لبنان أسير العرقنة حتى زوال الأسد
فلْيحترق لبنان، إيران أولاً. فلْتشتعل المنطقة، ولاية الفقيه أولاً. فلْيُقتل الأبرياء أيًا تكن طائفتهم، الهلال الصهيو-إيراني أولاً. فلْتسل أنهار الدماء، المشروع الفارسي أولاً. فلْتُفتح أبواب الفتنة، مشروع الشرق الأوسط الجديد أولاً. فلتُبَد الشعوب، الأسد رجل إسرائيل وإيران أولاً. إنها باختصار خلاصة الاستراتيجية الفتنوية التي يسير عليها "حزب الإرهاب المنظّم" في لبنان والمنطقة من يوم تأسيسه.
23/8/2013، يوم أسود جديد يُضيف نفسه عنوة ويفرض وجوده قهرًا على رزنامة لبنان الحزينة المثقلة بحروب الآخَرين والملطخة بدماء الأبرياء. يد الإرهاب اختارت أن تضرب هذه المرة طرابلس، مدينة الثقل السنّي الأولى في لبنان، وحاضنة الثورة السورية المجيدة، والعصيّة على الخضوع لسيطرة النظام الأسدي المحسوب زورًا الى الإنسانية ولحلفائه الإرهابيين من حَمَلَة الهوية اللبنانية.
تفجيران إرهابيان بواسطة سيارتين مفخّختين أمام مسجدين سنّيَين يغصان بآلاف المصلين يوم الجمعة، ذاك كان المشهد الدموي العراقي بامتياز الذي شوّه الفيحاء حاصدًا 45 شهيدًا و500 جريح، وذلك في محصّلة أوليّة، لكنها كافية لتفوق حصيلة أي تفجير دموي مماثل منذ انتهاء الحرب في لبنان.
إشعال الفتنة السنية-الشيعية كان هدف المخطط الإرهابي للتفجيرين، وهو ما أجمع على ذكره الكلّ لأي طائفة أو حزب انتمَوا، وسواء كان إقرار بعضهم عن قناعة أو عن دراية أو عن تمويه، فالتفجيران اللذان استهدافا الثقل السني تليا تفجيرَين ضربا الثقل الشيعي الذي يقع تحت قبضة "الحزب الإيراني"؛ غير أن تقاطع الآراء حول هدف هذه التفجيرات قابله تباين واختلاف حول هوية الجهة المستفيدة أو المسؤولة عن مخطط إحراق لبنان، وكان أوّل من قطَع -عن غباء أو دهاء- بهويّة المرتكبين وأعطاهم الغطاء التمويهي والذريعة لتنفيذ جريمتهم الأمين العام لحزب السلاح، الذي حذّر في خطابه الأخير من تكفيريين عملاء لإسرائيل سيفجرون المساجد والحسينيات والكنائس.
بقراءة متأنية للمشهد السياسي في لبنان والمنطقة، يمكننا حصر من يُحتمل أن يكون وراء إشعال الفتنة بأربع جهات:
أولاً، ثمة إسرائيل، العدو الصهيوني الذي لا خلاف على إرهابه ودهائه في إشعال الفتن؛ غير أن احتمال وقوفه وراء المشهد الدموي الحالي في لبنان ضئيل جدًا، لأن مِن شأن أي فتنة طائفية أن تضعف "حزب الإرهاب المنظم" الذي يضبط الحدود في الجنوب اللبناني ويحرسها من جهة، ويقدِّم من جهة ثانية الخدمات الجليلة لإسرائيل بقتاله الى جانب النظام الأسدي الذي لا يزال الخيار الوحيد الذي لا بديل عنه حتى الآن بالنسبة لإسرائيل.
ثانيًا، "حزب الإرهاب المنظم"، وهذا احتمال وارد غير أن نسبة ترجيحه متوقفة على قراءة الحزب للمجريات الميدانية العسكرية في سوريا؛ فإذا كان لا يزال متوهمًا أن باستطاعته إنقاذ النظام الأسدي من العدالة الإلهية ومن ثورة شعبه، وبالتالي حماية الهلال الصهيو-إيراني من الإنكسار والانهيار، ففي هذه الحالة تورطه في تلك التفجيرات مستبعد، لأنه لا يزال حاكمًا للبنان ومتحكّمًا بجميع مفاصله، وبإحراقه البلد يهدّد استقرار حُكمه ويكون قد أجبر نفسه على الانسحاب من مستنقع الدماء السوري لحماية بيئته في الداخل.
