لا يا هنية...
القاهرة - العهد - الرصد الاخباري-ناجي ابو لحيه -اسامة الرنتيسي
هل يصدق أحد أن حركة حماس تفرض رسوما على ما يدخل القطاع من بضائع عبر الأنفاق؟ وهل يصدق أحد أن الحركة تأخذ رسوم بناء لهذه الأنفاق؟
إسماعيل هنية، مدرّس الألعاب في مدارس غزة وإمام مسجد الجورة والمتزوج من ثلاث نساء ويعيل 15 ابناً والذي أصبح فجأة رئيسا للحكومة الفلسطينية، قال أمس إن الحصار على قطاع غزة يوازي الاستيطان في الضفة الغربية. وأضاف «إن الحصار المضروب على غزة لا يختلف في نتائجه السالبة عن الاستيطان وجدار الفصل العنصري ومصادرة الأراضي وتهويد القدس الذي تقوم به إسرائيل».
إذا كان هنية يوازي بين حصار غزة، وكل الممارسات الإسرائيلية التي تقوم بها في القدس وجدار الفصل العنصري والاستيطان، فهذا عمى سياسي يدل على خلط الثوابت الوطنية في بوتقة مصلحية فقط.
الحصار على غزة مرفوض وجريمة سياسية، لكنه لا يمكن أن يوازي تهويد القدس، ولا ما فعله جدار الفصل العنصري في تمزيق أراضي الضفة الغربية، ولا ما قرضه الاستيطان من أفضل الأراضي الفلسطينية.
الحصار بالحسبة السياسية، بعيدا عما تسبب به من أوجاع لسكان قطاع غزة، هو الذي أدام حياة حركة حماس، وهو المشجب الذي تعلق عليه الحركة فشلها باللجوء إلى الشق الإنساني أمام العالم وتشغل إعلامها الفضائي نحوه، والحصار أيضا هو الذي أنتج اقتصاد الأنفاق.. للأسف، فقدت حماس القدرة على النظر إلى الأمور من زاوية صحيحة، وصارت زاوية النظر الوحيدة، في كثير من الأحيان، هي الزاوية الانقسامية. وهذا أخطر ما يمكن أن تصل إليه الأوضاع الفلسطينية في انحدارها السياسي، وابتعادها عن الهموم الوطنية العامة، واستغراقها في الاحتراب الداخلي بأشكاله المختلفة.وإذا كان يسجل على الجهات المحسوبة على السلطة الفلسطينية تدني اهتمامها بقطاع غزة وبفك الحصار عنه، فإنه يسجل في الوقت نفسه على الجهات المحسوبة على حماس تدني اهتمامها بقضية القدس وبوقف تهويدها ومحو ملامحها الفلسطينية والعربية.
قيادة حماس، ولأنها عبقرية في الفهم السياسي والرؤية الإستراتيجية، أعلنت أمس أن تحقيقاتها الأولية في حادث مقتل جندي مصري على الحدود مع قطاع غزة قبل أيام، تشير إلى أن الرصاص أطلق عليه من داخل الأراضي المصرية. وقال سامي أبو زهري (ما غيره) الناطق باسم حركة حماس، للصحافيين في غزة، إن لدى حركته «معلومات تؤكد أن الجندي المصري أصيب بنيران مصرية انطلقت من الجانب المصري، وكانت تستهدف شبابا فلسطينيين على الجهة الفلسطينية».
مقتل الجندي المصري قضية يجب أن توجع حماس بالقدر الذي توجع مصر وكل عربي، ولهذا فإن التنصّل السخيف منها لا ينفع أحدا، وفي الوقت ذاته لم توجّه مصر رسميا الاتهام بمقتل الجندي إلى حركة حماس، بل حمّلتها المسؤولية عن قتله، نتيجة الفوضى التي وقعت عند المعبر لحظة دخول قافلة شريان الحياة.. فلمصلحة مَن اللعب بالنار بهذا الشكل؟ولأن أبو زهري (ذكي سياسيا مثل جماعته)، فقد اتهم الحكومة المصرية بتضخيم حادث مقتل الجندي «بهدف التغطية على بناء الجدار الفولاذي الذي تبنيه مصر على الحدود لغرض تشديد الحصار على قطاع غزة».
ما يثير الضحك حدّ السخرية، أنه بعد كل هذا الخواء السياسي والتهريج الإعلامي، تطالب اللجنة الحكومية لكسر الحصار في الحكومة الفلسطينية المقالة السلطات المصرية بتسهيل مهمة دخول وفد البرلمانيين الأوروبيين إلىقطاع غزة.
التعليقات (0)