الأميرات بالمغرب يلفتن الأنظار ككل أميرات العالم من خلال هندامهن وطريقة لباسهن و"لوكهن" أيضا.
وإذا كان الزي المغربي يعكس الشخصية المغربية التي مازالت محكومة بأصالتها، فلكلّ قطعة من هذا الزي اسم أو نعت أو أسلوب في الاستعمال وطريقة في الإعداد، من "فصالة" وخياطة، وتزيين. ورغم أن أوروبا على مرمى البصر من أقصى شمال المغرب، فإن المغربيات بقين يحتفظن بأسلوبهن الخاص، موازاة مع التأثر بالطريقة الأوروبية في الزي والهندام، وعلى رأسهن زوجة الملك، والأميرات شقيقاته اللواتي يخترن لباسهن العصري من أكبر دور الموضة العالمية وأشهرها، غير أنهن يحرصن على ارتداء اللباس التقليدي، بأشكال فريدة لا يمكن نسخ مثيلاتها، مما يؤجج تهافت النساء على تتبع ظهورهن.
ولا يقتصر فضول المغربيات على الاهتمام بزي الأميرات، وإنما يتعداه إلى كل ما يرافقه من "أكسسوارات" وحقائب اليد والأحذية، وتسريحة الشعر.
لقد أضحى "لوك" الأميرات وهندامهن عنوانا وعلامة على الأناقة والذوق الرفيع في عيون النساء والفتيات، فهل لأزياء الأميرات العصرية والتقليدية أسرار وخبايا؟ هل هي فريدة لا مثيل لها؟ وكيف تُهيأ؟ ومن يعدها؟ ولماذا لا تظهر الأميرات بنفس الزي مرتين؟ وهل يتطور "اللوك" الذي تظهر به باستمرار وكيف؟ وقبل هذا وذاك، كيف تدبّر أمور لباس الأميرات؟
الأزياء الأميرية
تستهوي أزياء الأميرات سيدات المجتمع وفتياته. ومع كل ظهور علني لإحدى الأميرات، خاصة زوجة الملك، تتطلع النساء بفضول واهتمام كبيرين إلى أزيائهن التقليدية والعصرية.
وهناك اعتقاد مازال ساريا حتى الآن، مفاده أن الأميرات لا يلبسن مثل المغربيات، إنهن لا يرتدين مثل باقي النسوة، كما أنهن لا يتزين بشكل سبق أن ظهرت به غيرهن من النساء، ولا يظهرن مرتين بنفس اللباس. إنها قاعدة تكرست بقوة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، خلافا لما كان عليه الحال في عهد والده الراحل محمد الخامس، عندما كان التقشف يطبع آل القصر الملكي.
بشهادة الكثير من المهتمات بالموضة، طرأ تغيير ملحوظ على هندام الأميرات، شقيقات الملك محمد السادس، منذ وفاة والدهن، حيث أصبح يلاحظ أنهن استبدلن التنورات الطويلة بالسراويل على سبيل المثال.
ففي غضون سنة 2005، ظهرت الأميرة للا حسناء بتسريحة شعر "كوب كارسون"، الشيء الذي فسره البعض، وقتئذ كقطيعة مع مرحلة سابقة، إذ كان الحسن الثاني حريصا على أن تظهر بناته الأميرات بتسريحة عادية لا تثير الفضول، وبتنورات تتجاوز الركبة بسنتيم واحد.
لقد عُرف عن الحسن الثاني، أنه يحرص على مده بالتفاصيل الدقيقة للموديلات التي يكون "المعلم" (الخياط التقليدي)، أو المصممة العصرية، قد رسمها في ذهنه لإعداد ملابس أفراد العائلة الملكية.
لقد كان الملك الراحل يولي اهتماما خاصا بنوعية الأقمشة وجودتها، فقد حُكي أن خياطي القصر كانوا، في عهده ينتقلون من دولة إلى أخرى، بحثا عن عينات من الأثواب تستجيب لتطلعاته.
يقول "ألبير سوسان" ابن أحد خياطي البلاط، إن والده كان يضع عينات من الثوب على طاولة بإحدى قاعات القصر في انتظار أن يحسم الملك في اختيار ما يروقه، لأنه كان يصر على اتخاذ القرار بنفسه. وبعد اختيار عينات الثوب تبدأ مرحلة "الفصالة" وإعداد طلبيات "السفيفة" و"العقاد" و"القيطان" و"البرشمان". وكان خياطو البلاط وأعوانهم يأخذون مقاسات الملك ووالدته والأمراء والأميرات لإعداد ملابسهم التقليدية. كما أن الحسن الثاني دأب التردد على ورشة الخياطة المتواجدة بالقصر الملكي بالرباط، للاطمئنان على أشغال الحرفيين، مع اقتراب أي مناسبة دينية أو رسمية.
وعندما تمكنت الأميرات من هامش حرية اختيار ملابسهن، العصرية والتقليدية، بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني، أصبحت نساء المغرب، مع كل ظهور علني لهن، في المناسبات الرسمية العامة أو الخاصة ـ خصوصا الأميرات، للا سلمى ومريم وأسماء وحسناء، ومذللة الملك الراحل، الأميرة للا سكينة ـ يتطلعن بفضول كبير إلى هندامهن.
ففي العهد الجديد، أصبحت الأميرات تخترن أزياءهن بعناية كبيرة، تنم عن ذوق رفيع وجودة عالية، مما زاد من فضول النساء في تتبع هندامهن، باعتباره دائما، "آخر تقليعة" أميرية، بخصوص الزي العصري، وبصمة جديدة وحديثة، بخصوص اللباس التقليدي رغم حفاظه على الأصالة المغربية. فالأميرات ظللن وفيات لميولاتهن في الموضة المطبوعة بالأعمدة الأساسية للقفطان و"التكشيطة"، اللباس الأكثر عراقة في البلاد، وهذا أمر يستوجبه البروتوكول الذي ما زال قائما من دون تغيير.
اللباس التقليدي
يؤكد أصحاب المجال، أن معظم الأزياء التقليدية التي ترتديها الأميرات ظلت تلتزم بالتصاميم المغربية الأصيلة، الطويلة والفضفاضة نسبيا والمحاكة بالطريقة "المخزنية" التي تستخدم "السفيفة" المذهبة.
وهناك عرف ما يزال قائما إلى اليوم، مفاده حينما يشتغل أحد الصناع المهرة أو الخياطين أو المصممين في القصر الملكي أو لفائدة العائلة الملكية، فإن أول قاعدة عليهم أن يعملوا بها، هي السرية، سواء ظلوا على علاقة بالقصر أو انفك ارتباطهم به، إذ ليس من حقهم أن يحكوا شيئا بخصوص إعداد لباس العائلة الملكية.
رغم استمرار قواعد ثابتة، طرأ تغيير مهم على تصميم الزي التقليدي خلال السنوات الأخيرة في اتجاه العصرنة، غير أن الأميرات لا تحبذن المبالغة في "تحديث" زيهن التقليدي.
ولوحظ أن الأميرات أصبحن يستغنين أحيانا كثيرة عن الحزام التقليدي "المضمة" لصالح حزام مصنوع من الحرير المنسجم مع لون الزي. وإضافة للجودة والأناقة اللتان، من الضروري أن تميزا زي الأميرات التقليدي، تحرص المصممات والخياطات على رعاية "البريستيج" الذي يناسب موقعهن الاعتباري.
وفي استجوابها من طرف مجلة "سيدتي" قالت الأميرة للا حسناء: " لكل أميرة ذوقها وأسلوبها في اللباس لدي إعجاب خاص بالقفطان واللباس التقليدي المغربي، وأجده أنيقا وعمليا، حتى بالنسبة للجلابة التي لا يتطلب ارتداؤها مجهودا مثل "الجينز" تماما، أكون فخورة بلباسي أينما حللت في العالم، واللباس "المخزني" في القصر يتميز بطوله وكميه الواسعين والصنعة التقليدية الأصيلة المحاكة بخيوط الذهب، الصقلي أو الحرير، والتغيير الذي أقوم به يكون على مستوى اختيار الألوان ونوع الأقمشة".
