لبنان من نفق الى نفق ,واذا لاح ضوء في نهاية ,فان الوهم يضئ و ينهي.
وهكذا يعتذر الحريري عن تشكيل الحكومة, بعد ما راج في العلن ان
صيغة التعاقد قاعدة لاغنى عنها: صيغة 15- 10 -5
وهي صيغة تضمن التوافق الذي ييسر لحكومة الوحدة الوطنية سبيل الشراكة
الحقيقية.
اسباب التعثر تنسب الى اختلاف حول الحقائب و الاسماء. ليست ثمة اقتراحات,
هناك شروط .ولكل طرف عند الانفضاض حده الادنى, و لكل طرف سقفه المناسب.
ويبدا التوتر من جديد ,ترتفع نبرة الحريري وايحاؤه ان للاكثرية كفايتها; او انه زاهد
في الامر كله!
وترد المعارضة بغضب محدد بدرجة مقصودةعلى انها عند شروطها. و يتافف نبيه بري من دور الحريص على التوازنة مشيرا الى اعباء هذا الدور. ويميل وليد جنبلاط
يسارا مشيرا الى الخطر الاصولي; وكانه موقن بان دعوى القاعدة باطلاق الصواريخ امر مؤكد.
فيما ميشيل عون يرفض التنازل عن الحقيبة المخصوصة.
و هكذا يتواصل الساسة في لبنان بعيدا عن نتائج الانتخابات التي حددت الاكثرية و الاقلية ,بمعنى
انها حددت من بحكم و من يعارض.
لكن واقع الحال ,يؤكد ان هناك معطيات اخرى تجعلنا نبحث عن الاكثرية, بعيدا عن الانتخابات
ثمة خريطة اخرى بالوان مختلفة, تؤؤل الى البنية الطائفية;هذه البنية تفرض شروطها على صناع
القرار اللبناني. لكن من حول التنوع الطائفي الى قيود ينشا عنها الاحتراب ,او التهديد بالاحتراب,
او الخوف من الاحتراب? من حرم لبنان من امكانية انجاز التكامل وذلك بتنظيم الاختلاف ليحقق الوحدة الاختيارية??قبل الجواب, لابد من الاشارة بان المتضررين من اي احتراب, وبعيدا عن اي اصطفاف, هم الاغلبية المحرومة
من كل صيغ المشاركة في صناعة القرار; سواء بالصفة المنشودة : شركاء في الوطن ا وبصفتهم الطائفية.
ان القاهر و المقهور. لايمكن ان يجمعهم انتماء واحد. فاذا جمعهم .فان القهر مضاعف . ولازالت الزعامات
اسيرة الدورين :دور الكفيل في الداخل و دور الوكيل في الخارج ;اذ من الصعب الانفكاك من اكراهات
المحبط الاقليمي المضطرب. فما يحدث الان في لبنان من ا لاعتياديات اللبنانية .و اعتذار الحريري
دليل على ان الملف اللبناني لم يطرح على طاولة يجلس على طرفيهاالرئيس السوري والملك السعودي:
حيث يتحدد المطلب السعودي في الحد من النفوذ الايراني, والاقدام علىما ينفي قيام محور سوري ايراني.
والمطلب السوري: تخفيف الضغوط الغربية ;او على الاقل ما يبدو حدا ادنى من التضامن مع سوريا;
على ان يقوم زعيم الاغلبية اللبنانية بزيارة الى دمشق باعتبارها طرفا لا يمكن تجاوزه.
وقد كان رفيق الحريري ذا المام باطراف المعادلة ,المعلوم منها, و المجهول .ومن هنا يبقى مقتل الحريري غامضا. و لا اظن ان المحكمة الدولية قد تتوصل الى التفاصيل الحقيقية ;الامر يحتاج الى ارجاءات
شتى. وقد يتغير اتجاه المصالح, بعد طول ارجاء. ويبقى اللغز لغزا ,لان اثر القاتل قد يصطنع. و ليس القاتل فردا واحدا; و لا يمكن ان يطرح سؤال من المستفيد من الاغتيال. وليس من السهل ان يشطر لبنان
شطرين; لنهتدي الى الحقيقة .لكن تبقى اسرائيل حاضرة كتهديد لاستقرار لبنان, و المنطقة. وتستفيد من ثغرة التخاذل العربي, و التحديد السلبي للتوازن الاستراتيجي: اذ حصر المقاومة في الجنوب يربطها
بالنفوذ الايراني, مما يجعل الوقائع الميدانية تلتبس بالاوراق التفاوضية .كما ان ارتباط حزب الله بالمصالح الايرانية ,افقد الحزب تعاطف جزء لا يستهان به من الشارع العربي; و خاصة بعد احتلال
العراق .و يبقى لبنان جزءا من محيطه: انتكاسات ,و اخفاقات; و احباطات, و ضحية لحسابات حسيرة ;و مصالح تستقوي بالتبعية لا بالسيادة .و يبقى لبنان بعيدا عن ارزه .لبنان الذي نبغ قبل محيطه
في عهد التطلع النهضوي. لبنان ابو الابجدية .و المبدع فعلا, و رمز,ا و خيالا. لبنان الذي كرم الكتابة ,و ساهم بنوه في التنوير, و خاصة في المهجر. و لم يمنعهم شظف ,او ترف .لبنان بعيد عن لبنان.
التعليقات (0)