لبنان شاغر المنصب

لبنان شاغر المنصب  

للمرة 21 يفشل مجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس للجمهورية , أزمة شغور المنصب الرئاسي ترجع لجملة أسباب من أهمها عدم اكتمال النصاب القانوني نظراً للانقسام السياسي الحاد الذي يعصف بلبنان منذ عدة سنوات .

·         عام مضى والبرلمان اللبناني " مجلس النواب " يحاول عقد جلسة لانتخاب رئيس لبلد يعاني من التدخلات الإقليمية وتعدد الولاءات السياسية المقنعة , النصاب القانوني يتطلب حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب " 86من 128" لكن ذلك لم يتحقق ,  مجلس النواب يتكون من مجموعتين أساسيتين هما قوى 14 آذار, قوى 14 آذار مدعومة سياسياً ومالياً من دول أوروبية ومن السعودية "راعية اتفاق الطائف 1989م" أبرز شخصيات تلك القوة السياسية " 14آذار" سعد الحريري وسمير جعجع , تشكل تحالف 14 آذار من أحزاب وشخصيات ثارت على الوجود السياسي والعسكري السوري بلبنان بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري ثورة المطالبة بإنهاء الوجود السوري السياسي والعسكري أو ثورة الأرز كما تٌسمى لقيت الدعم السياسي الخارجي إقليمياً ودولياً فتحالف 14 آذار طالب بإنشاء محكمة لمحاكمة قتلة الحريري وإعادة بناء لبنان على أسس وقواعد سياسية ومؤسساتية تنهض بلبنان سياسياً واقتصادياً بعيداً عن التجاذبات والمحاور السياسية الإقليمية , 14 آذار القوة السياسية تتكون من تيار المستقبل , حزب الكتائب , حزب القوات اللبنانية , لقاء قرنة شهوان , حزب الوطنيين الأحرار , حركة التجديد الديمقراطي , حركة اليسار الديمقراطي , الكتلة الوطنية اللبنانية ,, ثمانية أحزاب كان من بينها الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط الذي فضل الوقوف بالمنتصف بعد انتخابات 2009 وما سبقها من أحداث.

·         المجموعة السياسية الثانية بمجلس النواب اللبناني هي قوى 8آذار التي تشكلت بالتزامن مع تشكيل تحالف 14 آذار قوة تناهض التدخل الأمريكي وحلفائها بلبنان وتقدر جهود سوريا بلبنان أبان تواجدها سياسياً وعسكرياً , تتكون قوى 8 آذار من التيار الوطني الحر , حركة أمل , حزب الله , الحزب التقدمي الاشتراكي , الحزب الديمقراطي اللبناني , تيار المردة , حركة مجد "سنة" الحزب القومي الاجتماعي السوري , حزب البعث الاشتراكي العربي , حزب التضامن , كتلة كساف , التنظيم الشعبي الناصري , الحزب الديمقراطي العربي , بعض الشخصيات ,, الملفت في التحالفات السياسية اللبنانية بين أكبر كتلتين بمجلس النواب هو تنوعها وتعددها وانسجامها مع الشارع اللبناني فكلا الكتلتين تتكون من ساسة مستقلين و مسيحيين ودروز ومسلمين سنة وشيعة , تنوع وتعدد منسجم مع مكونات الشارع اللبناني , التنوع لم يحقق أي توافق ونجاح سياسي يٌذكر فالصراع بين الكتلتين صراع من أجل تنفيذ رؤى لا من أجل لبنان وتماسكه ووحدته وصموده واستقلاله الوطني والسياسي والاقتصادي !.

·         الكتلتين الكبيرتين 14 آذار و8آذار لا تملكان أغلبية فهناك كتلة صغيرة مؤثرة تتكون من شخصيات مستقلة وشخصيات وسطية , مقعد الرئيس الشاغر منذ خروج الرئيس ميشال سليمان من قصر بعبدا بعد إنتهاء ولايته الرئاسية بيد الحكومة اللبنانية فالحكومة تتولى صلاحيات الرئيس حتى انتخاب رئيس جديد , الحكومة اللبنانية جزء من المشكلة فهي حكومة مصلحة وطنية وليست حكومة وحدة وطنية , حكومة ترضي أطراف سياسية وإقليمية على حساب لبنان .

·         الكتل السياسية ليست سبباً  في شغور منصب الرئيس وليست سبباً في صراع الساسة فيما بينهم فتنوع تلك الكتل سياسياً ومذهبياً ودينياً وتعددها طبيعي خاصة في بلد كلبنان , السبب الرئيسي للصراعات وتعمق الخلاف بين الساسة هو تعدد الولاءات السياسية وهذا ما يتجلى في الدعم المالي والسياسي " المال السياسي" الذي تتلقاه تلك الكتل بين فينة وأخرى والأهداف هو تحويل لبنان لمسرح تصفية صراعات ومنطقة نفوذ وقاعدة انطلاق نحو الشرق , لبنان بحاجة لساسة حقيقيون يعملون من أجل لبنان فقط وليس من اجل أطراف إقليمية , الولاءات السياسية سبب في تعطيل القرار السياسي اللبناني وسبب رئيسي في دخول لبنان نفق الأزمات المظلم , تلك الولاءات تستند على أرضية عميقة من أهمها اتفاق الطائف 1989م واتفاق الدوحة 2008م , مشكلة لبنان تتمحور في وجود اتفاقات إقليمية ووجود دستور مستنداً على تلك الاتفاقات دستور بنفس طائفي يشرعن الصراعات وتعدد الولاءات , الكتل السياسية اللبنانية تعيش اليوم بقوة لكن في المستقبل ستتفكك لأنها توحدت بقوة الولاء الخارجي وليس بقوة القضايا الداخلية والتغيير والتحديث .

  بقاء لبنان أسيراً للصراعات الأقليمية وتعدد الولاءات السياسية للكتل والأفراد  يٌنذر بعودة الحرب الأهلية من جديد ويٌنذر ببداية فصل صراعات دموي كبير وكارثي فالمليشيات الحزبية المسلحة بلبنان  تتوالد بشكل يومي والسلاح  والسياسة بينهما تزاوج شرعي وغير شرعي والضحية لبنان الأرض والإنسان   ؟.  

.