يتذكر ابن خياط الحسن الثاني أن أكثر من 300 خياط شاركوا في تحضير عشرات القفاطين بمناسبة عقيقة الأميرة للا حسناء. لقد تم إعداد 10 قفاطين لكل امرأة بالقصر الملكي، حسب ما أمر به الملك لتوزيعها يوم السابع بعد ولادة الأميرة. آنذاك تم تجميع الخياطين بورشة بالقصر الملكي بالرباط، وقد ضُمِنت لهم الإقامة بفنادق العاصمة على نفقة البلاط، بل إنهم تقاضوا ضعف أجرهم المعتاد.
ففي عهد الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني، تكلفت عائلتا "ساسون" و"بوطبول" اليهوديتان المغربيتان بمهمة إعداد الملابس التقليدية بالقصر الملكي (جلابيب، قفاطين، "تكشيطات"..). كان الخياطان "رافييل" و"روجي" أحفاد "أبراهام ساسون"، خياط أجداد الحسن الثاني ـ حسب "ألبير ساسون" ـ الرجلين الغريبين، الوحيدين المسموح لهما بولوج فضاء الحريم بالقصر لأخذ مقاسات زوجات ومحظيات الملك. ففي كل مناسبة كان الملك يهدي أزياء جديدة لنسائه ومحظياته. ونظرا لكثرة الطلبات كان "ساسون" و"بوطبول" يلجآن إلى أمهر الخياطين بالرباط، سيما بزنقة "القناصلة"، للاستعانة بخدماتهم، وكانت نساء عائلتي الخياطين مرافقات أو مؤنسات زوجات أو أخوات الملك ومحظياته، مما كان يسهل عمل زوجيهما.
أما في عهد الحسن الثاني، فكان خياطو القصر يعدون الألبسة التقليدية في كل المناسبات والحفلات، لذلك كانت أجندتهم ممتلئة على طول السنة. كان الملك يطلب ملابس تقليدية خلال مناسبة عيد العرش، عيد الشباب، عيد الفطر، عيد الأضحى، عاشوراء، أعياد ميلاد الأمراء والأميرات، أعياد السنة الميلادية وحفلات العقيقة.
وحسب "ألبير ساسون" مؤلف كتاب "خياطو الملك"، تخصص "روجي بوطبول" في خياطة ملابس الملك الداخلية، أما الملابس التقليدية، فكانت من اختصاص "المعلم صالح"، كما تم تكليف "روجي" كذلك بإعداد لباس مخازنية القصر (قفطان، الفرجية، التشامير، البدعية..)، ولأن الملك الراحل الحسن الثاني كان يحرص على "الشاذة والفادة" بخصوص لباس بناته الأميرات، فإن خياطي البلاط ظلوا يعتمدون على تلقي التعليمات مباشرة من الملك. وقد كان هذا الأمر يتطلب وقتا طويلا أحيانا كثيرة بسبب الالتزامات الرسمية للملك. وحدث مرارا أن كان الحسن الثاني يحسم أمر اختيار عينات القماش بمدينة ما، و"السفيفة" بمدينة أخرى. ولتسهيل لقاءاته بخياطه في أي مدينة يحل بها، مكّن الملك "روجي ساسون" من ولوج الفضاءات التي يتواجد بها. وللمزيد من تسهيل المأمورية، فكر خياط الملك في اقتناء نوع من السيارات غير مستعمل بالمغرب آنذاك، حتى يتعرف عليها الحراس من بعيد ويسمحوا له بالمرور دون تضييع للوقت. لقد اشترى "روجي" سيارة "بونتياك" (أمريكية الصنع) دأب عناصر الشرطة وحرس البلاط على التعرف عليها بسرعة ومن بعيد، إلى حد أصبحت أسبقية مرورها وتجوالها، في مختلف القصور والإقامات الملكية، تكسر كل الحواجز أمام خياط الملك. كما وضع الراحل الحسن الثاني جواز سفر الخدمة تحت تصرف "روجي" تسهيلا لتنقلاته خارج البلاد لجلب الأقمشة.
في عهد الملك محمد الخامس والسنوات الأولى من حكم نجله الملك الحسن الثاني، كان خياطو الملك والأسرة الملكية يشتغلون في ورشات بالقصر الملكي بالرباط. وقد ورث الحسن الثاني عن والده خياطه "حاييم بوطبول" وابنه "رفاييل" و"روجي" ابن هذا الأخير.
اشتهر خياطو عائلتي "ساسون" و"بوطبول" بخدمتهم، أبا عن جد بالبلاط، وهما عائلتان مغربيتان يهوديتان، احترف معظم أفرادهما مهنة الخياطة منذ أكثر من 120 سنة، وأصبحتا مقربتين من القصر منذ عهد السلطان الحسن الثاني، مرورا بالسلاطين عبد العزيز ويوسف ومحمد الخامس فالحسن الثاني. التحق "أبراهام ساسون" سنة 1877 بالبلاط ليضطلع بمهمة خياط السلطان، وظلت عائلته تقوم بنفس المهمة إلى حدود عهد محمد الخامس، فعوضه أصهاره، "عائلة بوطبول" في عهد الملك الحسن الثاني.
أزياء الأميرات العصرية
تقتني الأميرات أزياءهن العصرية من أكبر دور الموضة العالمية. إنهن زبونات مختلف العلامات العالمية من قبيل "شانيل"، "جون بول غوتيي"، "دولشي كابانا، "غوتشي"، "برادا" وغيرها، وهي أكبر الدور الفرنسية والإيطالية. أغلب أحذية الأميرات، هي من تصميم "مسارو" و"روزيتي" و"هوجان"، أما الإكسسوارات والمجوهرات، فتقتنيها الأميرات من دور "كارتيي" و"شومي" و"بياجي"، علما أن عطورهن عطور فريدة، تصنع خصيصا لهن من طرف أمهر صانعي العطور في العالم عند "غيرلان" و"إيف سان لوران" و"باتو"..
وبخصوص الحلاقة والتزيين، نادرا جدا ما تلجأ إحدى الأميرات إلى خدمات محلات الحلاقة الراقية، سواء بالداخل أو الخارج، لأن لديهن حلاقين وحلاقات ومزينات في خدمتهن دون سواهن، هم الذين يتكفلون بالعناية بشعرهن وبشرتهن في مقر إقامتهن.
عموما، حسب متتبعات هندام آل القصر الملكي، تحررت الأميرات بعد وفاة والدهن، إذ أن الحسن الثاني كان حريصا شخصيا على ملابس بناته وهندامهن، حسب ما يراه مناسبا، آنذاك كان هامش اختيار الأميرات ضيقا جدا خلافا لما هو عليه الحال اليوم.
وبخصوص إعداد الأزياء، نادرا ما تنتقل الأميرات إلى دور الموضة لاقتناء أزيائهن، إذ غالبا ما يزورهن ممثلو الدور العالمية، لاقتراح خدماتهم وعرض مستجداتهم أو تلقي رغباتهن وطلباتهن، قبل حلول كل موسم (صيف ـ خريف ـ شتاء ـ ربيع).
الأميرة للا سلمى
"لوك" استعصى تقليده
منذ الإعلان عن ارتباطها بالملك محمد السادس، أثارت الأميرة للا سلمى، بنت الشعب، الأنظار وسرعان ما أصبحت سيدة المغرب الأولى. حيث ظلت زوجة الملك تشغل الرأي العام النسوي في المغرب، أكثر من غيرها من الأميرات، خصوصا الاهتمام بـ "لوكها" ونمط لباسها المستعصي على التقليد.
