إلى صديقي البعيد الأخضر...
لا يشبه إلا نفسه...
كالصاعد من فوهة جهنّم ، يغازل بعجب ذاته المنهكة و روحه البائسة ، تكاثرت من حوله الأحلام ، و احتشدت داخله كوابيس قارضة ... ارتعدت فرائصه... اشدّ تمسّكه بخيطه الرّفيع ...، استفاق عندما انقطع تيار الكهرباء...و تشابهت الشوارع وصارت مقطعا طوليا لدائرة قطرها متماسك ، تزحف باتجاهه ...تقول رواية : إنّه طلب من كاهن كلاسيكي أن يفسّر له رؤياه القديمة التي دوّنها في مذكرته و لم يخبر بها أحدا ، و كتم غيظه ...وبقي حلمه يراوده ...يعدّ للمدينة الجميلة عرسها لكنّه لم يجد ما يقول سوى : إنّني أحبك يا مديني الجميلة ، أنا مجنون بك ، أنا التاريخ الذي ضاع مع أحلامكم القديمة سأضحي بكل ما لديك عفوا ما لدي من أجلك...، ها أنا ذا استرجع لك مجدك في هذا الليل البهيم ، و من حولي رجال أشدّاء ، و كلاب يحسنون النباح و العض جئت بهم من الضيعة الفاسدة لعلّي أصلحهم و أصلحك...، تحميك من نفسك ، لعلها مفاجأة يا مدينتي العزيزة يا خضرائي ، يا حلمي يا جنوني ...، إنّي أخشى أن يتخطفك العدو منك ...مني ، أعشقك كهذا الليل الذي لا أعرف نهايته ، صار فجرا يقلقني و بحرا تقلقني أمواجه ...سأحاسبه ...و أقهر صانعيه سأقاتله بكل شجاعة ...لست جبانا كما يتهمونني ، ما ذا فعلت غير أنّي أخلِّصك منه و من عذابك و أعيد لك قيودك قبل أن تتكسر... ماذ فعلت غير أنّي غرست في حقولك "الطحين و الجبن" أفضل ما يغذيك و يعلي شأنك ، ستموتين شجاعة كالتي تعلمتها مني...، أعلم أنّك تبكين ابنك المهاجر...غدا سيعود وفي يده شهادة ليبني مسارح و ملاعب و ميادين للتدريب ، و يعزّ علي أن أتركك للمياه المنهمرة ، تتدفق كثيرا في شوارعك الجميلة المخيفة... و لكنّ إعلمي أنّ بكاءك فرحي الشديد ، غدا ستضحكين كثيرا... ، عودي إلى الانتظار كطفل يحبّني ...وسأشتري لك شيئا تحبينه كثيرا و لكنّني لا أعرف ما ذا تريدين... ، فهمتك أخيرا فقد قالها قبلي رجلان صالحان في غابر الأزمان فعاشت مدينتاهما في عز و نبات و ثبات و هما يرقدان في أسرّة من بياض ... يتنعمان بالهدوء التام ...و ها أنتِ يا حبيبتي أريدك أن تشبهيني .
التعليقات (0)