لبنان توافق الخلافات
لبنان التوافقي يعيش حالة من الإختلاف السياسي فالفرقاء مختلفون فيما بينهم والشارع اللبناني يدفع ثمن صراعات الفرقاء من حياته , فقد اعتاد اللبناني على التكيف مع الظروف المحيطة به فكل شيء من حولة مقلوب حتى طاولة الحوار الوطني مقلوبة فهي تحتضن الفرقاء نهاراً ليواصلوا الإختلاف والشتم ليلاً وتلك مفارقة عجيبة في بلد الحرية والإنفتاح ..
ملفات لبنان كثيرة ملف إغتيال الحريري وتخندق بعض القوى بخندق الرفض والممانعة , وملف سلاح حزب الله وتخندق البعض بخندق غض الطرف عن قرارات تشرعن نزع سلاحه وتعزيز سلطة الدولة , وملف الحوار وغياب الياته الحكيمة والمرشدة , وملف تشكيل الحكومة على اساس وطني لا على أساس المحاصصة والمقاسمة والمغالبة في كثير من الأحيان , وملف الفتنة الطائفية والمذهبية التي تطل برأسها بين فينة وأخرى على الساحة اللبنانية , كل تلك الملفات تنعكس بالسلب على الداخل اللبناني فالوضع الإقتصادي متردي والنسيج الإجتماعي بدأ يتمزق جراء ضغوط السياسة والإقتصاد , والواقع الأمني يتأرجح يمنه ويسره وأصبحت لبنان تشكل بمشاكلها عبء على دول راعية كفرنسا والسعودية وإيران الدخيلة على الساحة , ولعل العبء الاكبر يقع على السعودية بصفتها الأم الكبرى وراعية إتفاق الطائف فضلاً عن مكانتها الدينية بقلوب أبناء الطائفة السنية الذين يشكلون الجزء الأهم من نسيج المجتمع اللبناني المتعدد , تحول لبنان من بلد للثقافة والسياحة إلى بلد ممتليء بالمشاكل وساحة للصراعات السياسية , وسبب ذلك التحول عوامل كثيرة لعل من أهمها إعتماد التوافق كألية تعامل سياسي مع الأحزاب والطوائف , فالتوافق لا يمكنه أن يتحقق في بيئة ممتلئة بالمشكلات وخالقة للأزمات كالبيئة اللبنانية فسلاح حزب الله يشكل ازمة ولغة الطائفية أزمة والخروقات الإسرائيلية أزمة وصراعات السياسيين اللفظية والواقعية أزمة والحل ليس بالتوافق المتمترس خلف المحاصصة السياسية بل بالديموقراطية الحقيقية التي تقوم على المشاركة لا المغالبة المتقيدة بالوطنية والكفاءة فقط , فالمحاصصة الطائفية وتوزيع الحقائب الوزارية على أساس طائفي يجلب المزيد من المشاكل للمجتمع الذي أصبح يمارس السياسية مكرهاً فالمجتمع أصبح يناصر الطائفة مكرهاً لأن واقع الحياة السياسية بلبنان يدعوه لذلك ويجبره , التوافق الية ديموقراطية بحاجة لعقلاء وليست بحاجة لزعماء شاخوا في الزعامة ووصلوا لنقطة الاعودة ؟
لبنان حتى هذه اللحظة يعيش بكنف حكومة تصريف أعمال وتمام سلام رئيس الوزراء المكلف يحاول منذ عدة اشهر تشيكل حكومة توافقيه ولم يستطع , فالمقايضات السياسية تنجح نهاراً وتفشل مع حلول الظلام , والتحالفات السياسية لا تصمد لساعات فكيف يستطيع رئيس الوزراء تأليف حكومة تعمل من أجل لبنان الكبير وليس لأجل طائفة أو طبقة .
المجتمع اللبناني دفع ثمن الصراعات السياسية من دمه وقوت يومه فحرب الستة عشر عام الأهلية لا يتمنى الشارع اللبناني عودتها , فالنسيج الإحتماعي اللبناني متعدد متنوع لا يفرقه الواقع السياسي والتردي الإقتصادي الذي يعصف بالبلاد ولا ينال من تنوعه إستمرار أزمة سوريا الشعبية الإنسانية لكن إذا أستمرالسياسيون في صراعهم السياسي وتخندقوا بخندق المغالبة لا المشاركة والتوافق ورفضوا الحوار رفض عملي بمعنى عدم الالتزام بجلساته وبمقرراته ولم يحيدوا الشارع ويبعدوه عن الصراعات السياسية فإن لبنان سيكون على شفير الحرب الأهلية الكارثية فالواقع اللبناني ينذر بقرب حدوث فتنة داخلية كبيرة تحرق ما تبقى من سلام وأمن وتعايش بقلوب اللبنانيين .
اللبناني البسيط ينتظر سياسي ينقذ البلد , يحقق المتطلبات الحياتية والمعيشية فهل يدرك السياسي تلك الحقيقة التي غابت وتاهت بزحمة الخنادق والملفات المختلفة ...
التعليقات (0)