كيف سيكون شكل ولون الملابس التي ستظهر بها الأميرة في المرة القادمة؟ إنه سؤال يشغل الكثير من المغربيات من مختلف الأعمار.
لقد مرّ "لوك" زوجة الملك بمراحل، انطلاقا من تسريحة الشعر إلى الملابس مرورا بالأكسسوارات، الشيء الذي أدى إلى تغيير شكلها من حين إلى آخر.
البداية
حسب العارفين بخبايا أمور "اللوك" والموضة، برز الاهتمام بالسيدة الأولى منذ ظهورها الأول، لكن تتبع "لوكها" عن قرب، كان في سنة 2006، عندما لاحظت الكثيرات تغييرات واضحة في مظهر زوجة الملك.
ومن المعلوم أن الأميرة للا سلمى، ابتداء من ربيع 2006، شرعت في الاضطلاع بمهام اجتماعية، والقيام بسفريات وحضور تظاهرات وطنية ودولية وتمثيل زوجها، الملك، أحيانا في بعضها، منذئذ أضحت الأميرة شخصية عمومية بامتياز، الأولى بعد الملك، رفيقها في الحياة.
حسب المختصين في أمور الموضة يطغى أسلوب "شانيل"، الدار الفرنسية ذات الصيت العالمي، على "لوك" الأميرة للا سلمى، لكن سرعان ما تبين أن السيدة الأولى بالمملكة لا تكتفي بأسلوب واحد بخصوص الهندام، فهي تقتني ملابسها العصرية من أكبر دور الموضة العالمية، ويُعِدُّ ملابسها التقليدية أشهر الصناع المهرة والمصممات العصريات. أما حقائبها وأحذيتها، فغالبا ما تكون من تصميم "ماسارو" و"روسيني" و"هوجان".
اللباس العصري
رغم تباين أزياء الأميرة للا سلمى العصرية، هناك ميول خاص إلى "ستيل" "شانيل"، وهذا طبيعي جدا، مادامت هذه الدار الفرنسية معروفة بإعداد الأزياء لأفراد العائلات الملكية عبر العالم، في حين تفضل الأميرة زينب مثلا أزياء "ديور" على غيرها.
تقتني زوجة الملك لباسها العصري من أشهر دور الموضة العالمية، "إيف سان لوران"، "كريستيان ديور"، "بيلمان"، "إيلي ساب"، "بلانسياكرا" إضافة طبعا إلى الدار المفضلة بالنسبة لها وهي "شانيل". في النهار، وحسب الفصول، غالبا ما ترتدي الأميرة للا سلمى قميصا أو "فيست" وتنورة أو سروالا، وفي المساء فساتين "فلانتينو" أو "كريستيان لاكورى".
بعد ميلاد الأميرة للا خديجة
لاحظت الكثير من النساء التغيير الحاصل في "لوك" الأميرة للا سلمى، بعد ميلاد الأميرة للا خديجة، إذ أضحى "ماكياجها" أخف وأقراطها أقل بهرجة والتنورات تقترب من أعلى الركبتين، فيما تأكد التخفيف من حجم الإكسسوارات المرافقة والتي كانت في السابق تزين أذنيها وعنقها ومعصمها. كما تغيرت أيضا تسريحة شعرها، مع الحفاظ على قوام ممشوق.
ففي نظر النساء، تظل زوجة الملك جميلة، ذكية، عصرية، وفي ذات الوقت تَنْضَحُ حياء.
لقد أضحى "لوك" الأميرة للا سلمى "مرجعا" في الموضة، سيما بخصوص اللباس التقليدي. إن قفاطينها "وتكشيطاتها"، ظلت تحظى بتعليقات وتتبع أكبر دور الأزياء ومصمميها، في مختلف بقاع العالم.
تود الكثيرات من النساء المغربيات أن ترتدي الأميرة زوجة أمير المؤمنين، الحجاب، لكنهن في نهاية المطاف، يعتبرن أن هذا الأمر سيؤثر على صورة المغرب بالخارج في الوقت الراهن، علما أن للا سلمى ظهرت أكثر من مرة بمنديل يستر رأسها من الخلف.
قفطان مهرجان مراكش
حسب العارفين بمجال الأزياء، شكل القفطان، الذي ظهرت به الأميرة للا سلمى بمهرجان مراكش للفيلم الدولي، تحولا ملحوظا في نمط الزي التقليدي لزوجة الملك.
لقد أثار هذا القفطان انتباه أوساط "الموضة" والأزياء الراقية، وحسب هؤلاء، إنه مرحلة جديدة بخصوص هندام الأميرة، حيث خرجت من عالم الألوان الداكنة، المفضلة لدار المخزن، لتلج فضاء ألوان "باستيل" تماشيا مع فصول السنة، هذا دون التخلي عن مميزات لباس البلاط المغربي المطبوع باستعمال "السفيفة" و"العقاد" والطول الذي لا يقل عن متر و 90 سنتيم. ورغم أن الأميرة للا سلمى تمتاز بقامة طويلة، فإن القاعدة بالقصر الملكي هي أن طول الملابس التقليدية لا يقل عن 1.90 متر، مهما كانت قامة من ترتديه من الأميرات. وحسب أحد "المعلمين"، العالم بخبايا البلاط، فإن هذا الطول ـ الذي قد يبدو مبالغا فيه ـ يُمَكِّنُ من حجب الركبتين حتى في حالة رفع "الجلايل" عند الحركة، وهي عادة مترسخة عند النساء المغربيات حين ارتدائهن للزي التقليدي الأصيل.
غير أن هذه القاعدة توارت نسبيا، مع اللباس الذي ظهرت به الأميرة للا سلمى، على متن الطائرة بمناسبة سفريتها إلى تايلاندا.
الحلي والعطور
حسب ما نشرته جملة من وسائل الإعلام الأجنبية، كلما حلت الأميرة للا سلمى بالخارج، إلا وحرصت على تخصيص فترة لاقتناء الحلي، من دورها المفضلة، "كارتيي"، "بياجي"، "فان كليف"، "بوشورون"، "كارار"، أو غيرها من الأنواع الراقية ذات الصيت العالمي.
وتفضل زوجة الملك اقتناء عطورها من "كيرلان"، "إيف سان لوران"، "باتو"، وهي عطور فريدة معدة لها خصيصا، وهناك عطور خاصة بها تحمل اسمها.
للا سلمى في شبكة "الويب"
منذ اكتسحت صورة الأميرة للا سلمى شبكة الانترنيت، تعددت المواقع الالكترونية المهتمة بالسيدة الأولى للمملكة، كما أحدثت الكثير من صالونات الدردشة عبر الشبكة، تمحورت مواضيعها حول مختلف جوانب حياة زوجة الملك واهتماماتها وتحركاتها ونوادرها. وتخصصت مواقع على الانترنيت بمختلف اللغات في تجميع صورها وتتبع تطور هندامها.
لعل أول موقع اهتم بالأميرة هو: http://bastainteractive.canalblog.com))، أحدثه أحد زملاء الأميرة للا سلمى في المدرسة الوطنية العليا للمعلوميات وتحليل النظم بالرباط، عندما كانت طالبة به.
هندام الأميرة بعيون المصممات
اللباس الكلاسيكي من دار "شانيل" عنوان أناقة مميزة
الذين يعرفون سلمى، ابنة الحاج عبد الحميد بناني والراحلة نعيمة بنسودة، يجمعون على أنها قبل أن تصبح السيدة الأولى بالمغرب، كانت دائما محط اهتمام من حولها، إنسانة راقية، مؤمنة بنفسها وجمالها هادئ كما طباعها، لكنها مع ذلك قوية.
ظهرت الأميرة للا سلمى في سنوات الزواج الأولى، بقوامها الممشوق ووجهها الحسن وثقافتها العالية، وكذا بتصفيفة شعر مميزة، شعر bouclé) )، منساب على الكتفين، وهي تسريحة الشعر التي ظلت تميزها لمدة طويلة.