أما في حال تيقُّن الحزب أن الأسد بات يلفظ أنفاسه الأخيرة وأن الثورة ماضية الى نصر أكيد، وأن جهوده الإرهابية في إبقائه على كرسي العمالة والإرهاب فاشلة لا محالة، ففي هذه الحالة يصبح للحزب في إحراق لبنان مصلحة، ألا وهي جرّ معارضيه تحت وطأة الدماء ورائحة الجثث المتفحمة أيًا تكن طائفتها نحو مؤتمر تأسيسي يفرض فيه شروطه كتعويض رمزي عن خسارته "بشار الأسد" وانهيار الامبراطورية الفارسية اللذَين لا يقدّران بثمن.
ثالثًا، النظام الأسدي المتهاوي، واحتمال وقوفه وراء إشعال الفتنة في لبنان قوي جدًا، فهو يريد تصدير أزمته الى الدول المحيطة به لإثبات جدارته بمهمة العمالة الأولى في المنطقة وبالتالي دفع المجتمع الدولي الصهيو-أميركي الى مزيد من التمسك ببقائه، وسبق له أن توعّد بحرق المنطقة إذا مُس نظامه، كما أنه يريد اليوم إثارة الغبار الكثيف لتعمية الأنظار وحرفها عن إبادته "الغوطة" بالأسلحة الكيميائية. أضف الى ذلك-وهو الأهم- أن هذا النظام اختلفت حساباته منذ اشتعال الثورة السورية مع حسابات الحزب الإيراني لبنانيًا وإن اتفقت تمامًا سوريًا، فالحزب لا يريد للسلطة أن تفلت من قبضته بفتن وحوادث أمنية تهدد استقرار الدولة التي يخطفها، الأمر الذي دفع الأسد الى تشكيل خلية "سماحة-مملوك" وأخواتها لتنفيذ مخططه، وإلا لكان استعاض بقدرات الحزب الإيراني عن المخاطرة في تكليف "ميشال سماحة" بمهام إرهابية أمنية ونقل متفجرات من سوريا، ذلك أن المتفجرات والأموال والعناصر الحاضرة للتنفيذ موجودة لدى حليفه الإيراني في لبنان بوفرة.
رابعًا، جماعات متعاطفة مع مأساة الشعب السوري، أيًا تكن جنسيتها أو تصنيفها السياسي أو العقائدي، غير أن احتمال مسؤوليتها عن التفجيرات كلها غير منطقي، لأنها لا تريد الفتنة المضرة بالثورة إنما الانتقام لشهدائها، وبالتالي لن تضرب الثقل السني الحاضن للثورة السورية، أما احتمال مسؤوليتها عن تفجيرَي الضاحية فلا يمكن استبعاده، خصوصًا أن الحزب بتورّطه وخوضه في دماء الشعب السوري شرّع أبواب بيئته الحاضنة على أية عمليات انتقامية ردًا على إرهابه في سوريا.
وإذا عرفنا الجهات الثلاث الأكثر رجاحة في الوقوف خلف مخطط إشعال لبنان، توضح أمامنا توقيت خروج لبنان من نفقه المظلم.
فإذا كان "حزب السلاح" هو المسؤول، فيكون التفجيران قد أتيا كترجمة فورية لخطاب سيّد السلاح الأخير الذي أعلن فيه لبنان عراقًا ثانيًا، وبالتالي سيبقى لبنان بقرار إيراني عالقًا في نفقه المظلم الى حين رضوخ الجميع لشروط الحزب في مؤتمر تأسيسي.
وإذا كان النظام الأسدي هو المسؤول، فيكون التفجيران وما سبقهما قد أتوا كترجمة متأخرة لمخطط "سماحة-مملوك"، وبالتالي لبنان باق في نفقه المظلم الى حين انتصار الثورة وسقوط ذلك النظام المجرم، وربما الى ما بعد سقوطه بفترة قليلة.
أما لو كان المسؤول جماعات متعاطفة مع الثورة السورية، فلبنان باق في نفقه المظلم الى حين سحب الحزب جحافله الإرهابية من سوريا على أقل تقدير.
وعلى جميع الأحوال، لا خروج للبنان من نفقه المظلم قبل سحب الحزب إرهابييه من سوريا، ولا قبل زوال النظام المجرم.
عبدو شامي
24/8/2013
التعليقات (1)
1 - انتم سبب بلاء لبنان يا واطي
لبناني شيعي - 2013-08-24 22:54:17
لبنان لن يستقيم طالما انتم موجودون فيه يا حثالة البشر يا زبالة