لجلاء القوات الفرنسية عن سوريا (عيد الجلاء) وذلك يوم الاثنين 19 نيسان 2010 الساعة السابعة مساء في بيال ..
هذا الحدث البارز، تميّز من خلال نوعية الحضور الذي غصّت به القاعة، وتنوع انتماءاته السياسية ، حيث حضرت جميع الكتل النيابية بدءا من رئيس مجلس النواب نبيه بري على رأس وفد من كتلته ، مرورًا بممثل رئيس الجمهورية ، وممثل رئيس الحكومة ، وصولا إلى كتلة الوفاء للمقاومة برئاسة النائب محمد رعد ، وكتلة المستقبل النيابية التي ضم وفدها النواب : أحمد فتفت ، عمار حوري ، محمد الحجار، محمد قباني ، عاصم عراجي وبدر ونّوس ، ووفد كتلة حزب الكتائب الذي ضمّ النائبين : سامر سعادة وفادي الهبر ، ونائب رئيس الحزب شاكر عون ، ووفد حزب القوات اللبنانية ممثلا بكل من : النائب جورج عدوان ووزير العدل إبراهيم نجار.
إلا أن الدلالة اللافتة والعلامة الفارقة في هذا الحفل كانت بكثافة مشاركة ما تبقى من قوى 14 آذار في هذا المهرجان السياسي ، حيث بدا " الحجُّ " جليًا وواضحًا تجاه سوريا ، ما يبشّر بأن طريق الشام ستشهد زحمة وفود باتجاه العاصمة السورية دمشق ، خصوصا في ظل مشاركة لافتة لوفود حزب الكتائب وحزب القوات اللبنانية ..
ونـُقل عن أحد نواب التيار الوطني الحر قوله تعليقا على مشاركة نواب من 14 آذار : عم يعملوا " روداج " قبل الصعود إلى دمشق...!.
سأكتفي من الاحتفال بما تناقلته جميع النشرات الإخبارية اللبنانية والعربية والعالمية ، وجميع الصحف ووكالات الأنباء ، والمواقع الإليكترونية أيضا ..
لأقول :
ـ أتمنى أن يكون بعض اللبنانيين قد أدركوا أنّ علاقتهم بأمريكا ، ليست ـ في المنظار الأمريكي ـ سوى علاقة العميل بسيده ، وأن انخراط بعضهم في المشروع الصهيو ـ أمريكي لا يخدم سوى أعدائنا ..
ـ أتمنى أن يكون بعض اللبنانيين قد وعوا أنهم ـ بالنسبة لأمريكا ـ لا يمكن أن يكونوا أهم من الصهاينة ، وبالتالي هم ليسوا أكثر من حطب ، تشعله وتحرقه أمريكا في الوقت الذي تتطلبه المصالح الصهيونية ..
ـ أتمنى أن يكون بعض اللبنانيين قد فهموا أن سوريا لا يمكن أن تنظر إليهم إلا كأشقاء ، بمقدار ما يكونون سائرين معها في الاتجاه الصحيح نحو عدو واحد ومشترك ..
ـ أتمنى أن يكون بعض اللبنانيين قد عرفوا الفرق بين علاقتهم بالشقيقة سوريا ، وعلاقتهم بالخصوم والأعداء ..
ـ فسوريا ، تعيش بدونهم عزيزة كريمة ، ولا يستطيعون العيش بدونها ، وهم يعرفون ذلك جيدا ..
ـ وسوريا ، قدمت على أرضهم ، ومن أجلهم ، عشرات آلاف الشهداء ، فيما كانوا يفعلون بأنفسهم ـ مع الأسف ـ ما لا يفعله العدو بعدوه ..
ـ وسوريا قدّمتهم وفضّلتهم على مواطنيها في مائها وخبزها .. في كهربائها ومحروقاتها ، فيما كانوا يوقظون بعضهم بصواريخ الآر بي جي ..
ـ وسوريا احتضنت مئات ألوفهم على أراضيها وفي مدنها وقراها ومزارعها ، ومدارسها ومعاهدها وجامعاتها ومستشفياتها ، حين ضاقت لبنان بهم بفعل اقتتالهم وتناحرهم ..
ـ وسوريا تحمّلتْ قسوة الحصار والعداوة والصدّ من القريب قبل الغريب ، من أجلهم ، حين استنجدوا بقواتها لوقف حربهم الطاحنة ..
ـ وسوريا حافظتْ لهم على كيانهم وهويتهم وعروبتهم ووحدتهم ووحدة أراضيهم ، بدماء شهدائها التي روّت لبنان ، كلَّ لبنان ..
ـ وسوريا تعالت فوق جراحاتها حين كانت قذائف بعض اللبنانيين تستهدف قواتِها العاملة فوق أراضيهم ومن أجلهم أيضا ، ووقفت على مسافة واحدة من جميع طوائفهم وأحزابهم ومناطقهم ـ ما مكنوها من ذلك ـ بينما كان هذا متعذرا بين طوائفهم وأحزابهم واتجاهاتهم وانتماءاتهم وارتباطاتهم ومصالحهم ..
ـ وسوريا قدمت لهم كل شيء في دعم مقاومتهم وصمودهم لإسقاط اتفاق الإذعان ( اتفاقية 17/أيار/1983) الذي قال فيه القائد الخالد حافظ الأسد ( هذا الاتفاق وُلِدَ ميْتًا ) .. وحتى تحررت بيروتهم عام 1983 من غزوة وعدوان شارون الذي احتلها عام 1982 ..
واستمرت في ذلك الدعم حتى تحرر معظم الجنوب اللبناني واندحر الصهاينة منه في أيار/ 2000 ..
صحيح أن سوريا تفعل ذلك كجزء من واجبها القومي تجاه أشقائها في الدم والحرية والمصير ، لكن يتوجب على الأخ أيضا أن يقدر لأخيه هذا الصنيع ، وألا يجحده حقه ، وألا يكون حربة في ظهره ، أو مقرًا أو ممرًا لاستهدافه من العدو ، أو العدوان عليه أو التآمر ضده .. وإلا .. يفقد الصنيعُ والواجبُ القومي مقومات القيام به ، ويصير فعلا عبثيا ، كالحرث في البحر ..
هذه سوريا .. تجمع ولا تفرّق .. جمعت اللبنانيين جميعهم تحت سقف السفارة ، وتحت العلم السوري ..
هذه سوريا .. لم تفرق بين حليف وخصم في لبنان الشقيق .. فهي مع الحليف حتى النصر أو النصر ، وهي مع الخصم لمساعدته على النهوض من تعثره ، فإذا مدّ يده طالبا العون ، وجد مكانه الطبيعي في أحضانها ، شريطة وضوح الرؤيا ، وسلامة القصد والمَقصد ..
ففي السياسة ـ بشكل عام ـ لا توجد خصومة أبدية ، ولا تحالف أبدي .. فكيف إذا تعلق الأمر بفسيفساء لبنان ؟؟!!
وشكراااااا
الجمعة – 24/نيسان/2010
التعليقات (0)