خروج للا سلمى عن التقاليد المخزنية، التي ظلت العائلة الملكية حريصة عليها، لم يكن يعني الخروج عن تقاليد اللباس الذي دأبت العائلة الملكية على الظهور به.
بعد زفافهما، الذي نقل على شاشة التلفزة مباشرة، انتظر المغاربة حوالي سنة كاملة، ظلت خلالها الأميرة للا سلمى متوارية عن الأنظار، قبل أن تظهر إلى جانب زوجها الملك محمد السادس في استقبال الرئيس الباكستاني برويز مشرف وحرمه السيدة سيهبا.
في أول ظهور رسمي لها (17 يوليوز2003) فاجئت الأميرة للا سلمى المتتبعين لـ "اللوك" الجديد الذي ظهرت به، فعوض اللباس التقليدي الذي ميز ظهورها في حفل الزفاف، ارتدت الأميرة للا سلمى لباسا كلاسيكيا، من "دار شانيل"، كما تركت شعرها الكستنائي ينزل بانسياب على كتفيها. ارتدت بذلة بلون "البيج"، سترة مع سروال. على ذراعها الأيسر حملت حقيبتها من نفس لون البذلة، أما بين أصابع يدها اليمنى فكانت نظاراتها الشمسية، في حين لبست أقراطا من حجر اللؤلؤ، مما عكس أسلوبا ساحرا ومميزا، خاصا بها، وعلى صدرها تدلت سلسلة ذهبية، توسطتها قطعة أخرى من نفس الحجر.
في الغالب ترتدي الأميرات مجوهرات من اللؤلؤ والألماس والياقوت والزمرد، وهي نفسها الجواهر التي تزين حقائبهن اليدوية.
للا سلمى، يشبهها خبراء التجميل بالطبيعة تتجدد دائما، فالتجدّد هو قانون الحياة الأول، كما تتجدد الطبيعة المنظمة في كل فصل، وفي كل يوم وفي كل لحظة منعاً للسقوط في الرتابة، تتجدد للا سلمى. فعلى مائدة حفل العشاء، الذي أقامه الملك محمد السادس على شرف رئيس الوزراء الباكستاني برويز مشرف، تخلت الأميرة عن الزي الغربي لصالح الزي التقليدي المبهر، حيث ظهرت بقفطان أسود مطرز، كما لبست خاتما من الألماس المرصع بحجر الزفير الأزرق الملكي، مرفق بطقم من المجوهرات الماسية ارتدته "الليدي الجميلة"، كما قامت بارتداء القرطين الماسيين. وعوض "المضمة" التي تكون عادة من الذهب الخالص، والتي شكلت لزمن طويل عنوانا لأناقة المرأة المغربية وجمالها، أضحت الأميرات يفضلن حزاما مصنوعا من الحرير.
في حفل العشاء، وعوض تسريحة الشعر الانسيابية، لفت الأميرة شعرها، كما خففت من مكياجها بشكل لافت.
الأميرة بكسوة طويلة ومنديل شعر
أواسط شهر مارس الماضي زارت الأميرة للا سلمى المملكة العربية السعودية، بدعوة من الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، حضرت خلاله حفل عشاء أقيم على شرفها من قبل جمعية «سند» الخيرية، بحضور أميرات، وعقيلات دبلوماسيين، ورئيسات جمعيات، والعديد من الشخصيات السعودية.
هناك ظهرت الأميرة بتنورة طويلة سوداء، وجوارب من نفس اللون ومنديل يغطي الجزء السفلي من الرأس. وكما هي عادتها، حيث تفضل الألوان القاتمة، ظهرت الأميرة في المرة الأولى متوشحة السواد، وفي مرة ثانية بالرمادي. هكذا بدت الأميرة للا سلمى في ضيافة الملك السعودي سواء أثناء زيارتها لمقر جمعية "سند الخيرية لدعم الأطفال المرضى بالسرطان" بالرياض، أو أثناء باقي أنشطتها الرسمية في السعودية، وضمنها الزيارة التي قامت بها إلى المتحف الوطني في الرياض، أو مكتبة الملك عبد الله عبد العزيز بالرياض دائما.
ما شكل مفاجأة هو المنديل الذي غطى شعر زوجة الملك، حيث عوض، لأول مرة منذ زواجها من محمد السادس شعرها الذي كان دائما منسدلا بانسياب على كتفيها.
والواقع أن تواجد الأميرة للا سلمى في المملكة العربية السعودية، حيث تحتم التقاليد على المرأة ستر شعرها بمنديل، فرض على الأميرة هذا التعديل الطفيف، الذي لم يكن الوحيد، إذ كان كل شيء مرتبا بعناية، ابتداء من الكسوة الطويلة والجوارب القاتمة التي ارتدتها تفاديا للبس السروال، وانتهاء بالماكياج الخفيف والمحتشم والأقراط الخجولة.
زيارة الأميرة للا سلمى للمملكة العربية السعودية، لم يكن الغرض منها فقط تبادل التجارب بين المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية وتبادل الخبرات في هذا المجال، ولكن أيضا إعادة الدفء إلى العلاقات المغربية السعودية التي يطبعها الفتور بين الفينة والأخرى.
" اللوك" الصيفي
قبل الزيارة التي قامت بها الأميرة إلى المملكة العربية السعودية، استقبلت الأميرة للا سلمى بالعاصمة التونسية، وبالضبط في مطار قرطاج الدولي، من طرف، حرم الرئيس التونسي. "اللوك" الصيفي الذي ظهرت به هناك، وتسريحة شعرها الناعمة، التي جاءت منسجمة مع شكلها، وخصوصا مع صبغة الشعر الأقل توهجا، والتي سمحت لتوهج عينيها المميز للغاية و نظرتها الآسرة بالبروز أكثر. كاد يغطي على حدث اصطحابها للأميرين، في أول زيارة رسمية لهما إلى الخارج، ولي العهد مولاي الحسن والأميرة الصغيرة للا خديجة، التي حملتها سلمى الأم فوق ذراعها، في الوقت الذي تصرف فيه الأمير مولاي الحسن، كولي عهد، يعرف متى وأين وكيف يتقدم للسلام، وكيف تكون جلسته فوق الكرسي مستقيمة ولائقة بولي عهد وليس بطفل بالكاد يتخطى سنين عمره الأولى.
تسريحة الشعر عنوان التحول في "لوك" الأميرات
في رحلتها إلى السنغال شهر دجنبر الماضي، من أجل المشاركة في المؤتمر الدولي الخامس عشر حول السيدا والأمراض المنقولة جنسيا في إفريقيا، حرصت الأميرة للا سلمى على الظهور بـ"لوك" جديد.
تسريحة الشعر الانسيابية والملابس والأكسسوارات، كل شيء تبدل في الأميرة من جديد، غير أن الذي لفت الانتباه أكثر هذه المرة، هو "الماكياج" الذي أصبح أقل حدة وبهرجة، موازاة مع التخفيف من عدد وحجم "الإكسسوارات" الكثيرة، التي كانت تزين بها أذنيها وعنقها.
من وجهة نظر خبراء التجميل، فإن "الماكياج" الخفيف دلالة على الجاذبية، فهو يجعل العينين أكثر اتساعا، كما يعد علامة على الذكاء وحب الاستطلاع.
للاسلمى، انسجاما مع أسلوب التحرر الذي ينهجه القصر، وأيضا على الثقة في النفس التي اكتسبتها الأميرة يوما بعد آخر، تحرص على أن تجعل من تسريحة شعرها عنوانا على هذا التحول.
في رحلة مماثلة قامت بها الأميرة في العام 2006 إلى التايلاند، لاحظ المتتبعون أن للا سلمى كانت ترتدي تنورة أعلى الركبة، ببضع سنتمترات، وهي علامة على "الستايل" الجديد في لباس الأميرات، وضمنهن سيدة المملكة الأولى على عهد الملك محمد السادس.
هذه الأخيرة كباقي الأميرات سبق لهن التعامل مع (رايتشل زو)، واحدة من أشهر خبيرات الأزياء في العالم، التي ابتكرت موضة النظارات الضخمة والفساتين الطويلة بالنسبة للنحيلات، كما سبق لهن التعامل مع المصممة البريطانية اليس تمبرلي، التي سبق لها أيضا التعامل مع الملكة رانيا، لكن ذلك لا يعني تهميش الكفاءات المغربية، تقول واحدة من مصممات الأزياء المغربيات، فالأميرات يتعاملن على الخصوص مع المصممات: فضيلة برادة، زهور الريس وخديجة بلمليح، في حين يستدعين، في بعض الأحيان مصممين إلى القصر، لمناقشتهن في نوع الفصالة التي يرغبن فيها.
الأميرات بجانب زوجة شيراك والملكة رانيا
ما يميز الأزياء التي ترتديها السيدة الأولى بالمملكة الفخامة والانسيابية، يزيدها جمالا وروعة الألوان الدافئة مثل البرتقالي والأخضر والأحمر والأصفر، وهي ألوان تضفي البهجة على الأقمشة الفاخرة، التي يتم مزج أكثر من قطعة متضاربة الألوان والزخارف والرسوم الهندسية فيها، بفنية عالية.
في كل مرة تظهر فيها الأميرة للا سلمى، يكون هناك شيء مميز يجعل الشهقات ونظرات الإعجاب تتوحد في التعبير عن الإعجاب بالتحف الفنية التي تلبسها.
في مهرجان الموسيقى الروحية بفاس، في دورته ما قبل الماضية كانت المناسبة للوقوف على روعة القفطان المغربي، حين جمع المهرجان أربع نساء دفعة واحدة، هن الأميرة للا سلمى والأميرة للامريم وبرناديت شيراك، عقيلة الرئيس الفرنسي السابق والملكة رانيا، عقيلة ملك الأردن عبد الله الثاني.
ارتدت الأميرة للا سلمى قفطانا خفيفا، من حيث اللون ونوعية القماش، مطرزا بالحرير وخيوط الذهب، مع مجوهرات مرصعة بأحجار الفيروز، أما الأميرة للا مريم فاختارت الظهور بقفطان داكن مطرز بخيوط الذهب، يميزه الحجم الذي أخذته الأكمام، في حين أن الملكة رانيا، لبست عباءة عربية باللونين الأبيض والأسود، واختارت السيدة شيراك فستان سهرة باللون الأسود منقوش بالورود.
أما في حفل العشاء الذي نظم على شرف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، فظهرت الأميرة بقفطان وردي غني بالتفاصيل والتطريزات والألوان النظرة، جمع ما بين الماضي والحاضر، وارتدت حزاما مرصعا بالماس والجواهر والزمرد.
قفطان الحرير في حفل عقيقة ولي العهد
بعد أسبوع على إعلان بشرى ازدياد الأمير مولاي الحسن، ظهر الملك محمد السادس بالجابادور رفقة للا سلمى، وهي تحمل ولي العهد بين ذراعيها. كعادة المرأة المغربية التي تتزين بأبهى الحلل في حفل العقيقة، لبست للا سلمى قفطانا بأكمام ذات حواشٍ مزخرفة وبشقوق للجيوب.
لون الثوب أخضر، مصنوع من خيوط موشاة بالذهب مهيأة يدويا، تعرف بالقماش الحريري المقصب الفاخر. القفطان ذو ياقة مدوَّرة، ومنسوج على شكل جلباب مفتوح من الأمام يضيق عند الخصر.
يتسع القسم السفلي من القفطان من فوق الورك، كما هو الشأن بالنسبة للتنورة.
أما القماش فمزين بأزهار اللوتس. السمة الأبرز فيه استخدام أشكال غير متكررة من الأزهار، وهذا كثيراً ما نجده في الأنسجة الخاصة بهذه المجموعة، التي تبين أنها نسجت كنماذج استثنائية. تفصيلة القفطان غاية في الأناقة والدقة.
مصممات الأميرات
اكتسبت بعض مصممات أزياء الأميرات التقليدية شهرة عالمية، وحظين بسمعة وصيت واسع بعد المساهمة في إبداع أحد الأزياء التقليدية لإحدى الأميرات، ضمن هؤلاء المصممات تألقت كل من زهور الريس، خديجة بلمليح مولاطو، فضيلة برادة وأمينة بنزكري، ومن المصممات الأجنبيات اللواتي تعاملن مع الأميرات، برزت كل من "ريتشل زو" والانجليزية "تامبرلي".
تكاد مصممات الأزياء المغربيات يجمعن على أن أغلب الألبسة التقليدية التي ترتديها الأميرات تظل محترمة للتصاميم المغربية الأصيلة بخصوص الجلباب والقفطان و"التكشيطة" و"الكندورة". فغالبا ما تكون طويلة وفضفاضة، ويتم الاعتماد في خياطتها، على الطريقة المعروفة عند أهل الحرفة بـ "الخياطة المخزنية" المعتمدة على "السفيفة" المذهبة و"تفصيلة" خاصة، مع اختيار، طبعا، أجود الأقمشة الفريدة، حسب الفصول والمناسبات.
وتذهب أمينة بنزكري، ذات التجربة الطويلة في مجال تصميم وخياطة الأزياء التقليدية، إلى القول إن أزياء الأميرات التقليدية لا تتغير تصميماتها ولا طريقة خياطتها (المخزنية) المختلفة عن الطريقة العادية في الخياطة.
في حين ترى المصممة خديجة بلمليح مولاطو، وهي إحدى مصممات أزياء الأميرات، أن لباسهن التقليدي يعتبر نموذجا للأزياء التقليدية الأصيلة التي لم يؤثر عليه مرور الزمن، خصوصا طريقة الخياطة رغم أن التصاميم و"الفصالة" أدخلت عليها بعض التعديلات والتغييرات البسيطة لتوفير تلاؤمها مع منحى تطور خطوط الموضة العصرية. ويتميز زي الأميرات، في نظر بلمليح، باختيار الأقمشة الراقية الموقعة من طرف دور الأزياء العالمية، من فرنسا أو إيطاليا أو بريطانيا أو الهند. وهي أقمشة فريدة لا يمكن للغير العثور على مثلها، مما يجعل تقليد زي الأميرات يكاد يكون مستحيلا.
تقليد الأميرات
خلال كل مرة تظهر فيها إحدى الأميرات، مرتدية زيا تقليديا أو عصريا، ("تايور"، "روب"، "قفطان"، "كندورة" أو "تكشيطة")، إلا وتهافتت سيدات الأوساط الراقية، لمحاولة البحث عن سبل تقليدها أو التشبه بها من خلال الهندام.
ظل معروفا أن سيدات الأوساط الراقية والثرية يجتهدن لتقليد الأميرات في لباسهن. ورغبة في تحقيق هذه الأمنية الحثيثة، يتوجهن إلى مصممي أو مصممات أزياء مرموقين، ذوي خبرة كبيرة لإعداد أزياء شبيهة بأزياء الأميرات، مهما كلفتهن من أموال وطول انتظار، إلا أنهن غالبا ما يشعرن بالإحباط، لأن لباس الأميرات فريد، والقماش المصنوع منه فريد أيضا، ولا يمكن العثور عليه في السوق.
حسب مجموعة من مصممات الأزياء، دأبن على المشاركة في تظاهرة "القفطان"، تتمنى نساء عديدات الوصول إلى مستوى أناقة الأميرات، أو على الأقل الاقتراب من مستوى أناقتهن، إلا أنهن سرعان ما يصبن بالإحباط لأن كل ما يتعلق بالأميرات فريد ولا يمكن العثور على مثيله، حتى وإن توفر المال الكافي.
شكل هندام الأميرات عنوانا للأناقة ورقي مستوى الذوق، الذي تنشده سيدات المجتمع المغربي الراقي، وهذا ما دفع ببعض المصممين والمصممات إلى تحويل أزياء الأميرات التقليدية إلى فرصة لجني الأموال، إذ عمل بعضهم ليس على نسخ تلك الأزياء وإنما إبداع أشكال تقترب منها.
كان مهرجان مراكش للفيلم الدولي سنة 2008، محطة بارزة في هذا المضمار، حيث ظهرت الأميرات بأزياء تقليدية مختلفة، وتسلطت الأضواء على الأميرة للا مريم بزيرها البنفسجي، وقد حملت الكثير من النساء صورة الأميرة بهذا الزي إلى الخياطين لإعداد مثيله، لكن الأمر تعذر عليهم.
كما شكلت أزياء الأميرة للا سلمى، في السنوات الأخيرة، نماذج عملت الكثير من المغربيات على تقليدها، حسب المستطاع، وعرف هذا التقليد مراحل متباينة. في البداية كان محتشما، لتتسارع وتيرته مع مرور الوقت، بسبب اختلاف مراحل تطور "لوك" الأميرة، من مرحلة الخجل في السنوات الأولى، حيث اكتفت النساء بتقليد تسريحة الشعر، إلى مرحلة تأكيد الذات وتكريس "لوك" خاص بها، يتماشى وشخصيتها كسيدة أولى في المملكة، لها أسلوبها الخاص، تصرفا وهنداما. وفي السنوات الأخيرة، أضحى "لوك" الأميرة للا سلمى، مرجعا في الموضة، سيما بخصوص اللباس التقليدي، وأصبحت قفاطينها و"تكشيطاتها" تحظى بتعليقات وتتبع متسارع من طرف المصممين والمصممات، وحتى خياطي الأزياء محاولة منهم لوضع اليد على بصمة يضيفونها، لتلبية رغبة الساعيات إلى تقليد الأميرة في لباسها.
فستان الأميرة للا مريم
فستان سهرة مكون من قطعتين من المخمل والدانتيل، لونه بنفسجي غامق، صممته أنامل زهور الريس. بسرعة فائقة، بعد ظهور الأميرة للا مريم، بهذا الفستان، أكدت العديدات من المصممات والخياطات أن زبوناتهن أتين إليهن ممسكات صورا ملونة كبيرة الحجم للأميرة للا مريم بفستانها البنفسجي من أجل إعداد مثيل له، بنفس التصميم و"التفصيلة"، والقماش واللون.
علما أن فستان الأميرة أعد من قماش رفيع فريد، مصنوع خصيصا للأميرة بفرنسا، حددت مواصفاته ونوعيته إحدى الدور الرائدة عالميا في أجود أنواع الدانتيل والحرير والمخمل.
ومن الأزياء التي خطفت الأضواء، فستان السهرة التقليدية الذي ظهرت به الأميرة للا مريم في حفل تكريم نجوم السينما العالمية الذي أقيم سنة 2003 بمراكش.
نجية عبادي/ مصممة مغربية
"الأميرات المغربيات لا يلبسن مثل باقي النساء"
نجية عبادي، إحدى المصممات الشابات، بدأت مشوارها بـ "لباس العروس"، تلقت تكوينها في الديار السويسرية ثم الفرنسية، كما اغترفت خبرتها من أعرق دور الموضة بأوروبا، ذات الصيت العالمي، منها دار "روتي"، قبل أن يجذبها القفطان المغربي منذ سنة 2002، شكلت فريقا قوامه مصمم وعشرة "معلمين" مهرة لإبداع موديلات "أصيلة"، تعكس نكهة العصر دون التفريط في بصمات هوية الهندام المغربي الأصيل.
- ما رأيك كمصممة، في "لوك" الأميرة للا سلمى؟
+ يعجبني جدا "لوك" الأميرة للا سلمى، زوجة الملك، إنه "لوك" غير مصنّع، يوحي بالصدقية، رغم أنه عرف تطورا ملحوظا، ومنذ ولادة الأميرة للا خديجة ولجت السيدة الأولى مرحلة جديدة على مسار تطور "لوكها".
- ماذا عن "لوك" شقيقة الملك البكر، الأميرة للا مريم؟
+ إن أسلوب الأميرة للا مريم، ظل كما هو دون تغيير، سيما في كل ما يرتبط باللباس التقليدي، مستوى راق جدا في الأناقة "Grande Classe". أما أسلوب نجلتها، الأميرة للا سكينة فإنه يكاد ينطبق على أسلوب والدتها، مع بصمات بارزة أكثر حداثة، بحكم انتمائها إلى جيل جديد.
- هل لباس الأميرات مثل لباس نساء الأوساط الراقية؟
+ إن زي أفراد الأسرة الملكية، ظل مختلفا عن لباس عموم الناس. فالأميرات المغربيات لا يلبسن مثل باقي النساء، إن أزياءهن تحمل طابعا خاصا، يتميز عما ترتديه باقي النساء، إنه لباس فريد، يعد في نسخة واحدة لا ثاني لها، علما أن لباسهن سواء العصري أو التقليدي ظل موسوما ببصمة محافظة راقية.
- هل كل ألبسة الأميرات المغربيات فريدة؟
+ نعم، إنها فريدة لا ينجز مثلها، الأميرات يخترن أزياءهن من مجموعات (collections) فريدة، لم يسبق أن لبستها امرأة، حتى لو كانت عارضة أزياء.
- في نظرك، كفاعلة في مجال الموضة، هل "لوك" الأميرات يؤثر على الموضة بالمغرب؟
+ قد يعتقد البعض أن الأميرات، بلباسهن المتميز، يؤثرن على مجريات "الموضة" نظرا لانبهار النسوة كلما ظهرت إحدى الأميرات بلباس جديد، لكن في واقع الأمر ليس هناك أي تأثير يذكر بهذا الخصوص، وبالتالي فإن الأميرات لا يؤثرن نهائيا على "الموضة" سواء بالمغرب أو خارجه.
- حتى بالنسبة للملابس التقليدية؟
+ في نظري لم يعرف لباس الأميرات التقليدي تطورا ملحوظا، ومن الأحسن أن يكون كذلك، للحفاظ على أصالة وعراقة اللباس التقليدي المغربي، بكل ما ينم عنه من جمالية ونبل، يمكن أن يفقدهما إذا سار في اتجاه "عصرنة" غير مدروسة ومبالغ فيها.
- هل سبق أن اتصلت بك إحدى الزبونات لطلب إعداد زي مماثل للباس إحدى الأميرات؟
+ لا، لم يسبق أن حدث هذا في الورش الذي أديره.
- في نظرك كمصممة، هل من السهل التعامل مع أميرة؟
+ في رأيي المتواضع، أعتقد أنه من السهل التعامل مع أميرة، مقارنة مع أية زبونة أخرى.
- في التعامل مع الأميرات، هل القاعدة هي إعداد مجموعة من النماذج (Collections) أم الارتكاز على رغباتهن وطلباتهن؟
+ أجيب عن هذا السؤال، انطلاقا مما أعتقده، وليس انطلاقا من تجربة ملموسة. أظن أنه سيكون من الأحسن بالنسبة للمصممة أو المصمم أن ينطلق من رغبات الأميرة، مادامت القضية مرتبطة أساسا بتحقيق ما تريده، كما يظل الأمر مرتبطا بقدرة إبداع وذكاء المصممة على الاستجابة لهذه الرغبة الأميرية.
أمين مراني مصمم أزياء
الأميرة تشرفنا دائما بلباسها الأنيق
- بحكم أنك أحد المبدعين في مجال الأزياء والموضة، هل الأميرات بالمغرب متتبعات للموضة العالمية؟
+ ما نلاحظه، هو أن الأمر لا يقتصر على الأميرات داخل المملكة، بل حتى الأميرات خارج المغرب، إذ أنهن متتبعات للموضة بامتياز، لكن رغم ذلك فهن متشبثات بالقفطان التقليدي الأصيل، حيث حسب ما لاحظناه مؤخرا، فهن يرتدين القفطان التقليدي الذي أدخلت عليه تغييرات طفيفة.
- إذن، هن كذلك من متتبعات الموضة في مجال الزي التقليدي؟
+ بطبيعة الحال، هن مهتمات بالموضة بشكل كبير سواء منها العصرية، العالمية أو المحلية، كما أنهن على علم بمستجدات القفطان، أي يكنَّ على علم تام بظهور كل صيحة جديدة، وقد يطلبن أحيانا نوعا معينا من "القفاطين"، كأن يسألن، مثلا، عن هذا النوع أو ذاك، مما يشير إلى أن هناك متابعة حثيثة للمستجدات في هذا المجال.
- ما نوع الموضة التي تتبعها الأميرات بخصوص القفطان؟
+ عندما تستدعي الظرفية حضورا رسميا، لابد أن يكون القفطان تقليديا مغربيا، "ما خاصش يكون موديرن"، أي أن يكون مصنوعا من ثوب رفيع مع "السفيفة البلدية"، إلى غير ذلك.
- على ذكر "السفيفة"، هل الأميرات يملن إلى "العقادي" و"السفيفة البلدية"، أم إلى تلك التي تصنع بواسطة آلات خاصة؟
+ في البدء كانت "السفيفة" تصنع باليد، لعدم وجود آلات متخصصة كما هو الشأن حاليا، وكانت تسمى آنذاك بـ "المْرَمّة"، وعندما تم الاعتماد على الآلات في هذا المجال، تراجعت "السفيفة"، خاصة بعد ظهور أشياء أخرى، لكن بالمقابل هناك من حافظ على "السفيفة" (المخدومة بالمْرَمّة)، وأنا واحد من هؤلاء، حيث اشتغلت عليها سنة 2005، إذ أحييت "السفيفة" التي استغنى عنها الكثيرون، ولازلت اشتغل عليها إلى حدود الآن. لذلك فالأميرة أو النساء اللواتي يعشن في مستوى راق، يملن إلى الأزياء المصنوعة باليد، أي "العقادي بلديين" و"السفيفة" و"القيطان البلدي" أيضا، لأن القفطان المصنوع باليد يختلف عن العديد من القفاطين التي نلاحظها حاليا، سيما وأن القفطان المصنوع على الطريقة التقليدية، يعتمد فيه الصانع على ميكانيزمات خاصة، حيث مثلا: "كًانْفَوْرُو الحرير" كما هو الشأن بالنسبة للكسكس، وذلك لكي يظل محافظا على شكله وحجمه وكذا لونه، حتى لو مر على صنعه عشرات السنين، وبهذا الخصوص، تغمرنا فرحة كبيرة، لأن الأميرات ينجذبن إلى هذا النوع من القفاطين التقليدية.
- هل طرأت تغييرات على "لوك" الأميرات، سيما إذا عدنا إلى القفطان الذي ظهرت به الأميرة للا سلمى، أثناء افتتاحها لمهرجان الموسيقى الروحية سنة 2007 بفاس؟
+ الأميرة تشرفنا دائما بلباسها الأنيق، إنها أعطت للقفطان المغربي نكهة خاصة، منذ أن دأبت على الظهور في المناسبات، لكن ما تغير شيئا ما، هو الجانب المتعلق بـ "الفصالة"، لذلك يجب على المرء أن يكون خبيرا، كي يلاحظ التغيير بخصوص المواد المستعملة في القفطان وطريقة خياطته وتفصيله، لأن هذه المواد جد رفيعة، سواء من حيث طريقة الصنع أوالخياطة، لكن من المؤكد أنه بإمكان أي "صانع" أن ينتج قفطانا بمثل ذاك "اللوك" المتميز.
- ذهب البعض إلى القول بأن الأميرات هن من يخترن القفاطين، فيما ذهب البعض الآخر في اتجاه أن بعض العارضين يقترحون عليهن "كاتالوكات"، ما مدى صحة هاذين الرأيين؟
+ في كثير من الأحيان، هن من يخترن قفاطينهن، بحيث يكنّ على دراية بالنوعية التي يردنها، أي أنهن على علم بنوعية الأثواب وما دون ذلك، صحيح أن هناك من يقترح عليهن بعض الموديلات، وهذا الأمر لا يقتصر على الأميرات بالمغرب فحسب، بل حتى بالنسبة للأميرات ببعض الدول الأخرى، لهذا فهن على علم مسبق بما يرغبن فيه من قفاطين، بينما نحن لا نضفي عليها سوى لمسات خفيفة فقط تكون بمثابة بصمة المبدع، لكن مع تراكم التجارب في هذا المجال يصبح المرء على دراية بما يرغبن فيه.
- هل سبق لإحدى زبوناتك أن طلبت منك أن تصنع لها قفطانا شبيها بقفطان الأميرات،
للا سلمى، للا مريم، للا حسناء أو للا أسماء؟
+ يرجع الفضل لـ "سيدنا" والأميرات، في تبوء الصناعة التقليدية مكانة خاصة في المغرب والعالم بأكمله، كما أن عامة النساء عندما يرون الأميرات بالزي التقليدي (القفطان)، يتحمسن أكثر لارتدائه، لكن المؤكد، أنهن لن يلبسن أزياء من طينة قفاطين الأميرات، لأن هناك بعض الأثواب تستدعي صناعة خاصة وخياطة فريدة، أي مهما حاول البعض تقليدها لن يتمكنوا من ذلك. فعندما تحضر الأميرات إلى بعض الحفلات، أو تكون أمام وسائل الإعلام، وهن يرتدين القفطان المغربي، فإنهن يمنحن ميزة خاصة للمغرب. وبخصوص الزبونات، هناك من تطلب منك مثلا قفطانا شبيها بقفطان إحدى الأميرات، لكنك تجد نفسك مضطرا كي تشرح لها، بأنه لا يمكن أن تجلب لها نفس ثوب قفطانها، لأننا نحن أيضا، نلجأ أحيانا إلى جلب بعض الأثواب الخاصة، أي أننا لا نجلب منه قطعتين أو ثلاث، فقط واحدة، كي يحافظ على تميزه ويظل المنتوج فريدا لا مثيل له.
- هل سبق أن ارتدت أميرة من الأميرات بالمغرب قفطانا من صنيعك وإبداعك؟
+ هناك عرف يقضي بعدم الإفصاح بأننا صنعنا قفطانا لهذه أو تلك، يعني هناك مجموعة من الأسماء نتحفظ عن ذكرها، لأن الأمر يتعلق بسر من أسرار المهنة، هذا مع العلم أن هناك من ترفض ارتداء قفطان سبق أن ظهر في مناسبة معينة، بحيث هناك من الزبونات المميزات، من تحرص أن يكون القفطان خاصا بها لوحدها، ولم يسبق أن تم عرضه أو حتى ارتداؤه من طرف عارضات الأزياء، قصد إعداد صور له ببعض المجلات.. إن قفاطين الأميرات نسخ فريدة لم يسبق أن تم ارتداؤها حتى من طرف العارضات.
- بعض المقربين من الأميرات، أشاروا إلى أنهن أيضا يرفضن أن تظهر قفاطينهن على صفحات المجلات أم يتم عرضها من طرف عارضات الأزياء، هل هذا صحيح؟
+ ليست الأميرات وحدهن من يرفضن ذلك، بل حتى بعض الزبناء الخواص، حيث إذا ظهر القفطان في تظاهرة معينة ينفرن منه، رغم إعجابهن به، كأن يقلن مثلا "سمح ليا أنا بغيت القفطان ديالي" الخاص بي وحدي دون غيري.
- كم يصل ثمن قفطان الأميرات؟
+ الثمن أيضا لا يمكننا الكشف عنه، بحيث قد يصل قفطان بعض الزبونات من غير الأميرات إلى أرقام خيالية، لأن هناك قفاطين تستدعي سنة كاملة من أجل إعدادها، وهي من روائع القفطان المغربي، حيث تتم صناعتها وفق طلب خاص، وتصورات قد لا تخطر بالبال، مع تدخلات خارجية أحيانا قصد تطعيمه ببعض الأشياء، مما قد يجعل القفطان غير قابل للنسخ. ومن جهة نظري الخاصة، فالألبسة التي تختص بها بعض دور الأزياء، والتي تفوق أثمنتها 50 أو 100 مليون سنتيم، أو 200 ألف أورو، قد لا تصل إلى ثمن القفطان المغربي، الذي يمكن أن يتجاوز هذه الأثمنة، التي تبيع بها بعض الدور كـ "أود كوشي" أو "جيفانشي" أو "شانيل".
- بعض الأميرات يفضلن ارتداء قفاطين مرصعة بالذهب والجواهر النادرة، هل يتم ذلك حسب رغبتهن؟
+ أنا أتكلم بصفة عامة، ليس عن الأميرات فقط، إذ هناك من تضع جواهرها بين أيدي الخياط، كي يرصع بها قفطانها حتى يصبح قفطانا فريدا خاصا بها، وبهذا الخصوص هناك "الجوهر" و"الماس"، بل هناك من ترصع قفطانها بالذهب والحلي الأخرى، وبالنسبة للأميرات، لا نستطيع القول إنهن سيلجأن إلى ترصيع قفاطينهن بكذا وكذا.
قلن عن لباس الأميرات
الإعلامية نسيمة الحر
الأميرات حرصن على أن يحافظ القفطان المغربي على عفته ووقاره
أعتقد أن تصريحي، حول لباس الأميرات، يتقاطع في الكثير من جوانبه مع رأي العديد من النساء المغربيات، حيث أن اللباس التقليدي المغربي الأصلي، أو ما اصطلح عليه باسم "اللباس المخزني" الذي تظهر به الأميرات في جملة من المناسبات والتظاهرات المختلفة، يتميز بالإضافة إلى الأنواع الفاخرة من الثوب، التي يتشكل منها بـ "السفايف والعماير"، وبطابعه المحافظ الذي يجعله دائما لباسا وقورا ومحترما، ويضعه في مكانة متقدمة ومشرفة في أجندة الألبسة المغربية والعربية عموما، لذلك أقول إن الأميرات حرصن، بالرغم من التحولات العميقة التي طرأت على ألوان الموضة المرتبطة باللباس على المستوى العالمي، على أن يحتفظ القفطان المغربي بأصالته، دون التأثير طبعا على الإبداعات الفنية واللمسات الرائعة التي طرأت عليه، لذلك ظل محافظا على عفته ووقاره. ومن ثمة تجد النساء المغربيات، خاصة المنتسبات للمجتمع الراقي، يطالبن الصناع التقليديين المهرة بإنجاز (قفطان ملكي)، نسبة لأنواع القفاطين التي تظهر بها الأميرات في المحافل المفتوحة، حيث التعبير الواضح عن الحشمة والعفة وفي نفس الوقت الأناقة، مما يجعل المرأة داخل هذا القفطان جميلة جدا ومحتشمة في الوقت نفسه. أما بالنسبة للباس العصري، الذي ترتديه الأميرات، نلاحظ دائما أنه هو الآخر يحافظ على العفة، بمعنى أنه غير فاضح لجسم المرأة، وبالتالي يقدمها في حلة جميلة تليق بمستواها ومقامها الأميري، إضافة إلى أن اللباس العصري، الذي ترتديه الأميرات، لا يحمل ألوانا كثيرة تحوله إلى مجال للبهرجة، لكنه منسق بشكل عصري محترف ومحتشم في الآن نفسه، يؤكد على أن صاحبته ذات حس فني عال وذوق راق، ويعكس بالتالي نوعا من الأناقة النفسانية، أي ارتفاع في نسبة الذوق الرفيع والذكي الذي يمكّن صاحبته من المزج بين الأصالة والمعاصرة.
والدليل أن المغربيات، حين يرغبن في ارتداء ملابس محتشمة وجميلة وعفيفة وأنيقة، ينعتنها بـ "ملابس ملكية"، نسبة للعائلة الملكية. وما يميز اللباس التقليدي للأميرات، أنه يحمل الطابع المغربي الأصيل، الذي يحفظ للقفطان مكانته ولـ "التكشيطة"، موقعها أيضا، حيث أنه بالرغم من كون القفطان المغربي، يبحث لنفسه عن موقع في أسواق خارجية للانتشار وتحقيق العالمية، إلا أنه دائما يحافظ على وقاره وحشمته وأناقته الملكية. شخصيا أرى أن القفطان، خارج شروط الحشمة والعفة، سيصبح شيئا آخر غير القفطان.
الفنانة الأمازيغية فاطمة تيحيحت
أتمنى في قرارة نفسي لو أرتدي نفس لباس الأميرات
شخصيا تعجبني كثيرا رؤية الأميرات وهن بلباس تقليدي مغربي أصيل، ولا أخفيك أنني أتمنى في قرارة نفسي، لو أحظى بشرف الحصول على قفاطين من نفس العيار الذي ترتديه الأميرات، لأن ارتداء اللباس التقليدي المغربي الأصيل يضفي على المرأة نوعا من الحشمة والوقار، خاصة وأن تعديلات فنية رائعة طرأت على ظاهرة القفطان المغربي، والتي وإن زادته بهاء وجمالا، إلا أنها حافظت على أصالته وتراثه الضارب في عمق التاريخ. هذه الأصالة مكنته من اجتياح مناطق نائية من العالم، لدرجة أن النساء في الكثير من بقاع العالم يفضلن ارتداء القفطان المغربي، في احتفالاتهن ومناسباتهن الكبرى. والدليل على ذلك أنني أثناء أدائي لمناسك الحج العام الماضي، لاحظت كثيرا من الصينيات والاندونيسيات يرتدين اللباس التقليدي المغربي، بل إن كثيرا منهن يعرفن المغرب من خلال ذات اللباس.
الأكثر من ذلك، أنه عندما تظهر إحدى الأميرات بلباس تقليدي مغربي، في مناسبة ما فإن كثيرا من المغربيات أو على المستوى العربي، يقلدنها ويقصدن الحرفيين لإنجاز نسخ مشابهة لذات اللباس التقليدي، ويتخذنه ضمن لباس الموضة الجديدة، مما يعني أن للباس الأميرات تأثير كبير على ترويج القفطان المغربي. ليس لأنهن أميرات فقط، بل لأن أذواقهن رفيعة وراقية تراعي جميع الجوانب المرتبطة بأناقة اللباس وجودته وجماليته، الشيء الذي يدفع الكثيرين إلى استنساخه وتقليده. إضافة إلى أن الأميرات يظهرن أكثر روعة وهن بلباس مغربي، أحسن بكثير من ارتدائهن الزي العصري. لأن الشخصية المغربية تبدو بارزة جدا في الزي الأصيل، والدليل على ذلك كون مجموعة من الفنانات العربيات يفضلن الظهور في المناسبات بالقفطان المغربي، لأنه بالإضافة إلى كونه رائعا وجميلا في مظهره، فهو مريح في ملبسه، خلافا للباس العصري الذي يفرض طقوسا مختلفة على مرتديه.
عن أسبوعية " المشعل"
التعليقات (0)